منهاج السنة للرد على الشيعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الأحد مايو 19, 2024 6:28 pm
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
منهاج السنة
لا اله الا الله محمد رسول الله
لا اله الا الله محمد رسول الله
منهاج السنة


التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان Vitiligo-ae30eb86b8التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان Iraqiaabc6667cb59
عدد المساهمات : 897
تاريخ التسجيل : 27/10/2012

التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان Empty
مُساهمةموضوع: التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان   التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 07, 2012 12:01 pm

التكفير
والقتال – عرض ثم رد وبيان



عبدالعزيز بن محمد العبداللطيف


إن من أشد الشبهات التي أثيرت على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله –
شبهة: التكفير والقتال، وحتى يأخذ هذا الفصل حقّه بشيء من الاستيفاء، فإنه من
المناسب أن نورد هذه الشبهة بنوع من الإطناب والتفصيل – كما جاءت مسطورة في كتاب
المناوئين لهذه الدعوة السلفية – ثم نتبعها بالرد والبيان.
وهناك دوافع وأسباب كثيرة لزيادة العناية بهذا الفصل،
والاهتمام به - أكثر من غيره من فصول هذه الرسالة-، نذكر من هذه الأسباب ما يلي:

أولاً: إن مسألة التكفير والقتال من أهم المسائل
وأكثرها خطورة في أبواب العقائد، فلابد من إعطاء تصور تام، وفهم شامل لهذه
المسألة؛ لأن التصور الناقص والفهم القاصر لهذه المسألة يؤدي إلى الوقوع في طرفي
نقيض، فإما غلو في التكفير كحال الخوارج، أو تمييع وتذويب لمسألة التكفير كما هو
حال المرجئة ،كما تظهر أهمية هذه المسألة، لما يترتب عليها من النتائج والآثار
الخطيرة في كلا الدارين: الدنيا والآخرة كاستباحة الدماء، وحل الأموال، وغيرها –
مما جاء مفصلاً في كتب الفقه، في باب حكم المرتد _.
ثانياً: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله –
وكذا أتباعه من بعده وأنصار دعوته، قد اعتنوا بهذه المسألة عناية فائقة، ووضحوا
ما أشكل فيها وبيَّنوها، وفصَّلوها تفصيلاً شافياً كافياً.
(كان الشيخ يحذر من نواقص الإيمان ومبطلاته، ويبينها، ويبعدها عن المسلمين، ويبعد
المسلمين عنها، بكل ما استطاع.
ولقد اهتم بذلك أيما اهتمام، حتى كاد أن يستأثر هذا الجانب بكل همته كما كاد أن
يستأثر بالواقع في بداية الإصلاح؛ لأن مشكلة العالم الإسلامي تكمن في هذه
الناحية، وكيد الشيطان يتركز في هذا الجانب) (1).
ثالثاً: احتاجت مسألة التكفير والقتال هذا
الاهتمام، نظراً لكثرة من رمى هذه الدعوة السلفية بشبهة (التكفير والقتال)، فما
أكثر من أثار هذه الشبهة على دعوة الشيخ، وسيتضح ذلك جلياً عند نقل أقوال
المناوئين في ذلك.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى أن بعض العلماء المحققين ممن عرف عنهم
سلامة المعتقد، قد تأثروا بتلك الشبهة وصدقوا تلك الدعوى – بكل ما فيها من حق أو
باطل _.
كما هو واضح من حال الإمام محمد بن علي الشوكاني، حيث يقول الشوكاني – عن الشيخ
محمد بن عبد الوهاب وأتباعه _.
(ولكنهم يرون أن من لم يكن داخلاً تحت دولة صاحب نجد، وممتثلاً لأوامره خارج عن
الإسلام) (2).
كما أن الشيخ محمد بن ناصر الحازمي قد تأثر بتلك الدعاوى.. فذكر الشيخ محمد بن
عبد الوهاب، وأثنى عليه خيراً، ومدحه بحسن الاتباع …، ولكن أنكر عليه خصلتان ,
الأولى: تكفير أهل الأرض بمجرد تلفيقات لا دليل عليها..، والأخرى: التجاري في سفك
الدم المعصوم بلا حجة ولا برهان.(1)
وكذا الشيخ محمد صديق حسن، صدّق هذه الشبهات، فأعلن في كتابه. (ترجمان الوهابية)
براءة أهل الحديث من الوهابيين، لأن الوهابيين – كما يذكر محمد صديق حسن - يعرفون
بإراقـة الدماء، وينص محمد صديق – عفا الله عنه – أن مصدره في هذه المعلومات هي
كتب العلماء المسيحيين !. (2)
وممن تأثر وصدّق هذه الدعاوى، الشيخ أنور شاه كشميري، فزعم – عفا الله عنه – أن
الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – يتسارع إلى الحكم بالتكفير (3).
رابعاً: إن هذه المسألـة تميزّت عن غيرها، أن
الكثير من المخالفــين من عهد الشـيخ محمد بن عبد الوهـاب - رحمه الله - يوافقونه
فيما دعا إليه من بيان التوحيد وتقريره، والنهي عن الشرك والتحذير منه، وسد
ذرائعه، دون أن يوافقوه في مسألة التكفير والقتال.
ومما يدل على ذلك ما قاله الشيخ بنفسه رحمه الله حاكياً حال خصومه: (وإذا كانوا
أكثر من عشرين سنة يقرون ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، أن التوحيد الذي أظهره هذا
الرجل هو دين الله ورسوله، لكن الناس لا يطيعوننا، وأن الذي أنكره هو الشرك، وهو
صادق في إنكاره، ولكن لو يسلم من التكفير والقتال كان على حق … هذا كلامهم على
رؤوس الأشهاد)(4).
ويقول الشيخ – في موضع آخر – مبيناً وجه مخالفة خصومه:
(فلما أشتهر عنى هؤلاء الأربع _ (5)، صدقني من يدعي أنه من العلماء في جميع
البلدان، في التوحيد، وفي نفس الشرك، وردوا على التكفير والقتال) (1).
ويذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – لإخوانه تلك الشبهة والجواب عليها:

(ولكنهم يجادلونكم اليوم، بشبهة واحدة، فاصغوا لجوابها، وذلك أنهم يقولون كل هذا
حق، نشهد أنه دين الله ورسوله، إلا التكفير والقتال، والعجب ممن يخفى عليه جواب
هذا، إذا أقروا أن هذا دين الله ورسوله، كيف لا يكفر من أنكره (2)، وقتل من أمر
به (3) وحسبهم … إلى آخر جوابه رحمه الله) (4).
فهذه بعض الدوافع التي أدت إلى التوسع والإطالة – نوعاً ما – في هذا الفصل،
ونظراً لطول هذا الفصل وتعدد قضاياه، فقد قسمته إلى سبعة مباحث على الترتيب
الآتي:

المبحث الأول : مفتريات الخصوم وأكاذيبهم على الشيخ محمد بن عبد
الوهاب في مسألة التكفير مع الرد والدحض لها.

المبحث الثاني : فرية أن الوهابيين خوارج، وأن نجد اليمامة قرن
الشيطان مع الرد والدحض.

المبحث الثالث : شبهة أن الوهابيين أدخلوا في المكفرات ما ليس منها
عرض ثم رد.

المبحث الرابع : شبهة مخالفة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لابن تيمية
وابن القيم في هذه المسألة – عرض ثم رد.

المبحث الخامس : شبهة عدم طروء الشرط على هذه الأمة - عرض ثم رد.

المبحث السادس : شبهة تنزيل آيات في المشركين على المسلمين - عرض ثم
رد.

المبحث السابع : شبهة خروج الشيخ على دولة الخلافة – عرض ثم رد.




المبحث الأول
مفتريات الخصوم وأكاذيبهم على الشيخ
محمد بن عبد الوهاب في مسألة التكفير – مع الرد والدحض لها


إن كتب ورسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكذا رسائل ومؤلفات أئمة
وعلماء الدعوة، وأنصارها، قد بينت مسألة التكفير والقتال، وأعطت المسألة حقها من
البيان الوافي، والتفصيل التام.
ومع كل هذا البيان والتفصيل، نجد أن هؤلاء الخصوم يفترون على دعوة الشيخ، الكذب
والبهتان، ويختلقون من عند أنفسهم الإفك وإلصاق التهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون،
فليس عندهم نقل صحيح، ولا يملكون دعوى بدليل.
لقد بينت هذه الدعوة السلفية، في باديء الأمر، عقيدة التوحيد، وقرر علماؤها عقيدة
التوحيد بأقوى الأدلة وأوضح البراهين، وألفوا في بيان التوحيد وتقريره، الكثير من
الكتب والرسائل.
لقد اهتم علماء الدعوة بتقرير التوحيد أولاً؛ لأنه أول واجب على المكلف، - كما هو
معلوم -؛ ولأن من تصور حقيقة التوحيد تصوراً تاماً، فإنه لزاماً أن يتصور حقيقة
ما يناقض التوحيد..
ويوضح هذا ما كتبه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في (منهاج التأسيس):

(أعلم أن من تصور حقيقة أي شيء على ما هو عليه في الخارج، وعرف ماهيته بأوصافها
الخاصة، عرف ضرورة ما يناقضه ويضاده، وإنما الخفا بلبس إحدى الحقيقتين، أو بجهل
كلا الماهيتين، ومع انتفاء ذلك، وحصول التصور التام لهما، لا يخفى ولا يلتبس
أحدهما بالآخر، وكم هلك بسبب قصور العلم، وعدم معرفة الحدود، والحقائق من أمة،
وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمَّه، ومثال ذلك أن الإسلام والشرك نقيضان لا
يجتمعان، ولا يرتفعان، والجهل بالحقيقتين، أو أحدهما أوقع كثيراً من الناس في
الشرك، وعبادة الصالحين، لعدم معرفة الحقائق وتصورها، وإن ساعد الجهل وقصور العلم
عوائد مألوفة، استحكمت البليَّة وتمكنت الرزيَّة..)(1).
ولم يقصر علماء الدعوة جهدهم على تقرير عقيدة التوحيد فحسب، بل تجاوزوا ذلك.. إلى
أن حذروا من الشرك.. فذكروا نواقض الإسلام، وأوردوا أنواع الشرك والكفر وأقسامه،
تحذيراً للأمة وكشفاً للغمة، كما سدّوا وسائل الشرك وذرائعه، فرحمهم الله جميعاً.

وإن نظرة سريعة إلى آثارها العلمية ومواقفهم العملية – في هذا المجال – لتعطي
الجواب الوافي، والبيان الشافي لمسألة التكفير والقتال ولكن أكثر الناس لا
يعلمون.
وسنورد الآن مفتريات الخصوم وأكاذيبهم على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في
مسألة التكفير والقتال – كما جاءت مدونة في مؤلفاتهم أو منقولة عنهم من غيرهم.

