منهاج السنة للرد على الشيعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الأحد مايو 19, 2024 4:50 pm
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
منهاج السنة
لا اله الا الله محمد رسول الله
لا اله الا الله محمد رسول الله
منهاج السنة


رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Vitiligo-ae30eb86b8رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Iraqiaabc6667cb59
عدد المساهمات : 897
تاريخ التسجيل : 27/10/2012

رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Empty
مُساهمةموضوع: رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي   رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 09, 2012 8:42 am

فضيلة الشيخ حسن الصفار حفظه الله
القطيف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت
لكم في موقعكم على شبكة الانترنت كلمة عن الامام المهدي تحدثتم فيها في
البداية عن ضرورة الاجتهاد والنظر في المعتقدات التي قلتم انه
لا يصح فيها التقليد والاتباع ، وذلك لأن الاسلام دين العقل وعقائده قائمة
على النظر والتفكير ، وانه يرفض الخرافات والأساطير وينهى عن الأخذ بشيء
قبل التأكد منه ( ولا تقف ما ليس لك به علم).

وانا اتفق معكم في ذلك.
واتفق
معكم ايضا في ضرورة التسليم بالظاهر الإعجازية التي ذكرها القرآن الكريم
كتحول النار التي أشعلها نمرود بإذن الله بردا وسلاما على إبراهيم (ع) أو
ولادة النبي عيسى (ع) من دون أب ، أو الإسراء والمعراج او طول عمر النبي
نوح عليه السلام.

وتفضلتم
بأن الاعتقاد بالإمام المهدي يأتي ضمن هذا السياق وانه ثبت بالنقل الذي
يقره العقل . وان الأحاديث الواردة عن النبي محمد (ص) وأهل بيته فاقت حد
التواتر ، واستشهدتم على ذلك بأقوال الشيخ ابن تيميه والمحدث المعاصر الشيخ
محمد بن ناصر الألباني والشيخ يوسف القرضاوي ، كما أشرتم الى كتاب الشيخ لطف الله الصافي (منتخب الأثر في الامام الثاني عشر) الذي قلتم انه جمع فيه 6277 حديثا حول الامام المهدي من كتب الفريقين السنة والشيعة.

وقلتم:
ان خروج المهدي المنتظر في آخر الزمان مسألة ثابتة عند المسلمين على
اختلاف مذاهبهم وان علماء المسلمين يتفقون على ان المهدي من عترة الرسول
ومن ولد فاطمة ، لكن هناك اختلافا في تفاصيل هذه العقيدة بين المذاهب
الكلامية المختلفة يأخذ كل فريق بما يصح ويثبت لديه.

وقلتم:
بأن الشيعة الامامية يعتقدون بأن الامام المهدي قد ولد في 15 شعبان سنة
255 من أبيه الامام الحسن العسكري وانه لا يزال ينتظر أمر الله لممارسة
دوره العالمي ليملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

وأضفتم : ان النص ثبت لدى الشيعة الامامية من جهة معصومة بذلك فهم ملزمون بقبوله والايمان به.
ودعمتم
قولكم هذا بما قلتم من وجود أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله يتحدث فيها
اثني عشر اماما أو أميرا أو خليفة لهذا الدين ، وان هذا العدد لا ينطبق الا على الأئمة الاثني عشر من أهل البيت.

ولم
تجدوا في طول عمر الامام المهدي الممتد منذ منتصف القرن الثالث الهجري حتى
اليوم اية استحالة عقلية وقلتم: اذا ما ثبت النص الشرعي على وجود الامام
المهدي فاننا نقبله كظاهرة إعجازية ليست ممتنعة عقلا وانما هي خارقة للعادة
ومخالفة للمألوف فقط.