ثم نأتي بالردَّ والدحض، وذلك من خلال ما كتبه بعض أئمة هذه الدعوة السلفية.
من أوائل الكذّابين، ممن تولوا كبر هذا البهتان، ابن عفالق فقد افترى على الشيخ
محمد بن عبد الوهاب، ورماه بتكفير المسلمين، فقال ابن عفالق عن هذا الإمام المجدد
في جوابه على رد ابن معمر:
(وهذا الرجل كفَّر الأمة، بل والله وكذّب الرسل، وحكم عليهم وعلى أممهم بالشرك).
(1)
ويقول ابن عفالق – مخاطباً عثمان ابن معمر:
(فجعلتم تكفير العترة النبوية، وسبّهم، ولعنهم، أصلاً من أصول دينكم)(2).
ويستمر ابن عفالق – في إفكه – منفراً ابن معمر عن الانتصار لهذه الدعوة السلفية،
فيصف ابن عفالق الشيخ الإمام بأنه:
(حلف يميناً بالله فاجرة أن اليهود والمشركين أحسن حالاً من هذه الأمة)(3).
ويخاطب ابن عفالق الشيخ الإمام في رسالة سمّاها (تهكم المقلدين في مدعي تجديد
الدين)، ويصفه بأنه قد ضلل وشتم هذه الأمة، وحكم عليها بالزيغ – حتى صحابة رسول
الله صلى الله عليه وسلم -، فقال الأفاك الأثيم:
(وقفت على القواعد التي بنيت عليها مذهبك.. فوجدتك قد ارتقيت فيها مرتقاً صعباً …
شتمت فيه الأئمة، وسببت به أعلام الأمة، وهدمت به قواعد الملَّة المحمدية، وثلبت
به جميع الأئمة المحمدية، حتى ارتقيت فيه إلى الجزم بزيغ أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم والأئمة الأربعة..) (4).
وينعق القباني بفرية التكفير والقتال، فيزعم أن الشيخ:
(كفّر هذه الأمة بأسرها، وكفّر كل من لم يقل بضلالتها وكفرها..) (5).
ويتهكم – القباني – بالشيخ المجدد وأتباعه، ويصور حالهم يوم القيامة فيقول
مستهزئاً:
(.. وجاء كل واحد من الأنبياء والمرسلون ومعه الألوف من أمته، وجاء النبي الكريم
وليس معه من أمته إلا النفر اليسير من أهل العيينة(6)، وأما الباقون فكلهم مخلدون
في النار مع الكفار، مع ما لهم من كثرة الطاعات وأنواع العبادات) (7).
ويقول ابن سحيم – الخصم العنيد – في رسالته التي بعثها إلى علماء الأمصار محرضاً
على الشيخ الإمام، ومنفراً عن دعوته، فيذكر تلك الفرية:
(ومنها أنه ثبت أنه يقول: الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء) (Cool.
ثم يزيد ابن سحيم في إفكه وكذبه وهو يقول:
(ومن أعظمها أنه من لم يوافقه في كل ما قاله، ويشهد أن ذلك حق، يقطع بكفره، ومن
وافقه، ونحى نحوه، وصدّقه في كلَّ ما قال، قال: أنت موحَّد، ولو كان فاسقاً محضاً
أو ما شاء..) (9).
ويخاطب المدعو محمد بن محمد القادري الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود – لما
بلغته رسالة هذا الإمام -، فكان من خطابه هذا الإفك:
(فإنك لو تدبرت فيه بعين بصيرتك واعتبرت بها، لما كنت تحكم على الأمة المحمدية
بالشرك الأكبر، من غير برهان، وليس هذا إلا شقاوة وخسران وحرمان) (1).
ويذكر - هذا القادري - بعد اطلاعه على رسالة الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود
ما نصه - في وصف الإمام عبد العزيز (بأنه حكم على عوام المؤمنين والعلماء
العاملين من أمة سيد الأنبياء والمرسلين بالشرك الأكبر..)(2).
ويخترع (الحداد) لفرية التكفير والقتال أوجهاً جديدة، فكان من إفكه – على الشيخ
الإمام – ما نصّه:
(إذا أراد رجل أن يدخل في دينه، يقول له اشهد على نفسك أنك كنت كافراً، واشهد على
والديك أنهما ماتا كافرين، واشهد على العالم الفلاني والفلاني أنهم كفّار وهكذا،
فإن شهد بذلك قبله، وإلا قتله..)(3).
ويخاطب الحداد الشيخ الإمام بهذا الكذب، فيقول:
(أيها النجدي كيف لا ترضى بالأحياء أن تجعلهم مشركين حتى تعديت أيها النجدي على
أموات المسلمين من سنين عديدة تقول ضالين مضلين، حتى عينت أناساً من أكابر
العلماء المحققين وأئمة مقتدى بهم صالحين..)(4).
ثم يدعو – هذا الحداد – إلى الشرك عن طريق الاستغاثة بالأموات، لمجرد مخالفة هذا
النجدي، فيقول:
(وينبغي اليوم في هذا الوقت من الحوادث التي حدثت في الثلم في الدين باعتقاد
العامة قول البدعي أن الاستغاثةشرك، فالعالم والمقتدى به ينبغي له أن يظهر
الاستغاثة(5) ليقتدى به …)(6).
ويزعم حسن بن عمر الشطي في تذييله الذي كتبه في نهاية (رسالة إثبات الصفات) هذا
الإفك، حيث يذكر من صفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
(تكفير المسلمين واعتقاده حل دمائهم وأموالهم وسبي ذراريهم) (7).
ويورد الشطي في تذييله – الآخر – الذي كتبه في خاتمة (رسالة في مشاجرة بين أهل
مكة وأهل نجد) أن هذه الرسالة – كما يزعم – (مدارها على تكفير المسلمين وحل
دمائهم وأموالهم) (Cool.
ومن أكاذيب الرافضي عبد الرؤوف على الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كذبه بأن الشيخ سفك
دماء آلاف المسلمين، يقول عبد الرؤوف:
(فكيف حال رجل قتل آلاف من المسلمين القائلة لا إله إلا الله محمد رسول الله
المتصدقين الصائمين الحاجين بيت الله الحرام، بل قتل الذريَّة والنسوان من غير
بغي منهم، ولا عدوان زعماً منه أنه من أهل التوحيد فقط، والمسلمون كلهم مرتدون)
(1).
ويكشف اللكنهوري عن إفكه حين افترى على الشيخ الإمام أنه يكفّر المسلمين ويستبيح
دماءهم، فكان من إفكه ما نصّه:
(اعلم أن عقيدته هو أن جميع المسلمين سوى أهل نحلته كفّار مشركون، يحل أموالهم
ودمائهم، ويجوز اتخاذهم عبيداً، ويستدل على ذلك بتلفيقات ما أنزل الله بها من
سلطان) (2).
ورمى عثمان بن منصور الشيخ الإمام بهذا الفرية، فكان من إفكه أنه قال: (قد ابتلى
الله أهل نجد بل جزيرة العرب، بمن خرج عليهم، وسعى بالتكفير للأمة خاصها وعامها،
وقاتلها على ذلك جملة، إلا من وافقه على قوله، لما وجد من يعينه على ذلك..) (3).
ويصف عثمان الشيخ الإمام بكذب بحت فيقول:
(ولكن هذا الرجل جعل طاعته ركناً سادساً للأركان الخمسة …) (4).
ويتحدث شيخ الكذب دحلان عن فرية التكفير والقتال للمسلمين..، فمن أكاذيبه
ومفترياته – ما ننقله بنصّه حيث يقول:
(فلا يعتقدون موحداً إلا من تبعهم فيما يقولون، فصار الموحدون على زعمهم أقل من
كل قليل.
وقال له أخوه سليمان يوماً: كم أركان الإسلام يا محمد بن عبد الوهاب فقال: خمسة،
فقال: أنت جعلتها ستة، السادس من لم يتبعك فليس بمسلم، هذا عندك ركن سادس للإسلام
(5).
ومن كذب دحلان قوله:
(وكانوا يصرحون بتكفير الأمة منذ ستمائة سنة، وأول من صرح بذلك محمد بن عبد
الوهاب، فتبعوه على ذلك، وإذا دخل إنسان في دينه، وكان قد حج حجة الإسلام قبل
ذلك، يقولون له حج ثانياً فإن حجتك الأولى فعلتها وأنت مشرك، فلا تسقط عنك الحج)
(6).
ويزيد دحلان في قبح كذبه، وشناعة إفكه، حيث يقول:
(وكان يقول لهم: إني أدعوكم إلى الدين، وجميع ما هو تحت السبع الطباق مشرك على
الإطلاق، ومن قتل مشركاً فله الجنة، فتابعوه، وصارت نفوسهم بهذا القول مطمئنة..)
(7) .
ويسود الزهاوي – كعادته في مؤلفاته – الصحائف بأكاذيبه، وأباطيله فيرمي الشيخ
الإمام بفرية تكفير المسلمين وقتالهم، يقول الزهاوي:
(ثم إنه صنف لابن سعود رسالة سماها (كشف الشبهات عن خالق الأرض والسموات)(1) كفّر
فيها جميع المسلمين، وزعم أن الناس كفار منذ ستمائة سنة) (2).
ويكذب الزهاوي – مرة أخرى – حيث يقول:
(فمما تمذهبت به الفرقة المارقة الوهابية من الأباطيل: تكفيرهم لكل من خالفهم من
المسلمين)(3).
ويكذب الزهاوي – ثالثة – فيقول:
(لو سأل سائل عما تمذهبت به الوهابية ما هو وعن غايته ما هي، فقلنا في جواب كلا
السؤالين هو تكفير كافة المسلمين، لكان جواباً على اختصاره تعريفاً كافياً
لمذهبها)(4).
ويورد أحد كذابي الرافضة فرية تكفير المسلمين وحل دمائهم، فيقول – بأسلوب المخادع
:-
(أراد الله أن يجعلهم فيما بينهم إخواناً وعلى العدو أعواناً.. فنقض ابن عبد
الوهاب تلك القاعدة الأساسية، وعكس الآية، فصار يكفر المسلمين، ويضرب بعضهم ببعض،
وما انجلت تلك الفترة إلا وهم بأيدي الأعداء ينقضون دعائم الدين.. الخ) (5).
ويدعي المبتدع أحمد رضا خان هذه الفرية، فيقول – حاكياً حال الشيخ الإمام ـ:
(الذي يسعده أن يكفر أجداده ومشائخه، وهو لا يكتفي بهذا، بل يكفر سائر المسلمين
ومن بينهم الأئمة والمشائخ … إن ابن عبد الوهاب قد أعلن عقب ظهور دينه الجديد أن
الأمة الإسلامية منذ ستمائة سنة تتخبط في ظلام الشرك، وقد ردد الوهابيون قول
زعيمهم فيما بعد) (6).
ثم يأتي محمد بن نجيب سوقية، فيسبق أقرانه إلى حضيض الكذب وقاع الإفك حيث يقول:

(إن مذهبهم تكفير الأموات، ورمي الأحياء بالشرك من الموحدين.. ولقائل أن يقول ممن
عرفت إسناد الكفر والشرك لعامة الموحدين من طرف الوهابية، فالجواب أن ذلك مصرح في
رسائلهم وكتبهم …). (7)
ومن أفراخ الخصوم في زماننا الحاضر، نورد أقوال ثلاثة منهم، ممن بهت الشيخ الإمام
– رحمه الله وكذا أتباعه – من بعده - وأنصار دعوته بفرية تكفير المسلمين واستحلال
دمائهم..
يذكر الشيعي محمد جواد مغنية تلك الفرية مقتدياً بأسلافه – الرافضة – في الكذب
والبهتان، فيقول:
(وليس من شك أنهم يريدون بالموحدين الوهابية أنفسهم، وبالمشركين جميع المسلمين
بدون استثناء). (Cool
ويورد حسين بن حلمي ايشيق تلك الفرية، فيقول في تعليقه على كتاب (الإيمان
والإسلام) لخالد البغدادي، أثناء كذبه على الوهابيين:
(ولا يحسبون غير أنفسهم مسلمين، ويكفرون ما عداهم، ويقولون أن أموالهم وأنفسهم
مباحة للوهابيين) (9).
ويورد ثالثهم وهو المدعو مالك بن داود – أحد أدعياء التصوف – في كتابه الذي سماه
(الحقائق الإسلامية) هذه الفرية، فكان من بهتانه:
(وبعض العلماء يسمون الدعوة الوهابية بـ (الدعوة الدموية)). (1)
ويزعم أن الوهابيين (مصممون على أن من لم يكن وهابياً فهو مشرك، يجب هجرانه ولا
يجوز التعامل معه فيما يخص الدين، أو الدنيا). (2)
ويكذب عليهم حين يقول:
(الغاية التي يسعون إلى تحقيقها هي إثبات السنية لهم خاصة، وتكفير جماعة المسلمين
من غيرهم). (3)
وبعد أن أوردنا بعض هذا الغث والركام لهؤلاء الخصوم، حين قذفوا دعوة الشيخ محمد
بن عبد الوهاب – رحمه الله – بتكفير المسلمين، ننتقل إلى سياق بعض ردود علماء هذه
الدعوة السلفية على تلك الفرية، وبيانهم للحقيقة – كما هي -، وسيتضح – يقيناً –
تهافت هذه الفرية وينكشف زيفها، وإن كثر قائلوها، فلا تعجبك كثرة الخبيث، فالزبد
يذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
لقد بلغت هذه الفرية الخاطئة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله -،
فتعددت ردوده وأجوبته عليها، ولأن فرية تكفير المسلمين واستباحة دمائهم قد شاعت
وذاعت في غالب بلاد المسلمين، وانتشرت انتشار النار في الهشيم، فقد حرص الشيخ –
رحمه الله – على تأكيد هذه الردود, وإعلان براءته مما ألحق به..، فأرسل هذه
الردود إلى مختلف البلاد.
فعلى النطاق المحلي في منطقة نجد، نلاحظ أن الشيخ قد بعث رسالة لأهل الرياض
ومنفوحه، ينفي تلك الفرية، يقول الشيخ الإمام رحمه الله:
(وقولكم إننا نكفر المسلمين، كيف تفعلون كذا، كيف تفعلون كذا. فإنا لم نكفر
المسلمين، بل ما كفرنا إلا المشركين). (4)
ويبعث رسالة لمحمد بن عيد أحد مطاوعة ثرمداء، يقول فيها:
(وأما ما ذكره الأعداء عني أني أكفر بالظن، والموالاة، أو أكفر الجاهل الذي لم
تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله).
(1)
وفي رسالته لأهل القصيم، يشير رحمه الله إلى مفتريات الخصم العنيد ابن سحيم
ويبريء نفسه من فرية تكفير المسلمين وقتلهم، يقول الشيخ الإمام:
(والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها، ولم يأت أكثرها على بالي،
فمنها قوله: أني أقول أن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وأني أكفر من توسل
بالصالحين، وأني أكفر البوصيري، وأني أكفر من حلف بغير الله.. جوابي عن هذه
المسائل أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم. (2)
ويؤكد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بطلان تلك الفرية، ويدحضها فيقول - في رسالته
لحمد التويجري -:
(وكذلك تمويهه على الطغام بأن ابن عبد الوهاب يقول: الذي ما يدخل تحت طاعتي كافر،
ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل
بالتوحيد، وتبرأ من الشرك وأهله، فهو المسلم في أي زمان وأي مكان، وإنما نكفر من
أشرك بالله في إلهيته بعد ما تبيّن له الحجة على بطلان الشرك…).(3)
ويؤكد الشيخ الإمام - مرة أخرى - بطلان تلك الدعوى، وأنها دعوى كذب وبهتان، فيقول
جواباً على سؤال الشريف.. (4)
(وأما الكذب والبهتان، فمثل قولهم: أنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من
قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه،
فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله..). (5)
ويبعث الشيخ رسالة لأحد علماء المدينة لدحض فرية تكفير الناس عموما، يقول الشيخ:

(فإن قال قائلهم أنهم يكفرون بالعموم فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، الذي نكفر
الذي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله، وأن دعوة غير الله باطلة ثم بعد هذا
يكفّر أهل التوحيد). (6)
ويكتب الشيخ الإمام إلى إسماعيل الجراعي صاحب اليمن تكذيباً لهذه الفرية قال
الشيخ:
(وأما القول بأنّا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء الذين يصدون به عن هذا
الدين، ونقول سبحانك هذا بهتان عظيم).(7)
ولما أرسل أحد علماء العراق وهو الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السويدي كتاباً
للشيخ الإمام يسأله عما يقوله الناس فيه … من تكفير الناس إلا من تبعه … فأجابه
الشيخ بجواب ذكر فيه كيد الأعداء ثم أعقبه برد فرية الخصوم:
(وأجبلوا علينا بخيل الشيطان ورجله، منها: إشاعة البهتان بما يستحي العاقل أن
يحكيه، فضلاً عن أن يفتريه، ومنها ما ذكرتم أني أكفر جميع الناس إلا من تبعني،
وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، ويا عجبا كيف يدخل هذا في عقل عاقل، هل يقول هذا
مسلم أو كافر أو عارف أو مجنون..) (1).
وينفي الشيخ حسين بن غنام فرية تكفير المسلمين عن الشيخ الإمام، ويؤكد أن الخصوم
هم الذين كفّروا الشيخ واستحلوا دمه، يقول رحمه الله – في وصف الشيخ ـ:
(إنه رحمه الله لما تظاهر ذلك الأمر والشأن، في تلك الأوقات والأزمان، والناس قد
أشربت منهم القلوب بمحبة المعاصي والذنوب، وتولعوا بما كانوا عليه من العصيان،
وقبائح الأهواء على كل إنسان، لم يسرع لها لسان، ولم يصمم منه لب أو جنان على
تكفير هؤلاء العربان، بل توقف تورعاً عن الإقدام في ذلك الميدان، حتى نهض عليه
جميع العدوان، وصاحوا وباحوا بتكفيره وجماعته في جميع البلدان، ولم يثبتوا فيما
جاءوا به من الإفك والبهتان، بل كان لهم على شنيع ذلك المقال إقدام وإسراع
وإقبال، ولم يأمر رحمه الله بسفك دم ولا قتال على أكثر الأهواء والضلال).(2)
ويفند الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب تلك الفرية، فيقول:
(وأما ما يكذب علينا ستراً للحق، وتلبيساً على الخلق، بأننا نكفر الناس على
الإطلاق، أهل زماننا، ومن بعد الستمائة، إلا من هو على ما نحن فيه، ومن فروع ذلك
أن لا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرر عليه بأنه كان مشركاً، وأن أبويه ماتا على
الشرك بالله … فلا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من
ذكر أولاً، كان جوابنا في كل مسألة من ذلك (سبحانك هذا بهتان عظيم)، فمن روى عنا
شيئاً من ذلك أو نسبه إلينا، فقد كذب وافترى، ومن شاهد حالنا، وحضر مجالسنا،
وتحقق ما عندنا علم قطعياً أن جميع ذلك وضعه علينا وافتراه أعداء الدين وإخوان
الشياطين، تنفيراً للناس عن الإذعان بإخلاص التوحيد لله تعالى بالعبادة وترك
أنواع الشرك الذي نص عليه بأن الله لا يغفره، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فإنا
نعتقد أن من فعل أنواعاً من الكبائر كقتل المسلم بغير حق، والزنا، والربا وشرب
الخمر، وتكرر منه ذلك، أنه لا يخرج بفعله ذلك من دائرة الإسلام ولا يخلد به في
دار الانتقام، إذا مات موحداً بجميع أنواع العبادة). (3)
ويدل على براءتهم - أيضاً – من تلك الفرية ما يقوله الشيخ عبد الله بن محمد بن
عبد الوهاب – في موضع آخر:
(إن صاحب البردة وغيره ممن يوجد الشرك في كلامه والغلو في الدين، وماتوا لا يحكم
بكفرهم، وإنما الواجب إنكار هذا الكلام، وبيان من اعتقد هذا على الظاهر فهو مشرك
كافر، وأما القائل فيرد أمره إلى الله سبحانه وتعالى، ولا ينبغي التعرض للأموات،
لأنه لا يعلم هل تاب أم لا..). (4)
ولما سئل الشيخ عبد العزيز بن حمد سبط الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن تلك الفرية،
كان جوابه رحمه الله – بعد أن ساق السؤال _:
(وأما السؤال الثاني وهو قولكم: من لم تشمله دائرة إمامتكم ويتسم بسمة دولتكم،
وهل داره دار كفر وحرب على العموم الخ.
فنقول وبالله التوفيق: الذي نعتقده وندين الله به، أن من دان بالإسلام وأطاع ربه
فيما أمر، وانتهى عما عنه نهى وزجر، فهو المسلم حرام المال والدم كما يدل عليه
الكتاب والسنة وإجماع الأمة. ولم نكفر أحداً دان بالإسلام لكونه لم يدخل في
دائرتنا، ولم يتسم بسمة دولتنا، بل لا نكفر إلا من كفره الله ورسوله، ومن زعم أنا
نكفر الناس بالعموم، أو نوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ببلده فقد
كذب وافترى). (1)
ومن الحجج الدامغة التي سطرها الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، وأزهق بها
فرية عثمان بن منصور حين قذف الشيخ الإمام بتكفير المسلمين وقتلهم، يقول الشيخ
عبد اللطيف في (مصباح الظلام) دحضاً لذلك:
(هذه العبارة تدل على تهور في الكذب، ووقاحة تامة، وفي الحديث: (إن مما أدرك
الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت). (2)
وصريح هذه العبارة أن الشيخ كفر جميع الأمة من المبعث النبوي إلى قيام الساعة إلا
من وافقه على قوله الذي اختص به، وهل يتصور هذا عاقل عرف حال الشيخ وما جاء به
ودعا إليه، بل أهل البدع كالقدرية والجهمية والرافضة والخوارج لا يكفرون جميع من
خالفهم، بل لهم أقوال وتفاصيل يعرفها أهل العلم، والشيخ رحمه الله لا يعرف له قول
انفرد به عن سائر الأمة، ولا عن أهل السنة والجماعة منهم، وجميع أقواله في هذا
الباب – أعني ما دعا إليه من توحيد الأسماء والصفات وتوحيد العمل والعبادات –
مجمع عليه المسلمين لا يخالف فيه إلا من خرج عن سبيلهم وعدل عن مناهجهم). (3)
كما يوضح الشيخ عبد اللطيف تورع جده – الشيخ الإمام – عن التكفير فيقول: (والشيخ
محمد رحمه الله من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر، حتى أنه لم يجزم
بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور، أو غيرهم إذا لم يتيسر له من
ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها). (4)
ويورد الشيخ عبد اللطيف – في إحدى رسائله – معتقد الشيخ الإمام في مسألة التكفير
فيقول:
(فإنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر، والكفر
بآيات الله ورسله، أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر كتكفير من عبد
الصالحين ودعاهم مع الله، وجعلهم أنداداً فيما يستحقه على خلقه من العبادات
والإلهية) (5).
ويؤكد الشيخ عبد اللطيف أن من عرف سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أدرك براءته من
تلك الفرية الكاذبة فيقول – رحمه الله -:
(كل عاقل يعرف سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، يعلم أنه من أعظم الناس
إجلالاً للعلم والعلماء، ومن أشد الناس نهياً عن تكفيرهم وتنقصهم وأذيتهم، بل هو
ممن يدينون بتوقيرهم وإكرامهم والذب عنهم، والأمر بسلوك سبيلهم، والشيخ رحمه الله
لم يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأجمعت الأمة على كفره كمن اتخذ الآلهة والأنداد
لرب العالمين)(1).
وتضمنت مناظرة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن لداود بن جرجيس، تفنيداً
لفرية تكفير الناس فيقول الشيخ عبد اللطيف:
(وأما القول بأنا نكفر الناس عموماً ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار
دينه، وأنا نكفر من لم يكفر ولم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب
والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله، سبحانك هذا بهتان عظيم)(2).

ويدحض الشيخ صالح بن محمد الشتري كذبهم، فيقول:
(وأما ما ادعاه أعداءه المعاصرون له أنه كفر بالعموم، أو يكفر بالذنوب أو يقاتل
من لا يستحق قتلاً، أو يستحل دمه وماله، فالجواب أن نقول سبحانك هذا بهتان عظيم،
ورسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب تبرأ فيهن مما نسب إليه أعداؤه وأن مذهبه مذهب
السلف الصالح..) (3).
ويجمل السهسواني الجواب على مفتريات شيخ الكذب دحلان في اتهام الشيخ الإمام محمد
بن عبد الوهاب فيقول:
(هذا كله افتراء بلا ريب على الشيخ، يعرفه من له رائحة من الإيمان والعلم
والعقل).(4)
ويقول أيضاً - بعد ذكر مفتريات أخرى لدحلان في قذف الشيخ الإمام بتكفير الناس -:

(الجواب على هذه الأقوال كلها أنها على طولها وكثرتها كاذبة خبيثة فلا تعجبك كثرة
الخبيث). (5)
وينفي السهسواني مزاعم دحلان التي رمى بها دعوة الشيخ في مسألة التكفير..، فيقول:

(أن الشيخ وأتباعه لم يكفروا أحداً من المسلمين، ولم يعتقدوا أنهم هم المسلمون،
وأن من خالفهم هم مشركون، ولم يستبيحوا قتل أهل السنة وسبي نسائهم … ولقد لقيت
غير واحد من أهل العلم من اتباع الشيخ، وطالعت كثيراً من كتبهم، فما وجدت لهذه
الأمور أصلاً وأثراً، بل كل هذا بهتان وافتراء).(6)
ومما قاله محمد رشيد رضا معلقاً - على الكلام السابق -:
(بل في هذه الكتب خلاف ما ذكر وضده، ففيها أنهم لا يكفرون إلا من أتى بما هو كفر
بإجماع المسلمين) (7).
ويورد الشيخ سليمان بن سحمان الدفاع عن الشيخ الإمام، ويبرأه من هذا البهتان
فيقول رحمه الله – حاكياً حال الشيخ:
(فإنه رحمه الله كان على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف
الأمة وأئمتها.. فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأجمع على تكفيره الأمة،
ويوالي كافة أهل الإسلام وعلمائهم.. ويؤمن بما نطق به الكتاب، وصحت به الأخبار،
وجاء الوعيد عليه من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، ولا يبيح من ذلك إلا
ما أباحه الشرع، وأهدره الرسول، ومن نسب إليه خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة من
سلف الأمة وأئمتها فقد كذب وافترى، وقال ما ليس له به علم …). (1)
وكتب أحمد الكتلاني في (الصيب الهطال) – دفاعا عن الشيخ في هذا المقام – قريباً
مما كتبه ابن سحمان (2).
وأجاب أحد علماء نجد على تلك الفرية، حيث تلقفها صاحب جريدة القبلة وزعم أن
الوهابيين يلزمون الناس بتكفير آباءهم وأجدادهم.
فكان جواب هذا العالم:
(وهذا من نمط ما قبله من الكذب والبهتان، والذي نقوله في ذلك أن من مات من أهل
الشرك قبل بلوغ هذه الدعوة إليه، فالذي يحكم عليه إذا كان معروفاً بفعل الشرك
ويدين به، ومات على ذلك، فظاهره أنه مات على الكفر فلا يدعى له، ولا يضحى له، ولا
يتصدق عنه. وأما حقيقة أمره فإلى الله تعالى فإن كانت قد قامت عليه الحجة في
حياته وعاند فهذا كافر في الظاهر والباطن، وإن كان لم تقم عليه الحجة فأمره إلى
الله. وأما من لا نعلم حاله في حال حياته، ولا ندري ما مات عليه، فإنا لا نحكم
بكفره، وأمره إلى الله فمن نسب إلينا غير هذا فقد كذب علينا وافترى وحسبنا الله
ونعم الوكيل)(3).
ويكذّب الشيخ محمد بن عثمان الشاوي هذا البهتان، فيقول في رسالته (القول الأسد):

(فإنا لم نكفر بالعموم، ولا نكفر إلا من قام الدليل القاطع على كفره، بصرفه حق
الله لغيره، ودعائه، والتجاءه إلى ما لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلا عن غيره
…).(4)
ويهاجم القصيمي في كتابه (الصراع) خصوم الشيخ – من الرافضة – مؤكداً براءة الشيخ
من فرية التكفير، وأن هؤلاء الرافضة أحق وأجدر بهذا الوصف فيقول:
(إن من عجائب الأيام وفكاهاتها المضحكة قوماً، المبكية قوماً آخرين، أن تذهب
الشيعة تتهم أهل السنة من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب بإكفار المسلمين وإحلال
دمائهم وأموالهم، في حين أن الشيعة تعلن على رؤوس الملأ ومسامع العالمين إكفار
خيار الأمة، وإكفار كبراء الصحابة، ومن تولاهم من فرق المسلمين، والذي يكفر خيار
الصحابة كالصديق وعمر وعثمان وعائشة ومعاوية وغيرهم .. كيف لا يمنعه الحياء من أن
يتهم أحدا بإكفار المسلمين..). (5)
من خلال هذه النقول المتعددة تظهر براءة الشيخ الإمام، وكذا أتباعه وأنصار دعوته
من مفتريات وأكاذيب الخصوم في مسألة التكفير، ومن طالع كتبهم وقرأ رسائلهم تبين
له صحة معتقدهم وسلامة فهمهم لمسألة التكفير، وإن اعتقادهم فيها هو عين اعتقاد
السلف الصالح.



المبحث الثاني :
فرية أن الوهابيين خوارج،
وأن نجد اليمامة قرن الشيطان مع الرد والدحض لها


هذا المبحث يرتبط – كثيراً – بالمبحث السابق، ففي المبحث السابق
تحدثنا عن فرية تكفير الوهابية للمسلمين، وفي هذا المبحث نتحدث عن فرية أن
الوهابيين خوارج، فهناك تداخل بين المبحثين، وذلك لأن الخوارج قد عرف عنهم
التكفير لأصحاب المعاصي من المسلمين، فجعل الخصوم الوهابيين كالخوارج في هذه
المسألة، ولهذا فلن نتحدث عن هذا الجانب تفصيلاً ففي المبحث السابق كفاية وغنية
عن التكرار، وإنما سنتحدث عن فرية الخصوم في رميهم للوهابيين بهذا الوصف – أي
الخوارج -، وذمهم والطعن فيهم لأنهم خوارج سيماهم التحليق (1)، ولأن بلادهم ومحل
ظهورهم هو نجد التي هي قرن الشيطان.. بلاد مسيلمة الكذّاب.. إلى آخر تلك الدعاوى
الباطلة، ثم نتبعها بالرد والدحض.
لقد تعددت مزاعم الخصوم بهذه الفرية الخاطئة، وتنوعت أباطيلهم، فمرة يتهمون الشيخ
بأنه من الخوارج، وأن سيماهم التحليق.. ومرة يطعنون في الشيخ الإمام وفي دعوته
بحجة أن موطنه نجد اليمامة، ونجد هي قرن الشيطان كما في الحديث، وهي موطن الزلازل
والفتن، وثالثة يزعمون أنه من نسل ذي الخويصرة التميمي.. إلى آخر هذه الترهات
والأباطيل.
ونلاحظ أن بن عفالق من أوائل المفترون في ذلك، حيث ينعى على الوهابيين بأن موطنهم
هو نجد –قرن الشيطان – وأنهم من بقايا فتنة مسيلمة الكذاب، يقول ابن عفالق في
رسالته لابن معمر:
(وفي فضل أهل الشام واليمن والحرمين وفارس ما يعرفه من له أدنى معرفة بالأحاديث
وأما أنتم يا أهل اليمامة ففي الحديث الصحيح عندكم يطلع قرن الشيطان، وأنتم لا
تزالون في شر من كذّابكم إلى يوم القيامة. إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار). (2)
ويقول: (فبماذا يجاوبون من هذه حالته ودعواه، أيدينون بالرجعة ويقولون هذا مسيلمة
قد ظهر بوادي حنيفة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المشهور أنهم لا
يزالون في فتنة من كذّابهم إلى يوم القيامة..). (3)
ويذكر سليمان بن عبد الوهاب الدليل على بطلان دعوة أخيه الشيخ الإمام، وهو أن
موطنه بلاد المشرق، بلاد مسيلمة الكذّاب، فيقول:
(ومما يدل على بطلان مذهبكم ما في (الصحيحين) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رأس الكفر نحو المشرق) …. فلو علم أن بلاد المشرق
خصوصاً نجد بلاد مسيلمة أنها تصير دار الإيمان، وأن الطائفة المنصورة تكون بها..
وأن الحرمين الشريفين واليمن تكون بلاد كفر تعبد فيها الأوثان، وتجب الهجرة منها،
لأخبر بذلك، ولدعى لأهل المشرق خصوصاً نجد، ولدعى على الحرمين واليمن وتبرأ منهم،
إذ لم يكن إلا ضد ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم عمَّ المشرق، وخصَّ نجد بأن منها
يطلع قرن الشيطان). (1)
ويسوق (الحداد) بعض تلك الفرية، فيزعم أن الشيخ الإمام هو قرن الشيطان يقول
الحداد في كتابه (مصباح الأنام):
(وقد استنبط العلماء من مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم (يطلع منها – أي نجد
– قرن الشيطان) من معجزاته، لأنه أتى بالياء للاستقبال؛ لأن مسيلمة لعنه الله، في
حياته عليه السلام طلع، وادعى النبوة، وهلك في خلافة الصديق..، ولم يطلع قرن
الشيطان إلا بعد الألف والمائة والخمسين، وهو محمد بن عبد الوهاب رأس هذه البدعة
وأسّها).(2)
ويورد (الحداد) بعضاً من علامات الخوارج، ليدعي - زوراً - وجودها عند الوهابيين
فيقول كاذباً:
(وأهم من ذلك كله ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الكثيرة المبينة
لعلامات الخوارج، مما يبين أن ابن عبد الوهاب وأتباعه منهم، ككونهم من نجد،
وكونهم من المشرق، ومعلوم أن نجدا شرقي المدينة، وكون سيماهم التحليق، مع كونهم
من المشرق). (3)
ويقول الحداد:
(قال السيد العلامة المنعمي في مطلع قصيدة له في الرد على النجدي لما قتل عدة لم
يحلقوا رؤوسهم قال:
أفي حلق رأسي بالسكاكين والحد حديث صحيح بالأسانيد عن جدي) (4)
ويأتي أفاك آخر، وهو المدعو عبد الرؤوف، حيث ساق حديث (اللهم بارك لنا في شامنا)،
وما ورد في شأن الخوارج من الأحاديث.. ثم قال:
(المراد به أصحاب ابن عبد الوهاب فإن شعارهم تحليق شعر رؤوسهم أجمع، وعدم اتخاذ
القنازع كما هو الأعراب قديماً وحديثاً، وإذا دخل الرجل في دينهم، أول ما يأمرونه
به حلق شعر رأسه أجمع، وبهذا تعرف الوهابية عن سائر الأعراب كما هو معروف،
فالحديث نص على رد الوهابية) (5).
ويدعي الصاوي – كذباً وتلفيقاً - أن علماء الدعوة وأتباعها خوارج (وأنهم يحسبون
أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون..). (6)
ويؤكد ابن عابدين – في حاشيته – هذا الإفك، فيزعم أن أتباع الشيخ الإمام يدخلون
في مسمى الخوارج.(1)
ويفتري محسن بن عبد الكريم على أتباع هذه الدعوة السلفية بأنهم خوارج، ويصفهم
بأنهم مارقة…(2)، ويتحدث عن فرية التحليق، فيقول:
(والتحليق الذي صار شعارهم فلا يقبلون من أحد الدخول فيما هم فيه حتى يحلق رأسه،
حتى قال المولى عبد الله بن عيسى في كتابه (السيف الهندي): إنه بلغني أنه حلق ناس
من أهل تهامة رؤوسهم على ضوء السراج نحو ستمائة رجل في ليلة واحدة فكيف
بالنهار..). (3)
ويقذع الرافضي اللكنهوري في السب والشتم، فيجعل الخوارج هم سلف الوهابيين، فكان
من إفكه أنه قال:
(وإن لهم أسوة في من سلف من الخوارج الحرورية، لعنهم الله، حيث كفروا أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وجميع المسلمين من أصحابه وأنصاره
بتلفيقات تشبهها أقوال هؤلاء الوهابية واستحلوا بذلك دماءهم وأموالهم.
ولو تأملت بصائب النظر في تاريخهم لوجدت الوهابية ممن يحذو حذوهم في العقائد.. ثم
إنك لو أمعنت النظر لوجدت شيوخ أولئك الخوارج من أهل نجد) (4).
ويزعم عثمان بن منصور أن نجد اليمامة هي قرن الشيطان، فيقول: (وقد امتنع الرسول
صلى الله عليه وسلم عن الدعاء لها لما دعا للشام ولليمن والمدينة، لما علم بعلم
الله ما يحدث فيها ومنها، وقال فيها (أولئك منها الزلازل والفتن، ومنها ما يظهر
قرن الشيطان). (5)
ويورد شيخ الكذب والبهتان أحمد دحلان، اتهامه لأنصار هذه الدعوة السلفية بفرية
التحليق فيقول:
(وكانوا يأمرون من اتبعهم أن يحلق رأسه، ولا يتركونه يفارق مجلسهم إذا تبعهم، حتى
يحلقوا رأسه، ولم يقع مثل ذلك قط من أحد من الفرق الضالة التي مضت قبلهم، فالحديث
صريح فيهم، وكان السيد عبد الرحمن الأهدل مفتي زبيد يقول: لا يحتاج أن يؤلف أحد
تأليفاً للرد على ابن بعد الوهاب، بل يكفي من الرد عليه قوله صلى الله عليه وسلم.
(سيماهم التحليق) فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم). (6)
ويتهم الرافضي محمد حسن الموسوي الوهابيين بأنهم على نهج الخوارج. ثم يقول كاذباً
(أن الوهابية أصحاب الزلازل والفتن بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم). (7)
ويدعي النبهاني أن نجد اليمامة هي قرن الشيطان، وأنها من بلاد المشرق التي ذمها
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول النبهاني في رائيته الصغرى:
أشار رسول الله للشرق ذمّه وهم أهله لا غرو أن أطلع الشـرا
به يطلع الشيطان ينطح قرنه رؤوس الهدى والله يكسره كسرا) (1)
وقد حشد الدجوي في مجلته (الأزهر) إحدى عشرة صفة من صفات الخوارج، وحملها - ظلماً
وبغياً - على أنصار وأتباع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.(2)
كما زعم الأفاك الأثيم، والكذاب اللئيم الرافضي (العاملي) أن الوهابيين يشبهون
الخوارج من ثلاث عشرة جهة.(3)
ويورد العاملي الأحاديث التي في ذم المشرق، وذم نجد، ليحملها على نجد اليمامة
(4). ثم يدافع عن موطنه – العراق -، فيقول نافياً أن تكون العراق هي نجد قرن
الشيطان-.
(وما يحكي عن بعض الوهابيين من أن المراد من نجد هو العراق؛ لأنها أعلى من الحجاز
والنجد في اللغة ما أشرق من الأرض، معلوم الفساد، فإن نجداً حيثما يطلق بلا قيد
يراد به بلادهم التي لا تسمى عرفاً إلا بهذا الاسم قديماً وحديثاً..) (5).
ويأتي العاملي بزور آخر، حيث يدعي أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب من عشيرة ذي
الخويصرة التميمي، وذلك لأن كلاهما من بني تميم، يقول العاملي:
(ومن الأخبار المرجح ورودها في الوهابية قوله صلى الله عليه وسلم في ذي الخويصرة
التميمي أن من ضئضيء هذا قوماً يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم.. فيكون المراد
من ضئضئه أي من أصله وعشيرته، لا من نسله وعقبه؛ لأن عشيرة الرجل هي أصله ومعدنه،
وذو الخويصرة وابن عبد الوهاب من أصل واحد، من عشيرة واحدة فكلاهما تميمي.(6)
ويدعي الزهاوي أن من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إخباره عن هؤلاء
الخوارج، يقصد أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -. (1)
ويزعم أحمد بن محمد الغماري أن دعوة الشيخ الإمام هي قرن الشيطان، فيقول: (ولما
طلع قرن الشيطان بنجد في أواخر القرن الحادي عشر، وانتشرت فتنته، كانوا يحملون
الأحاديث عليه وعلى أصحابه). (2)
ويردد أبو زهرة تلك الفرية - دون تورع أو تثبت - فيقول عن أتباع هذه الدعوة
بأنهم:
(كانوا يشبهون الخوارج الذين كانوا يكفرون مرتكب الذنب)(3).
كما أن الشيعي محمد جواد مغنية يزعم أن الوهابية لا تختلف عن الخوارج في مسألة
التكفير …. (4).
إن هذا الركام – من تلك الأكاذيب – الذي افتراه خصوم الدعوة السلفية ما يلبث أن
يتلاشى ويزول، فيكون كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وذلك عندما نسوق ما سطّره
بعض أتباع هذه الدعوة السلفية من الحجج الواضحة والأدلة الدامغة في دحض ذلك
البهتان.
لقد كذب الخصوم على الشيخ الإمام حين زعموا أنه يكفّر المسلمين بالذنوب فإن الشيخ
قد أوضح في هذه المسألة، فقال في رسالته لأهل القصيم:
(ولا أكفّر أحداً من المسلمين بذنب، ولا أخرجه عن دائرة الإسلام) (5).
ومع أن الإمام الشوكاني – رحمه الله – في باديء الأمر لم تبلغه معلومات موثقة عن
هذه الدعوة السلفية، إلا أنه لم يصدق تلك الدعاوى الكاذبة، فقال:
(وبعض الناس يزعم أنه يعتقد اعتقاد الخوارج، وما أظن ذلك صحيحاً) (6).
(سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر – رحمه الله -، فقال السائل: إنكم تكفرون
بالمعاصي.
فأجاب: ليس هذا قولنا، بل هذا قول الخوارج الذين يكفرون بالذنوب، ولم نكفّر أحداً
بعمل المعاصي، بل نكفّر من فعل المكفرات كالشرك بالله بأن يعبد معه غيره، فيدعوا
غير الله، أو يذبح له، أو ينذر له، أو يخافه، أو يرجوه، أو يتوكل عليه، فإن هذه
الأمور كلها عبادة لله بنص القرآن … إلى آخر جوابه رحمه الله)(7).
ويفند الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب فرية (التحليق) فيقول:
(وأما البحث عن حلق شعر الرأس، وأن بعض البوادي الذين دخلوا في ديننا قاتلوا من
لم يحلق رأسه، وقتلوا بسبب الحلق خاصة، وأن من لم يحلق رأسه صار مرتداً، والردة
لا تكون إلا بإنكار ما علم بالضرورة من دين الإسلام، وأنواع الكفر والردة من
الأقوال والأفعال معلومة عند أهل العلم، وليس عدم الحلق منها، بل ولم نقل إن
الحلق مسنون فضلاً عن أن يكون واجباً، فضلاً عن أن يكون تركه ردة عن الإسلام.
ونحن لم نأمر أح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minhaj.ahlamontada.com
منهاج السنة
لا اله الا الله محمد رسول الله
لا اله الا الله محمد رسول الله
منهاج السنة


التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان Vitiligo-ae30eb86b8التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان Iraqiaabc6667cb59
عدد المساهمات : 897
تاريخ التسجيل : 27/10/2012

التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان Empty
مُساهمةموضوع: رد: التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان   التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 07, 2012 12:03 pm

ويؤكد الشيخ عبد الرحمن بن حسن في رد شافي – على من احتج بحديث نجد قرن الشيطان –
أن الذم والمدح يقع على الحال لا على المحل، كما يذكر المراد بنجد قرن الشيطان،
فقال رحمه الله:
(.. الذم إنما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل، والأحاديث التي وردت في ذم
نجد كقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لنا في يمننا. اللهم بارك لنا في
شامنا) الحديث.. قيل إنه أراد نجد العراق؛ لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق ,
والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا
الحديث، فقد جرى على العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف
ذلك من له اطلاع على السير والتاريخ، كخروج الخوارج بها، وكمقتل الحسين، وفتنة
ابن الأشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة … وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من
القتال، وسفك الدماء وغير ذلك مما يطول عده.
وعلى كل حال فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن؛ لأن
الذم إنما يكون الحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل. وقد تقع المداولة
فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل
طاعة في زمن آخر، وبالعكس) (4).
ثم قال رحمه الله: (فلو ذم نجد بمسيلمة بعد زواله، وزوال من يصدقه، لذم اليمن
بخروج الأسود العنسي ودعواه النبوة …، وما ضرَّ المدينة سكنى اليهود بها، وقد
صارت مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومعقل الإسلام , ما ذمت مكة
بتكذيب أهلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشدة عدواتهم له، بل هي أحب أرض
الله إليه..).(5)
ويذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن في الرد على عثمان بن منصور، الذي وصف أهل هذه
الدعوة بأنهم خوارج، ونزل الأحاديث التي وردت في شأن الخوارج عليهم – في رده – أن
أهل هذه الدعوة من أبعد الناس عن مشابهة الخوارج، يقول:
(وأما أهل هذه الدعوة الإسلامية التي أظهرها الله بنجد، وانتشرت واعترف بصحتها
كثير من العلماء والعقلاء، وأدحض الله حجة من نازعهم بالشهادة، فهم بحمد الله،
يدعون إلى ما بعث الله به رسله من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له..) (1).
كما يبيّن الشيخ عبد الرحمن بن حسن - في موضع آخر - أن رأي أهل هذه الدعوة في
الخوارج هو رأي الصحابة رضي الله عنهم. (2)
ويقرر الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن المراد بالمشرق ونجد الذي ورد ذمه
في الحديث فقال:
(إن المراد بالمشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله هو العراق؛ لأنه يحاذي المدينة من
جهة الشرق، يوضحه أن في بعض طرق هذا الحديث: وأشار إلى العراق)، قال الخطابي: نجد
من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة، كان نجده بادية الشام ونواحيها فهي مشرق أهل
المدينة، وأصل نجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها، وقال
الداوودي: أن نجداً من ناحية العراق، ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في
مسلم عن ابن عمر قال: يا أهل العراق ما أسئلكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة، سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أن الفتنة تجيء من هاهنا، وأومأ بيده إلى
المشرق، فظهر أن هذا الحديث خاص لأهل العراق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسَّر
المراد بالإشارة الحسيّة، وقد جاء صريحاً في (المعجم الكبير) للطبراني النص على
أنها العراق. وقول ابن عمر وأهل اللغة وشهادة الحال كل هذا يعين المراد..)(3).

ويشير الشيخ عبد اللطيف إلى فضل بني تميم فيقول:
(وقد جاء في فضل أهل نجد كتميم، ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه
قال: أحب تميماً لثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لما جاءت
صدقاتهم هذه صدقات قومي، وقوله في الجارية التميمية: اعتقها فإنها من ولد
إسماعيل، وقوله: هم أشد أمتي على الدجال.. هذا في المناقب الخاصة، وأما العامة
للعرب، فلا شك في عمومها لأهل نجد؛ لأنهم من صميم العرب، وما ورد في تفضيل
القبائل والشعوب أدل وأصرح في الفضيلة مما ورد في البقاع والأماكن في الدلالة على
فضل الساكن والقاطن.
ومعلوم أن رؤساء عبّاد القبور الداعين إلى دعائهم وعبادتها لهم حظ وافر مما يأتي
به الدجال، وقد تصدى رجال من تميم، وأهل نجد للرد على دجاجلة عبّاد القبور الدعاة
إلى تعظيمها مع الله، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، إن قلنا إن (ال)
في الدجال للجنس لا للعهد، وإن قلنا أنها للعهد كما هو الظاهر، فالرد على جنس
الدجال توطئة وتمهيد لجهاده، ورد باطله فتأمله فإنه نفيس جداً). (1)
ويجيب الشيخ عبد اللطيف على من عاب الشيخ الإمام بدار مسيلمة، فيقول:
(ولا يعيب شيخنا بدار مسيلمة إلا من عاب أئمة الهدى ومصابيح الدجى بما سبق في
بلادهم من الشرك والكفر المبين، وطرد هذا القول جرأة على النبيين وأكابر
المؤمنين، وهذا المعترض (2) كعنز السوء يبحث عن حتفه بظلفه ولا يدري.
وقد قال بعض الأزهريين(3): مسيلمة الكذّاب من خير نجدكم. فقلت وفرعون اللعين رأس
مصركم، فبهت، وأين كفر فرعون من كفر مسيلمة لو كانوا يعلمون). (4)
ويرد الشيخ عبد اللطيف على ابن منصور حين طعن في نجد اليمامة؛ لأنها – على حد
زعمه – بلد نجدة الحروري والقرمطي، فيقول رحمه الله:
(ثم كون الحروري والقرمطي من هذه البلاد، كلام كذب وزور على عادته، فإن نجدة
ابتلي ببدعته ومروقه بالعراق، وبها استقر وهي وطنه، وأيضا فقد ثبت أنه تاب لما
ناظره ابن عباس. والقرمطي بلاده القطيف والخط، وليس من حدود اليمامة، بل ولا من
حدود نجد. ثم لو فرض أنه من نجد، ومن اليمامة ومن بلدة الشيخ أي ضرر في ذلك ؟
وهل عاب الله ورسوله أحداً من المسلمين أو غيرهم ببلده ووطنه، وكونه فارسياً أو
زنجياً أو مصرياً من بلاد فرعون، ومحل كفره وسلطته ؟ وعكرمة بن أبي جهل من أفاضل
الصحابة، وأبوه فرعون هذه الأمة)(5).
وقد تتبع الشيخ السهسواني في (صيانة الإنسان) الروايات في شأن نجد قرن الشيطان،
وساق أقوال العلماء في ذلك، ومرادهم بنجد هاهنا(6)، ثم قال:
(ولا يخفى عليك أن لفظاً من ألفاظ هذا الحديث، لا يقتضي أن كل من يولد في المشرق
يكون مصداقاً لهذا الحديث..
ومجرد وقوع الفتنة لا يستلزم ذم كل من يسكنه، بدليل ما رواه الشيخان عن أسامة بن
زيد قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة، فقال: هل ترون
ما أرى ؟ قالوا: لا قال: فإني لأرى الفتن تقع من خلال بيتكم كوقع المطر). (7)
وذكر المؤلف أحاديث أخرى، ثم قال:
(وهذه الأحاديث وغيرها مما ورد في هذا الباب دالة على وقوع الفتن في المدينة
النبوية، فلو كان وقوع الفتن في موضع مستلزماً لذم ساكنيه لزم ذم سكان المدينة
كلهم أجمعين، وهذا لا يقول به أحد، على أن مكة والمدينة كانتا في زمن موضع الشرك
والكفر، وأي فتنة أكبر منهما، بل وما من بلدٍ أو قريةٍ إلا وقد كانت في زمن أو
ستصير في زمان موضع الفتنة، فكيف يجتريء مؤمن على ذم جميع مسلمي الدنيا؟ وإنما
مناط ذم شخص معين كونه مصدراً للفتن من الكفر والشرك والبدع). (1)
كما ساق السهسواني الروايات التي تثبت أن العراق هو المراد في أحاديث الفتن في
نجد، وأنه المشرق بالنسبة للمدينة المنورة. (2)
ويقول السهسواني عن دعوى التحليق:
(وهذا كذب صريح وبهتان قبيح). (3)
ويقول علامة العراق محمود شكري الآلوسي عن بلده العراق – والتي هي في الحقيقة نجد
قرن الشيطان ـ:
(ولا بدع فبلاد العراق معدن كل محنة وبليّة، ولم يزل أهل الإسلام منها في رزية
بعد رزية، فأهل حروراء وما جرى منهم على الإسلام لا يخفى، وفتنة الجهمية الذين
أخرجهم كثير من السلف من الإسلام إنما خرجت ونبغت بالعراق، والمعتزلة وما قالوه
للحسن البصري وتواتر النقل به … إنما نبغوا وظهروا بالبصرة، ثم الرافضة والشيعة
وما حصل فيهم من الغلو في أهل البيت، والقول الشنيع في الإمام علي، وسائر الأئمة
ومسبّة أكابر الصحابة..، كل هذا معروف مستفيض). (4)
ويعلن الشيخ ابن سحمان براءتهم من الخوارج، فينشد هذه الأبيات:
ونبرأ من دين الخوارج إذ غــلوا بتكفيرهم بالذنب كل موحـد
وظنوه ديناً من سفاهة رأيهـــم وتشديدهم في الدين أي تشدد
ومن كل دين خالف الحق والهدى وليس على نهج النبي محـمد (5)
ويرد ابن سحمان إفك الحداد حين وصف أهل نجد بأنهم من ذرية مسيلمة الكذّاب، ويؤكد
أن العراق موطن الفتن؛ لأنها مشرق المدينة وليست اليمامة، يقول ابن سحمان:
(.. وآباء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلافهم كانوا على جاهلية، وشرك،
وعبادة للأصنام والأحجار وغيرها. ولا يتوجه عيب أحد منهم بأسلافه وقد يخرج الله
من أصلاب المشركين، والكفّار من هو خواص أوليائه وأصفيائه …). (6)
ويقول: (قد كان بلد الشيخ اليمامة، ولم تكن اليمامة مشرق المدينة، بل مشرق
المدينة العراق ونواحيه، فاليمامة، ليست مشرق المدينة، ولا هي وسط المشرق بين
المدينة والعراق، بل اليمامة شرق مكة المشرفة..). (1)
ويبيّن عبد الكريم بن فخر الدين الهندي تحريف دحلان، ويرد عليه، ثم يذكر جواباً
على دعوى التحليق، فيقول – حين ذكر دحلان أن نجد جزيرة العرب هي قرن الشيطان ـ:

(انظر كيف صنيعه وتحريفه كلام الرسول وتضييعه، مع أن شرّاح الحديث يذكرون في ذيله
قتل عثمان رضي الله عنه، وواقعة الجمل وصفين، وظهور الخوارج.. ونحو ذلك، ولم
يعينوا مورده كما عين، مع أن حدوث الشيخ محمد بن عبد الوهاب خارج عن الموارد
المذكورة فيما هنالك). (2)
ويقول عبد الكريم أيضاً:
(وأما ما ورد في الخوارج سيماهم التحليق، فلا ينطبق على ما ادعاه فإن ترك الشعر
واللّمة سنة عند محمد بن عبد الوهاب وأتباعه، فإن كان صحيحاً يحمل أمره ذلك، فيمن
كان جديد الإسلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألق عنك شعر الكفر)
(3)) (4).
ويبيّن ناصر الدين الحجازي في (النفخة) المراد بالشرق وحده – أثناء رده على إفك
الأسكندراني – فيقول:
(إن الشرق اسم عام نهايته مطلع الشمس، وقد ظهر منه فتن كثيرة كفتنة جنكيزخان،
وهولاكو ومن بعده من التتار، واستطال الأمر، وقتلت الألوف المؤلفة من المسلمين
فما الذي حملت على أن تخصمه بأولئك المساكين الذين يضربون في الأرض، ليحصلوا
قوتهم من حلال ….). (5)
ويجيب الحجازي عن فرية التحليق فيقول – رحمه الله ـ:
(وأما ما ذكرته عن التحليق فذاك) كلام خرافة يا أم عمرو). (6)
وألف الشيخ حكيم محمد أشرف سندهو – رحمه الله – رسالة مستقلة بعنوان (أكمل البيان
في شرح حديث نجد قرن الشيطان(7))، جمع فيها روايات هذا الحديث، وذكر أقوال شرّاح
الحديث في بيان معناه، وكذا أقوال علماء اللغة، والجغرافيين، وأثبت – على ضوئها –
أن المراد بنجد قرن الشيطان هي العراق، ونوجز بعض ما أورده وهو يقول – بعد أن ساق
مرويات هذا الحديث ـ:
(مقصود الأحاديث أن البلاد الواقعة في جهة المشرق من المدينة المنورة، هي مبدأ
الفتنة والفساد ومركز الكفر والإلحاد، ومصدر الابتداع والضلال، فانظروا في خريطة
العرب بنظر الإمعان، يظهر لكم أن الأرض الواقعة في شرق المدينة إنما هي أرض
العراق فقط موضع الكوفة والبصرة وبغداد). (7)
ويقول - في موضع آخر -:
(واتفقت كلمة شرّاح الحديث وأئمة اللغة ومهرة جغرافية العراب أن النجد ليس اسماً
لبلد مخصوص، ولا اسماً لبلدة بعينها، بل يقال لكل قطعة من الأرض مرتفعة عما
حواليها نجد …). (1)
وقد رد الشيخ حمود التويجري في كتابه (إيضاح المحجة) على فرية الغماري فكان من
رده:
(أن الروايات الواردة في طلوع قرن الشيطان من المشرق كلها عن عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما، وقد صرح في بعضها أن المراد بالمشرق أرض العراق فبطل بذلك كل ما
يتعلق به الملاحدة على أهل الجزيرة العربية).(2)
ولما زعم الغماري أن المراد بطلوع قرن الشيطان بنجد هو ظهور الشيخ أعقبه التويجري
برد قال فيه:
(وهذا من البهتان والإثم المبين، لكونه وصفهم بصفة ذميمة لم ترد فيهم، وإنما وردت
في غيرهم، وقد قال الله تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا
فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) (3). وقد شهد علماء الدين للشيخ بأنه أظهر
توحيد الله، وجدد دينه، ودعا إليه، واعترفوا بعلمه وفضله وهدايته، وأثنوا عليه
نظماً ونثراً) (4).
ويقول العلامة ناصر الدين الألباني – معلقاً على حديث (اللهم بارك لنا في
شامنا..) بعد أن ساق طرقه ومروياته:
(فيستفاد من مجموع طرق الحديث أن المراد من نجد في رواية البخاري ليس هو الإقليم
المعروف اليوم بهذا الاسم، وإنما هو العراق، وبذلك فسره الإمام الخطابي والحافظ
ابن حجر العسقلاني … وقد تحقق ما أنبأ به عليه السلام، فإن كثيراً من الفتن
الكبرى كان مصدرها العراق كالقتال بين سيدنا علي ومعاوية، وبين علي والخوارج،
وبين علي وعائشة وغيرها مما هو مذكور في كتب التاريخ. فالحديث من معجزاته صلى
الله عليه وسلم وأعلام نبوته..) (5).
وينفي د. عبد الباري عبد الباقي أن يكون الوهابيين خوارج، فيقول:
(فعلى عكس الخوارج، لم يتبرأ الوهابيون من عثمان وعلي رضي الله عنهما). (6)
ويدحض القصيمي فرية التحليق – شعار الخوارج كما يقولون.. ـ، وينفي أن تكون منطبقة
على الوهابيين، فيقول:
(وهذا قول فاسد مردود، وبيان ذلك أن حجته في هذا القول، هي أن النجديين فيهم من
يحلقون رؤوسهم، وفاتهم أن معنى سيمى القوم، أي علامتهم التي بها يتميزون عن
غيرهم، وما به يعرفون ويختصون، وإذا كان الأمر مشتركاً بين الناس مشاعاً بين
أصنافهم، فليس سيمى الطائفة ولا علامة، وكذلك التحليق لا يمكن أن يكون سيمى لأحد
اليوم؛ لأن التحليق أمر تفعله أمم كثيرة في أقطار كثيرة من الأقطار الإسلامية،
فلا يمكن أن يكون سيمى النجديين يقيناً..). (1)
ويبطل القصيمي – دعوى الرافضي العاملي – أن الوهابيين خوارج فيقول: (إن الوهابيين
يشهدون بحق وصدق أن هؤلاء الذين أكفرهم الخوارج كعلي وعثمان ومعاوية ومن وافق
هؤلاء الصحابة من الصحابة والتابعين من أفضل البشر، وأصدقهم ديناً، وإيماناً
وسيرة وسريرة..)(2).


المبحث الثالث
شبهة أن الوهابيين
أدخلوا في المكفرات ما ليس فيها


نورد في هذا المبحث ما كتبه بعض الخصوم من مخالفات واعتراضات لما
قرره علماء الدعوة السلفية، فلقد خالف هؤلاء الخصوم، وادعوا أن الشيخ الإمام محمد
بن عبد الوهاب وأنصار دعوته قد أدخلوا في نواقض الإسلام ما ليس منها، وادعوا -
أيضاً - أن تلك المكفرات التي يؤكد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنها تخرج عن دائرة
الإسلام أنها ليست – في الحقيقة عندهم – مكفرات، بل هي دون ذلك …
ولو تتبعنا أقوال الخصوم في هذا المقام، لطال بنا الحديث وامتد دون حد أو حصر..
ولكن – ومن خلال التأمل في تلك الأقوال والنقول عنهم – لاحظت أن السبب الرئيس
لهذا الخلاف، هو الاختلاف في حد الكفر المخرج عن دين الإسلام بين أئمة الدعوة
السلفية، وبين هؤلاء الخصوم، فقد قرر أئمة الدعوة نواقض الإسلام وبينوا وميزوا حد
الكفر الأكبر من الأصغر، كما جاء هذا التقرير والبيان في نصوص القرآن ونصوص السنة
النبوية، وآثار السلف الصالح، أما أولئك المخالفين – من الخصوم – فقد خالفوا سبيل
المؤمنين، فلم يدركوا حد الكفر..، ولم يعرفوا معنى الكفر المخرج من الملة، لذا
فإنهم قد حصروا الكفر في حدود ضيقة جداً، فأخرجوا كثيراً من المكفرات – مما جاءت
الأدلة والبراهين على إثبات أنها من المكفرات ـ، وجعلوها غير داخلة في نواقض
الإسلام.
ولقد وقع الخصوم في اللبس والقصور لحقيقة الكفر، بسبب جهلهم بحقيقة التوحيد، فلما
لم يتصوروا حقيقة التوحيد تصوراً تاماً، ولم يفهموا حقيقة التوحيد فهماً سليماً،
وجهلوا بعض خصائص التوحيد، أدى بهم ذلك إلى التصور المبتور، والجهل بمعرفة ما
يناقض حقيقة التوحيد – إضافة إلى أثر العوائد المألوفة والتقليد الأعمى ـ، ومن ثم
جهلوا بعض أوصاف الكفر، فوقعوا – أي الخصوم – في بعض المكفرات، وأوقعوا العامة في
أدران الشرك ونجاساته(1)، ثم أنكر الخصوم على من أدرك الحق في ذلك، وخالف هؤلاء
الأدعياء في تصور حقيقة التوحيد، وحقيقة ما يناقضه.
إن التصور الناقض المبتور لحقيقة التوحيد – عند الخصوم – هو أنهم يعتقدون أن
التوحيد - الذي يجب على كل مكلَّف - هو توحيد الربوبية فقط، فمن أقر بأن الله هو
الخالق الرازق المدبر المحيي المميت.. ونحوها من صفات الربوبية، فهو الموحَّد،
وتصوروا – جهلاً وتقليداً – أن معنى شهادة لا إله إلا الله هو إثبات أن الله هو
الخالق والقادر على الاختراع، وجهلوا - أو تجاهلوا - أن معنى (الإله) بإجماع أهل
اللغة وعلماء التفسير والفقهاء هو المعبود، فيكون المراد بكلمة الشهادة: لا معبود
بحق إلا الله، أي صرف جميع أنواع العبادات لله وحده، وإثباتها له وحده – سبحانه،
ونفيها عما سواه عز وجل. (2)
وكأن هؤلاء الأدعياء لا يعلمون أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد قاتل مشركي
العرب مع إقرارهم بتوحيد الربوبية؛ لأنهم قد أنكروا توحيد العبادة ولم يعترفوا،
ولم يقروا بأن الله وحده هو المستحق للعبادة بجميع أنواعها فلا تصرف لمعبوداتهم
من الأحجار والأوثان والطواغيت.
ومما يدل على أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا
مقرَّين بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر.. ونحوها من أفعال الرب
سبحانه، ولم يدخلهم ذلك في دين الإسلام قوله تعالى:
(قل من يرزقكم من السماء والأرض، أم من يملك السمع والأبصار، ومن يخرج الحي من
الميت، ويخرج الميت من الحي، ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون). (1)
وهذا التوحيد الذي أقر به مشركوا العرب ولم يدخلهم في الإسلام هو الغاية عند
هؤلاء الخصوم.
وسنورد نماذج من أقوالهم – من كتبهم – توضح ما ذكرناه آنفاً، وتبين أن توحيد
الربوبية هو مقصودهم، وأن مخالفة ومناقضة هذا التوحيد هي الكفر – فقط -، ولو وقع
أحدهم في بعض أنواع المكفرات – المخرجة عن دين الإسلام – كمن ذبح لغير الله أو
نذر لغير الله أو استغاث ودعا المخلوقين – فيما لا يقدر عليه إلا الله -، فإنه لا
يعتبر بفعلها مرتداً، ما دام أنه يعتقد أن المؤثر في هذا الكون هو الله وحده …

ثم نورد نماذج أخرى من أقوالهم في تجويز تلك المكفرات – أو جعلها معاصي دون الكفر
المخرج عن الملّة – مثل الذبح لغير الله والنذر لغير الله والدعاء والاستغاثة
بغير الله، وإنكارهم على أئمة الدعوة خلاف ذلك، وعقب ذلك، نذكر الرد والبيان من
كلام الأئمة الأعلام أتباع هذه الدعوة السلفية على تلك الدعاوى.
يقرر ابن عفالق معنى التوحيد – عنهم – فيقول:
(التوحيد إفراد القديم من المحدث، وإفراده بالربوبية والوحدانية، ومبيانته تعالى
لجميع مخلوقاته …). (2)
وينكر القباني إقرار المشركين الأولين بتوحيد الربوبية، لكي يدافع عن مشركي زمانه
ممن يستغيث بغير الله – فيما لا يقدر عليه إلا الله – فيقول:
(فهل سمعت عن أحد من المستغيثين أنه يعتقد في الرسول صلى الله عليه وسلم، أو في
الولي المستغاث به أنه إله مع الله تعالى يضر وينفع، ويشفع بذاته كما يعتقد
المشركون فيمن عبدوه..). (3)
ويدعي محمد بن عبد المجيد نفس الدعوى السابقة، وأن مشركي العرب لم يقروا بربوبية
الله، فيقول:
(إنما كفر أهل الجاهلية بعبادة الأصنام لتضمنها اعتقادهم ثبوت شيء من صفات
الربوبية لها … - ثم يقول – ومن هذه الحيثية شركهم وكفرهم؛ لأن صفاته تعالى تجب
لها الوحدانية بمعنى عدم وجود نظير لها إلا قائم بذاته تعالى ولا بذات أخرى). (4)
فإذا كان مشركو العرب منكرين لشيء من صفات الربوبية – على حد زعمه – (فأين هذا
ممن يستغيث من المسلمين بنبي أو ولي معتقداً أنه لا يملك نفعاً ولا ضراً). (5)
ويدافع (الحداد) عن أتباعه – من عبّاد القبور – فيقول:
(.. هؤلاء مهما عظموا الأنبياء والأولياء فإنهم لا يعتقدون فيهم ما يعتقدون في
جناب الحق تبارك وتعالى من الخلق الحقيقي التام العام، وإنما يعتقدون الوجاهة لهم
عند الله في أمر جزئي، وينسبونه لهم مجازاً، ويعتقدون أن الأصل والفعل لله
سبحانه). (1)
ويقرر (دحلان) أن الشرك هو اعتقاد التأثير لغير الله، وليس هناك مسلم يعتقد
التأثير لغير الله، يقول:
(فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله سبحانه، أو اعتقاد التأثير
لغير الله). (2)
ثم يقول: (ولا يعتقد أحد من المسلمين ألوهية غير الله تعالى، ولا تأثير أحد سوى
الله تعالى..). (3)
ويؤكد (الزهاوي) أن المشركين الأولين كانوا يعتقدون لأصنامهم أنها تنفع وتضر
بذواتها فيقول: (إن المشركين إنما كفروا بسبب اعتقادهم في الملائكة والأنبياء
والأولياء أنهم آلهة مع الله يضرون وينفعون بذواتهم). (4)
ويحاول (العاملي) أن يثبت – بلا دليل – أن مشركي العرب ينكرون ربوبية الله، وأن
يرد على ما قرره الشيخ الإمام – بالأدلة والبراهين في رسالتيه: (كشف الشبهات)، و
(أربع قواعد) – بأن مشركي العرب معترفون بربوبية الله، فيقول – في دفاع هزيل عن
أتباعه المشاركين لهؤلاء المشركين في الإقرار بتوحيد الربوبية فقط -: (لا شيء
يدلنا على أنهم – أي مشركي العرب – لا يعتقدون في الأصنام والأوثان ومعبوداتهم.
أنه لا تأثير لها في الكون، وأن التأثير وحده لله تعالى وهي شافعة فقط، إذ يجوز
أن يعتقدوا أن لها تأثير بنفسها بغير ما في الآيات المستشهد بها، فتشفي المرض
وتكشف الضر..).(5)
ويقرر الشطي أن الشرك الأكبر هو – فقط -: (عبادة الأوثان والأصنام) (6)، ويذكر
حكاية لجده، فقال:
(ومرة دخل جدي جامع بني أمية في الشام، فسمع عجوزاً تقول:
يا سيدي يحيى عاف لي بنتي، فوجد هذا اللفظ بظاهره مشكلاً، وغير لائق بالأدب
الإلهي، فأمرها بالمعروف، وقال لها: يا أختي قولي بجاه سيدي يحيى عاف لي بنتي،
فقالت له: أعرف أعرف، ولكن هو أقرب مني إلى الله تعالى، فأفصحت عن صحة عقيدتها من
أن الفعال هو الله تعالى، وإنما صدر هذا القول منها على وجه التوسل والتوسط إلى
الله تعالى، بحصول مطلوبها منه..) (7).
ويبرّأ الرافضي محمد حسين طائفته الرافضة، ومن سار على نهج ضلالهم من عبّاد
القبور، ويعلن براءتهم من شرك الربوبية فيقول:
فهل تحس أن أحداً من زوّار القبور يقصد أن القبر الذي يطوف حوله، أو صاحب الملحود
فيه هو صانعه وخالقه، أو أنه يقول للغير أو لمن فيه، يا خالقي ويا رازقي ويا
معبودي.. كلاَّ ثم كلاَّ.. ما أحسب أن أحداً يخطر على باله شيء من تلك
المعاني..). (1)
ويسد محمد الطاهر باب الردة، ويلغي نواقض الإسلام حين يهذي فيقول:
(إذا وجد في كلام المسلمين إسناد شيء لغير الله يجب حمله على المجاز العقلي، ولا
سبيل لتكفير أحد من المسلمين.. فإذا قال العامي من المسلمين: نفعني النبي صلى
الله عليه وسلم أو الصحابي أو الولي، فإنما هو يريد الإسناد المجازي، والقرينة
على ذلك أنه مسلم موحَّد لا يعتقد التأثير إلا لله وحده لا لغيره). (2)
بناءً – على النقول السابقة لهؤلاء الخصوم – فليس الذبح لغير الله شركاً، وليس
النذر لغير الله شركاً، وليست الاستغاثة بالأموات شركاً، كل ذلك ليس شركاً يخرج
عن دائرة الإسلام، ما دام أن مرتكبها يعتقد أن الله هو الفاعل وأنه المؤثر وحده..
هكذا فهم هؤلاء البشر وإليك أقوالهم – من كتبهم – التي تثبت ذلك، وتستنكر – وبشدة
– على من خالفهم في ضلالاتهم وانحرافاتهم.
يقول ابن عفالق – نافياً أن يكون الذبح والنذر لغير الله شركاً -:
(فاجتمعت الأمة على أن الذبح والنذر لغير الله حرام، ومن فعلها فهو عاص لله
ورسوله.. والذي منع العلماء من تكفيرهم أنهم لم يفعلوا ذلك باعتقاد أنها أنداد
لله..). (3)
ويشنع ابن سحيم على الشيخ الإمام، لأنه كفّر من ذبح لغير الله، يقول ابن سحيم:

(ومنها أنه يقطع بكفر الذي يذبح الذبيحة ويسمي عليها، ويجعلها لله، لكن يدخل مع
ذلك دفع شر الجن ويقول ذلك كفر واللحم حرام..).(4)
ويستنكر سليمان بن عبد الوهاب تكفير من ذبح أو نذر لغير الله، ويستغرب من تكفير
من دعا غير الله فيقول:
(من أين لكم أن المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إذا
دعا غائباً أو ميتاً أو نذر له، أو ذبح لغير الله، أن هذا هو الشرك الأكبر الذي
من فعله حبط عمله وحل ماله ودمه). (5)
ويقول سليمان: (لم يقل أهل العلم من طلب من غير الله فهو مرتد ولم يقولوا من ذبح
لغير الله فهو مرتد..)(6).
ويجوّز محمد بن محمد القادري الاستغاثة بغير الله ما دام أن المستغيث بغير الله،
لا يعتقد أن غير الله هو الموجد، وأنه لا تأثير إلا لله وحده يقول القادري:
(وقول يا سيدي أحمد أو شيخ فلان ليس من الإشراك؛ لأن القصد التوسل والاستغاثة..
ولا يشك في مسلم أن يعتقد في سيدي أحمد أو غيره من الأولياء أن له إيجاد شيء من
قضاء مصلحة أو غيرها إلا بإرادة الله وقدرته..) (1).
ويعتبر الحداد أن منع النذر للأولياء من مفتريات الشيخ، فيقول الحداد:
(وأما نص النجدي بمنع النذر مطلقاً للأكابر، فمن افترائه على كتب الشريعة وجهله
المركب). (2)
ويقول محسن بن عبد الكريم في (لفحات الوجد) أثناء مدحه لأحد خصوم الشيخ:
(وألزمهم بعد ذلك أن الشرك في الدعاء ليس بشرك أكبر، فلا يخرج به فاعله من دائرة
الإسلام بعد تحقيق دخوله فيه). (3)
وألف عبد الله بن حسين بلفقيه العلوي رسالة في الرد على أئمة الدعوة … في هذه
المسألة، لكي يثبت أن دعاء غير الله ليس شركاً أكبر. (4)
كما أن داود بن جرجيس يزعم أن دعاء الأموات والغائبين والذبح والنذر لغير الله
ليس بشرك. (5)
ويحتج جعفر النجفي على جواز الذبح لغير الله بأن (أهل الإسلام من قديم الأيام
يذبحون للأنبياء والأولياء..). (6)
ويدعي الرافضي العاملي جواز الاستغاثة بغير الله، فيقول:
(لو قال في دعائه واستغاثته بغير الله: اقض ديني، أو اشف مريضي أو انصرني على
عدوي، فليس منه مانع ولا محذور، فضلاً عما يوجب الإشراك والتكفير، للعلم بحال
المسلم الموحَّد المعتقد أن من عدا الله تعالى لا يملك لنفسه أو لغيره نفعاً ولا
ضراً). (7)
ويستنكر الشطي أن تكون الاستغاثة بغير الله شركاً – كما هو عليه أئمة الدعوة
السلفية -، فيقول حاكياً معتقد الوهابيين في ذلك:
(فإنهم يصرحون بأن من يستغيث بالرسول عليه السلام، أو غيره، في حاجة من حوائجه،
أو يطلب منه أو يناديه في مطالبه ومقاصده، ولو بيا رسول الله، أو اعتقد على نبي
أو ولي ميت وجعله واسطة بينه وبين الله في حوائجه فهو مشرك حلال الدم والمال …).
(Cool
ويأتي محمد بن علوي المالكي – في ذيل تلك القافلة المتعثرة – فيدعي: (أنه لا يكفر
المستغيث إلا إذا اعتقد الخلق والإيجاد لغير الله). (9)
لكي نجيب على تلك الشبهة، ونزيل اعتراض الخصوم، فإننا نذكَّر ابتداءً – بما
قررناه من قبل – أن الخصوم قصرت تصوراتهم عن إدراك حقيقة التوحيد فجعلوا توحيد
الربوبية هو غاية التوحيد، وأنه الواجب على المكلَّف.. ومن ثم قصرت تصوراتهم
لحقيقة الشرك – الذي يناقض التوحيد – فحصروا الشرك في الربوبية كمن يعتقد أن
الخلق والإيجاد لغير الله، أو النفع والضر لغيره سبحانه …
أما علماء هذه الدعوة وأتباعها فقد تصوروا تصورا ًتاماً وفهموا فهماً شاملاً لكل
من حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك.
ومن المناسب – إذن – أن نذكر حد الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده –
كما قرره بعض علماء الدعوة.. – وهو:
(أن يصرف العبد نوعاً أو فرداً من أفراد العبادة لغير الله.. فكل اعتقاد أو قول
أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع، فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه
لغيره شرك وكفر). (1)
فمثلا أمر الله بالذبح له، وإخلاص ذلك لوجهه، كما هي صريحة بذلك النصوص القرآنية
في الصلاة، فقد قرن الله الذبح بالصلاة في عدة مواضع من كتابه، وإذا ثبت أن الذبح
لله من أجل العبادات وأكبر الطاعات، فالذبح لغير الله شرك أكبر مخرج عن دائرة
الإسلام. (2)
وكذلك النذر عبادة، مدح الله الموفين به، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء
بنذر الطاعة، وأمر سبحانه بالاستغاثة به في كل شدة ومشقة، فهذه إخلاصها لإيمان
وتوحيد وصرفها لغير الله شرك وتنديد. (3)
وأما دعوى الخصوم أن مشركي العرب يعتقدون النفع والضر لأصنامهم، فنصوص القرآن
الكريم ترد تلك الدعوى الخاطئة – كما ذكرنا بعضها من قبل – ويكفي من ذلك قوله
تعالى: (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله قل أفلا تذكرون. قل
من رب السموات السبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله قل أفلا تتقون. قل من بيده
ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى
تسحرون).(4)
فهؤلاء الذين قاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم مقرون بأنه لا ينفع ولا يضر إلا
الله وحده ومقرون أن معبوداتهم – سواء كان أصناماً أو أولياء – لا تدبر ولا تخلق
شيئاً، وأن النفع والضر من عند الله..
وبهذا يتضح بطلان اعتقاد هؤلاء الجهال – من عباد القبور – ممن يذبح للأولياء أو
ينذر لهم القرابين أو يستغيث بالموتى، ويظن أنه مسلم بمجرد اعتقاده أن الله هو
المؤثر المتصرف، فإن هذه طريقة مشركي العرب – سواء بسواء.(5)
ولبيان أن دعاء غير الله والاستغاثة بالأولياء ونحوهم، وكذا الذبح لغير الله،
والنذر لغيره عز وجل.. أن هذه – كلها – من أنواع الشرك الأكبر الذي يخرج عن دائرة
الإسلام، فإننا نذكر بعض ما كتبه أئمة الدعوة في هذا الشأن رداً على شبهة أولئك
الخصوم.
يورد الشيخ محمد بن عبد الوهاب الجواب الشافي على شبهة ابن سحيم حين ظن أن النذر
لغير الله حرام ليس بشرك، فقال الشيخ مجيباً على ذلك ومخاطباً ابن سحيم:
(فدليلك قولهم أن النذر لغير الله حرام بالإجماع فاستدللت بقولهم حرام على أنه
ليس بشرك، فإن كان هذا قدر عقلك فكيف تدعي المعرفة ؟ يا ويلك ما تصنع بقول الله
تعالى: { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً وبالوالدين
إحساناً } (1). فهذا يدل على أن الشرك حرام ليس بكفر يا هذا الجاهل الجهل المركب،
ما تصنع بقول الله تعالى: { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } (2).
إلى قوله: { وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً } (3). هل يدل هذا التحريم
على أنه لا يكفر صاحبه ؟ يا ويلك في أي كتاب وجدته إذا قيل لك هذا حرام، أنه ليس
بكفر، فقولك أن ظاهر كلامهم أنه ليس بكفر، كذب وافتراء على أهل العلم، بل يقال
ذكر أنه حرام، وأما كونه كفر فيحتاج إلى دليل آخر، والدليل عليه أنه مصرح في
(الإقناع) أن النذر عبادة، ومعلوم أن لا إله إلا الله معناها لا يعبد إلا الله،
فإذا كان النذر عبادة وجعلتها لغيره كيف لا يكون شركاً) (4).
ويورد الشيخ الإمام قاعدة مهمة أثناء جوابه على من ادعى أن الذبح للجن منهي عنه
فهو معصية وليس ردة.. يقول الشيخ:
(قوله: الذبح للجن منهي عنه، فاعرف قاعدة أهملها أهل زمانك، وهي أن لفظ (التحريم)
و (الكراهة) وقوله (لا ينبغي) ألفاظ عامة تستعمل في المكفّرات، والمحرّمات التي
هي دون الكفر، وفي كراهة التنزيه التي هي دون الحرام، مثل استعمالها في المفكرات:
قولهم لا إله إلا الذي لا تنبغي العبادة إلا له. وقوله (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ
ولداً)(5) ولفظ التحريم مثل قوله تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا
تشركوا به شيئاً)(6)، وكلام العلماء لا ينحصر في قولهم (يحرم كذا) لما صرحوا في
مواضع أخر أنه كفر، وقولهم (يكره) كقوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه)
(6) إلى قوله (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها)(7) وأما كلام الإمام أحمد في
قوله: (أكره كذا) فهو عند أصحابه على التحريم، إذا فهمت هذا، فهم صرحوا أن الذبح
للجن ردة تخرج وقالوا: الذبيحة حرام ولو سمى عليها..). (Cool
ويقرر الشيخ حمد بن ناصر بن معمر حكم الاستغاثة بغير الله فيقول:
(ونحن نعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحداً
من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة، ولا بغيرها،
بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الأكبر الذي حرمه الله
ورسوله قال الله تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) (9). (فلا تدع
مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين(6)..) (6) .
ثم يقول: (فكل من دعا ميتاً من الأنبياء والصالحين أو دعا الملائكة أو الجن، فقد
دعا من لا يغيثه، ولا يملك كشف الضر عنه، ولا تحويله) (6).
ويبين الشيخ حمد بن ناصر بن معمر – رحمه الله – نوعي دعاء غير الله، ثم يرد على
بعض الاعتراضات التي أوردها بعض الخصوم، لكي يجيزوا دعاء غير الله ويحسبون أنه
ليس بكفر، فكان مما قاله:
(اعلم أن دعاء غير الله وسؤاله نوعان، أحدهما: سؤال الحي الحاضر ما يقدر عليه مثل
سؤاله أن يدعو له، أو ينصره، أو يعينه، فهذا جائز كما كان الصحابة يستشفعون
بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فيشفع لهم، ويسألونه الدعاء فيدعو لهم.
النوع الثاني: سؤال الميت والغائب وغيرهما ما لا يقدر عليه إلا الله مثل سؤال
قضاء الحاجات وتفريج الكربات، فهذا من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين..
وهذا مما يعلم بالاضطرار أنه ليس من دين الإسلام) (6).
وقال أيضاً:
(فقول القائل: أن إطلاق الكفر بدعاء غير الله غير مسلَّم لوجوه: الوجه الأول: عدم
النص الصريح على ذلك بخصوصه. كلام باطل بل النصوص صريحة في كفر من دعا غير الله،
وجعل لله نداً من خلقه يدعوه كما يدعو الله ويرجوه كما يرجو الله، ويتوكل عليه في
أموره كلها.
قال الله تعالى: { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون( )}( ).
ويقول – في موضع آخر -:
(وأيضاً فإن كثيراً من المسائل التي ذكرها العلماء في مسائل الردة والكفر وانعقد
عليها الإجماع، لم يرد فيها نصوص صريحة بتسميتها كفراً، وإنما يستنبطها العلماء
من عمومات النصوص..) ( ).
ثم يقول الشيخ حمد بن ناصر بن معمر – في رد اعتراض آخر -:
(وأما قوله الثاني إن نظر فيه من حيثية القول فهو كالحلف بغير الله وقد ورد أنه
شرك وكفر ثم أوّلوه بالأصغر …
فنقول: هذا كلام باطل، وليس يخفى ما بينهما من الفرق، فأي مشابهة بين من وحد الله
وعبده، ولم يشرك معه أحداً من خلقه، وأنزل حاجاته كلها بالله واستغاث به في تفريج
كربته، لكنه حلف بغير الله يميناً مجردة لم يقصد بها تعظيمه على ربه، ولم يسأله
ولم يستغث به، وبين من استغاث بغير الله وسأله جلب الفوائد وكشف الشدائد، فإن هذا
صرف مخ العبادة الذي هو لبها وخالصها لغير الله …) ( ).
ويوضح صاحب (التوضيح) الإشكال عند الخصوم، ويزيل اللبس عندهم في مسألة النذر لغير
الله … فيفصّل الفرق بين نذر فعل المعصية، والنذر لأجل غير الله..، ويبين تحقق
الشرك وحصوله في النذر لغير الله.. يقول صاحب (التوضيح): (والنذر غير الجائز
قسمان:
أحدهما: نذر فعل معصية كشرب الخمر، وقتل معصوم، وصوم يوم عيد فيحرم الوفاء به؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه)( )، ولأن معصية
الله تبارك وتعالى لا تباح في حال من الأحوال …
الثاني: النذر لغير الله كالنذر لإبراهيم الخليل أو محمد النبي الأمي صلى الله
عليه وسلم، أو ابن عباس، أو عبد القادر، أو الخضر .. فلا خلاف بين من يعتد به من
علماء المسلمين أنه من الشرك الاعتقادي؛ لأن الناذر لم ينذر هذا النذر الذي لغير
الله إلا لاعتقاده في المنذور له أنه يضر وينفع ويعطي ويمنع إما بطبعه، وإما بقوة
سببيه فيه، ويجلب الخير والبركة، ويدفع الشر والعسرة، والدليل على اعتقاد هؤلاء
الناذرين وشركهم حكيهم وقولهم أنهم قد وقعوا في شدائد عظيمة، فنذروا نذرا لفلان
وفلان أصحاب القبور من الأنبياء والمشايخ، وللغار الفلاني، والشجرة الفلانية
فانكشفت شدائدهم، واستراحت خواطرهم، فقد قام في نفوسهم أن هذه النذور هي السبب في
حصول مطلوبهم ودفع مرهوبهم، ومن تأمل القرآن وسنة المبعوث به صلى الله عليه وسلم،
ونظر أحوال السلف الصالح علم أن هذا النذر نظير ما جعلته المشركون لآلهتهم في
قوله تعالى: (هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا( )..) ( ).
ويرد الشيخ عبد الله أبو بطين شبهة القبوريين حين ظنوا أن دعاءهم الأموات مجاز،
وأن الله عز وجل هو المسئول حقيقة، فيقول :
(وأما قول القائل أن دعاء الأموات وسؤالهم قضاء الحاجات مجاز، والله سبحانه هو
المسئول حقيقة، فهذا حقيقة قول المشركين {هؤلاء شفعاؤنا عند الله }( )، { ما
نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى }( ). فهم يسألون الوسائط زاعمين أنهم يشفعون
لهم عند الله في قضاء حوائجهم، قال شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله: فمن جعل
بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم، ويسألهم كفر إجماعاً( ).
ويؤكد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن أن صرف بعض أنواع العبادة لغير الله
شرك.. كما قرره الأئمة الأعلام..، وعلى تقريرهم سار علماء هذه الدعوة فيقول الشيخ
عبد اللطيف:
(وأما تكفير من أجاز دعاء غير الله، والتوكل على سواه، واتخاذ الوسائط بين العباد
وبين الله في قضاء حاجاتهم، وتفريج كرباتهم، وإغاثة لهفاتهم، وغير ذلك من أنواع
عباداتهم، فكلامهم – أي العلماء – فيه، وفي تكفير من فعله أكثر من أن يحاط به
ويحصر، وقد حكى الإجماع عليه غير واحد ممن يقتدى به، ويرجع إليه من مشايخ
الإسلام، والأئمة الكرام. ونحن قد جرينا على سنتهم في ذلك وسلكنا منهاجهم فيما
هنالك، لم نكفر أحداً إلا من كفره الله ورسوله، وتواترت نصوص أهل العلم على
تكفيره ممن أشرك بالله، وعدل به سواه، أو عطل صفات كماله، ونعوت جلاله، أو زعم أن
لأرواح المشايخ والصالحين تصرفاً وتدبيراً مع الله. تعالى الله عما يقول الظالمون
علواً كبيراً) ( ).
ويتحدث محمود شكري الآلوسي عن حال الناذرين في نذورهم لمن يعتقدون فيه الصلاح،
ويذكر أنهم يعتقدون فيمن نذروا له من الأولياء أنه ينفع ويضر، ويعطي ويمنع، ويذكر
الآلوسي الدليل على ذلك، فيقول:
(والدليل على اعتقادهم هذا، قولهم: وقعنا في شدة فنذرنا لفلان فانكشفت شدتنا،
ويقول بعضهم: هاجت علينا الأمواج، فندبت الشيخ فلان، ونذرت له الشيء الفلاني
فسلمت سفينتنا، وتراهم إذا هم لم يفوا، وحصلت لهم بعض الآلام، قيل للناذر أوفي
بنذرك، وإلا يفعل بك الشيخ كذا وكذا، فيسارع بالوفاء، ولو أنه يستدين في ذمته،
ولو كان مديوناً أو مضطراً، وربما يموت وهو مديون، كل ذلك خوفاً من المنذور له،
وطلباً لرضاه. وهل هذا إلا من سوء اعتقاده، وقلة دينه وكساده، وغاية جوابه إذا
عذلته أن يقول لك: مقصودي يشفعون لي. والله لا تخطر الشفاعة على قلبه، ولا يعرف
إلا أن ذلك المنذور له هو القاضي لحاجته والمهيء لبغيته) ( ).
وسرد الآلوسي أقوال العلماء التي تؤكد وتثبت أن الذبح لغير الله يعتبر شركاً أكبر
يخرج من الملة، ثم قال:
(فقد تبين لك من هذه النقول كلها أن من يقرب لغير الله تقرباً إلى ذلك الغير
ليدفع عنه ضيراً، أو يجلب له خيراً تعظيماً له من الكفر الاعتقادي والشرك الذي
كان عليه الأولون) ( ).
ومما تضمنه (البيان المفيد) ما نصه:
(ونعتقد أن عبادة غير الله شرك أكبر، وأن دعاء غير الله من الأموات والغائبين
وحبه كحب الله، وخوفه ورجائه، ونحو ذلك شرك أكبر، وسواء دعاه عبادة، أو دعاه دعاء
استعانة في شدة أو رخاء، فإن الدعاء مخ العبادة، وأن اعتقاد أن لشيء من الأشياء
سلطاناً على ما خرج عن قدرة المخلوقين شرك أكبر، وأن من عظّم غير الله مستعيناً
به فيما لا يقدر عليه إلا الله كالاستنصار في الحروب بغير قوة الجيوش..
والاستعانة على السعادة الأخروية أو الدنيوية بغير الطرق والسنن التي شرعها الله
لنا، يكون مشركاً شركاً أكبر) ( ).
ونذكّر – في خاتمة هذا المبحث – أن ما قرره أئمة الدعوة السلفية وأنصارها في
مسألة نواقض الإسلام، وأنواع المكفرات التي توجب على مرتكبها الخروج والانسلاخ عن
دين الإسلام، أن هذا التقرير ليس بدعاً من عند أنفسهم، وإنما كان ذلك اتباعاً
لنصوص القرآن الكريم، ونصوص السنّة النبوية الصحيحة، والتزاماً بأقوال الصحابة
والتابعين وعلماء الأمة المعتبرين من المذاهب الأربعة( ).