وقد
عقبتم على ذلك الحديث عن الامام المهدي بكلمة قيمة عن عصور التخلف التي
عاشتها الامة الاسلامية وسادت فيها حالة التعصب المذهبي والنزاعات الطائفية
، ودعوتم الى ضرورة تجاوز المسلمين لتلك الحالة المزرية وتحمل كل فرقة
مسؤولية معتقداتها أمام الله تعالى ، كما دعوتم الى ضرورة البحث عن الحقيقة
عبر الدراسة الموضوعية لموارد الخلاف والحوار البناء البعيد عن التهريج
والتشنج والشتم والاستهزاء.

فضيلة الشيخ الموقر
لا
يسعني الا ان أشكركم واكبر فيكم روح الأخوة والمحبة وصوت العقل والاجتهاد
والنظر والتفكير ، واقدر فيكم روح التسليم للآيات القرآنية الكريمة والنصوص
الاسلامية الثابتة والايمان بالغيب والظواهر الإعجازية الخارقة للعادة
التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ، واذا كنت اختلف معكم حول هوية الامام
المهدي وولادته في الماضي السحيق ، بالرغم من اتفاقي معكم حول ظهوره في
المستقبل ،فاني اعتقد بأن الاختلاف حول هذا الموضوع بين الشيعة الاثني
عشرية وبقية الفرق الشيعية والإسلامية لا يتخذ طابع الاختلاف العقائدي ، إذ
أنه لا يتعلق بالتوحيد او النبوة او المعاد او أي اصل من أصول الدين وانما
حول قضية جزئية تاريخية بسيطة وهي ولادة الامام المهدي في القرن الثالث
الهجري أو قبيل ان يأذن الله له بالظهور في المستقبل. ومن هنا فاني ارفض
بالطبع أي توتر او تشنج او تضخيم لهذه المسالة من هذا الطرف او ذاك ، او
اعتبار قضية وجود الامام المهدي وكونه الثاني عشر من أئمة أهل البيت قضية
عقائدية كبرى أو ضرورة من ضروريات الدين تدخل صاحبها الجنة او تخرجه من
النار.

ولولا
تفاعل هذه القضية مع سلسلة من النظريات السياسية والأحكام الفقهية
وتأثيرها على العلاقات الشيعية الداخلية والخارجية ، وارتباطها خاصة بنظرية
ولاية الفقيه الحاكمة في ايران ، لما كانت هنالك أية ضرورة لبحثها او
إثارتها الآن.

صديقي الفاضل الشيخ الصفار
لقد
لمست فيكم منذ السبعينات حيث تعرفنا على بعضنا البعض في مدرسة الرسول
الأعظم في الكويت ، حب العمل للإسلام والبحث عن مصادر الثقافة الاسلامية
النقية ورفض الخرافات والأساطير والتفتيش عن الحق والصواب ، وكانت محاضراتك
القيمة وخاصة أيام عاشوراء نموذجا مثاليا للأحاديث الرسالة الموثقة
والمنطقية والمعقولة الهادفة الى بناء جيل إسلامي جديد مؤمن بالله والحق
والحرية.

وانطلاقا
من ثقتي العظيمة بكم وبنواياكم المخلصة لتوحيد الأمة الاسلامية وتجديد
التراث الاسلامي وتنقيته مما علق به من خرافات وأساطير عبر القرون الطويلة ،
واعادة بناء الحضارة الاسلامية على أسس علمية ثابتة.. انطلاقا من ذلك
أدعوكم الى مواصلة التفكير واعادة النظر في قضية وجود الامام الثاني عشر
(محمد بن الحسن العسكري) وولادته في منتصف القرن الثالث الهجري وبقائه على
قيد الحياة الى يوم والى ان يأذن الله بالخروج. وذلك ليس من
منطلق استحالة العمر الطويل او إنكار الظاهر الإعجازية الخارقة للعادة ولا
من منطلق رفض الايمان بخروج المهدي في آخر الزمان ، وانما من منطلق التثبت
من ولادة ابن للامام الحسن العسكري فعلا رغم نفي الامام العسكري لذلك
ووصيته الى أمه وعدم إشارته علنا الى وجود ولد له ، والتحقق من دعاوى بعض
أصحاب الامام العسكري بوجود ولد له في السر والخفاء ، والنظر في رواياتهم
التاريخية التي يكتنفها التناقض والغلو والخيال الأسطوري.

عزيزي الشيخ حسن
ان
الشيعة والشيعة الامامية قالوا خلال القرون الثلاثة الهجرية الاولى
بنظريات عديدة حول المهدي فاعتقد بعضهم ان الامام المهدي هو علي بن ابي
طالب واعتقد بعض آخر انه محمد بن
الحنفية او ابنه أبو هاشم او محمد بن عبد الله بن الحسن ذو النفس الزكية او
الامام الباقر او الامام الصادق او ابنه إسماعيل او محمد بن عبد الله
الأفطح او الامام الكاظم او عبد الله بن معاوية الطيار او محمد الديباج او
محمد بن القاسم او يحيلا بن عمر او محمد بن علي الهادي او الامام الحسن
العسكري او القائم المجهول الذي يظهر في المستقبل ، ولم يجمعوا على مهدوية
شخص معين ماعدا الفرقة الاثني عشرية التي قالت بوجود ولد مخفي للامام
العسكري وانه المهدي المنتظر.

ومن هنا يمكننا القول بعدم وجود نص ثابت وصريح من جهة معصومة على ولادة (محمد
بن الحسن العسكري) ولا توجد ضرورة للالتزام بالإيمان بذلك ، خصوصا وان
القول بوجوده كان ملفوفا بالسرية والكتمان ومخالفة الظاهر. وان الله تعالى
لا يحتج على عباده بأمر خفي كهذا ، وله الحجة البالغة.

أما ما تفضلتم به من الاستدلال بأحاديث الاثني عشرية وعدم انطباق
هذا العدد الا على أئمة اهل البيت فتوجد فيه مناقشات كثيرة من حيث صحة
السند والمضمون وامكانية تطبيق العدد على عدد آخر من الأئمة كزيد بن علي او
الامام عبد الله الأفطح الذي كان يقول بإمامته قسم كبير من الشيعة
الامامية الفطحية بما يغنينا عن افتراض وجود ولد للامام العسكري خلافا
للظاهر ولمجرد استكمال العدد.

شيخنا الكريم
قبل
ان نحدد هوية الامام المهدي او نقول انه محمد بن الحسن العسكري لا بد ان
نثبت أولا ولادته ووجوده في التاريخ ، إذ لا يجوز ان نفترض وجوده بناء على
أحاديث عامة او نظريات كلامية فلسفية كما يفعل بعض المتكلمين.

واذا
كان معظم الشيعة الامامية ومعظم شيعة الامام العسكري قد رفضوا التصديق
بدعوى فريق صغير منهم بوجود ولد له في السر هو الامام من بعده وانه المهدي
المنتظر ، ورفضوا القبول بحكاياتهم الغريبة والغالية والمتناقضة التي تتحدث
مرة عن ولادته بصورة إعجازية بحيث لم
تعرف أمه بالحمل به حتى ساعة الولادة ولم يكن عليها أي أثر للحمل ، وان
الملائكة او الطيور قد خطفته فورا ولم يعثر على أثر له بعد ذلك ، وتتحدث
مرة اخرى عن رؤيته في حياة أبيه وقيامه بالصلاة على جثمانه واستقباله
للوفود في سر من رأى على مقربة من الخليفة العباسي المعتمد الذي يقال انه
كان يبحث عنه ويحاول قتله.. اذا كان معظم الشيعة الامامية فضلا عن عامة
المسلمين قد رفضوا التصديق بتلك القصة المشكوك فيها لعدم توفر الأدلة
الشرعية الكافية والحجج العلمية القاطعة في ذلك الزمان ،
فماذا يمنع شيعة أهل البيت والمحبين لهم من البحث والتحقيق ومواصلة
التفكير والنظر والاجتهاد في هذه القضية التي فرقت بين الاثني عشرية وعامة
الشيعة والمسلمين ,أدت الى خروج الاثني عشرية من مسرح التاريخ قرونا طويلة
بعد التزامهم بانتظار الامام الغائب وتحريمهم العمل السياسي واقامة الدولة
الاسلامية في عصر الغيبة الا مع حضور الامام المعصوم .وذلك قبل ان يتوصل
العلماء المجددون الى نظرية ولاية الفقيه او الشورى ويقوموا بثورة عظمى
سمحت لهم بالاجتهاد وتولي الفقيه العادل.

ألا
تتفقون معي بأن الشيعة الجعفرية اليوم قد تحرروا من كثير من نظريات
المتكلمين السابقين الوهمية وفرضياتهم العقيمة ،وانهم باتوا اليوم يقفون في
طليعة القائلين بنظرية الشورى؟ ومن هنا فانهم ليسوا بحاجة الى افتراض إمام
معصوم يعيش خلف ستار الغيب ، وان من الضروري إعادة بحث موضوع وجود الامام
الثاني عشر وولادته في التاريخ ، والتأكد مما اذا كان حقيقة تاريخية؟ أم
فرضية فلسفية ، وذلك من أجل تعزيز الاتجاه الديموقراطي الشعبي في الفكر
السياسي الشيعي وإزالة أية عقبات أمام الوحدة الاسلامية؟

شيخنا
الكريم أملنا فيكم كبير وثقتنا فيكم عالية ومعرفتنا بكم قديمة ونحن
متأكدون دائما أنكم تسيرون أمام الجماهير في الطليعة وأنكم من علماء هذه
الأمة وروادها الذين يحملون مشعل الإصلاح والتجديد.

وتقبلوا فائق احترامي ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد الكاتب
لندن 22 رمضان 1420 المصادف 30/12/1999

رسالة من أحمد الكاتب إلى ناصر مكارم الشيرازي حول المهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة الشيخ ناصر مكارم الشيرازي المحترم
الحوزة العلمية – قم ، الجمهورية الإسلامية الإيرانية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فقد قرأت كتابكم باللغة الفارسية ( المهدي الثورة الكبرى) الذي تتحدثون
فيه عن فوائد نظرية الإيمان بوجود مصلح عالمي وتردون الاتهامات القائلة
بسلبية الانتظار ، وذلك بتفسيركم لمعنى الانتظار بصورة إيجابية لا سلبية
كما يسيء فهمها البعض حسب قولكم ، وعن هوية المهدي وبعض الأسئلة التي تحيط
به.

وقد
قلتم في مقدمة الكتاب بأنكم ترحبون بأية وجهة نظر أخرى ، ولذا فأرجو ان
تسمحوا لي بتقديم بعض الملاحظات السريعة التي أرجو ان تأخذوا بها بنظر
الاعتبار.

لقد
كان كتابكم يحاول شرح وتفسير ظاهرة المهدي العامة والخاصة قبل ان يكون
محاولة للغوص في بحث تحديد هوية المهدي ، وقد أحلتم القراء الى مراجعة كتاب
الشيخ لطف الله الصافي (منتخب الأثر في النص على الامام الثاني عشر)
ونقلتم منه بعض الفقرات والأحاديث ، واعتقد ان من المهم جدا القيام بصورة
دقيقة ببحث موضوع وجود المهدي (محمد بن الحسن العسكري) الذي يعتقد به
الشيعة الامامية الاثنا عشرية ، والذي يختلفون حوله مع سائر المسلمين.

وكما
تعرفون فان المتكلمين الشيعة الأوائل استدلوا على وجوده بعدة انواع من
الأدلة : أولها الدليل العقلي وثانيها التاريخي وثالثها النقلي ورابعها
المعاجز وخامسها الإجماع ، ولكنكم لم تشيروا الا الى الدليل النقلي الروائي
وأعرضتم صفحا عن الإشارة الى الدليل العقلي الذي كان يعتبر الأول والأساس
في بداية تكون النظرية المهدوية الاثني عشرية كما أعرضتم عن الإشارة