المبحث الرابع
شبهة مخالفة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
لابن تيمية وابن القيم في هذه المسألة
عرض ثم رد


يظن بعض الخصوم لهذه الدعوة السلفية أن ما قرره أئمتها من
المكفرات، وعدوه من أنواع الشرك الأكبر، كالذبح لغير الله، والنذر لغير الله،
والاستغاثة بغير الله .. وغيره من صرف بعض أنواع العبادة لغير الله، أنهم خالفوا
بذلك ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وتلميذه ابن القيم – رحمه الله
-، فادعى هؤلاء الخصوم أن هذين الشيخين لم يدخلا الذبح لغير الله والنذر لغير
الله والاستغاثة بالأموات ضمن الشرك الأكبر المخرج من الملة.
وحاول هؤلاء الخصوم التشبث بكل نص أو قول ينسب لابن تيمية أو لابن القيم يفهمون
منه بناءً على تصورهم الفاسد، وإدراكهم الخاطيء مخالفة الشيخ الإمام لابن تيمية،
وابن القيم في مسألة التكفير، وذلك لكي يقنعوا أنفسهم – ومن تبعهم من سواد الناس
– أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب مخالف لسائر الأمة وعلمائها، حتى أنه خالف ابن
تيمية وابن القيم، اللذين يكثر – ابن عبد الوهاب – من إيراد أقوالهما والنقل من
كتبهما، ولقد أدت بهم هذه المحاولة الفاشلة إلى تحريف النصوص، وتبديلها، وسوء
فهمها – كما سيأتي موضحاً -.
وسنورد أقوال هؤلاء الخصوم، وما نقلوه من نصوص للشيخين، محتجين بهما على مخالفة
الشيخ محمد بن عبد الوهاب لهما، ونقتصر على بعض الأمثلة التي أوردوها، ثم نتبعها
بالرد والدحض.
يسوق ابن عفالق جواباً لابن تيمية في الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم …
فكان مما قاله ابن تيمية – بناءً على نقله -:
(فإن كان الاستغاثة بمعنى أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو اللايق لا
ينازع فيها مسلم، ومن نازع في هذا المعنى فهو كافر إن أنكر ما يكفر، وإما مخطيء
ضال) ( ).
ثم قال ابن عفالق: (فانظر هذا الكلام النفيس، وتأمل قوله: فإن كان الاستغاثة..
إلخ فهذا حال المنكر للتوسل به صلى الله عليه وسلم يدور بين الكفر والضلال، فكيف
بمن أنكرها، وقال من قال يا رسول الله فهو كافر، ومن لم يكفره فهو كافر …) ( ).

ثم يقال ابن عفالق – منفراً عن دعوة الشيخ -: (والذي أوقع هذا الرجل في هذه
الورطة العظيمة أنه ينظر في كتب ابن القيم فيأخذ منها ما وافق هواه، ويترك ما
خالفه، ويأخذ من أول الفصل ويترك آخره …) ( ).
ويقول ابن عفالق – أيضاً -:
(عده – أي الإمام – قول البوصيري:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم
نوع من الشرك الأكبر، وهو كذب صراح إن كان ينقله عن العلماء، وإلا فهو افتراء منه
وبهت، فإن ابن القيم مع تعصبه وخلافه لجميع الأمة في مثل هذا الباب عدّ هذا من
الشرك الأصغر … انظروا كتبه كـ (شرح المنازل) في باب الشرك الأصغر، و(إغاثة
اللهفان) ( ).
ونلاحظ أن سليمان بن عبد الوهاب في غالب رسالته في الرد على أخيه الشيخ الإمام،
أراد أن يفصح عن مخالفة الشيخ الإمام لما كتبه ابن تيمية وابن القيم، فإن جلّ
رسالته في سرد الأقوال والنقول للشيخين...، ثم يعقب تلك النقول بما يفهمه منها
ويتوصل إليه تفكيره، بأن الشيخين لم يكفرا من ذبح أو نذر أو استغاث بغير الله..

يقول سليمان بن عبد الوهاب:
(قال تقي الدين: النـذر للقبور، ولأهل القبور، كالنذر لإبراهيم الخليل عليه
السلام، أو الشيخ فلان نذر معصية لا يجوز الوفاء به وإن تصـدق بما نذر من ذلك على
من يستحقه من الفقراء أو الصالحين كان خيراً له عند الله وأنفع. ا.هـ.
فلوا كان الناذر كافراً عنده لم يأمره بالصدقة؛ لأن الصدقة لا تقبل من كافر، بل
يأمره بتجديد إسلامه، ويقول له خرجت من الإسلام بالنذر لغير الله. قال الشيخ
أيضاً: من نذر اسراج بئر أو مقبرة أو جبل أو شجرة أو نذر له أو لسكانه لم يجز،
ولا يجوز الوفاء به، ويصرف في المصالح ما لم يعرف ربه. ا.هـ .
فلو كان الناذر كافراً لم يأمره برد نذره إليه، بل أمر بقتله، وقال الشيخ أيضاً:
من نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم.
ا.هـ.
فانظر كلامه هذا، وتأمله، هل كفّر فاعل هذا، أو كفّر من لم يكفره، أو عد هذا في
المكفرات هو أو غيره من أهل العلم كما قلتم أنتم.
كذلك ابن القيم ذكر النذر لغير الله في فصل الشرك الأصغر من (المدارج)، واستدل
بالحديث الذي رواه أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (النذر حلفة)( )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minhaj.ahlamontada.com
 
التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منهاج السنة للرد على الشيعة :: ۞ الْقِـــسَمُ الْعَـــــامُّ ۞-
انتقل الى: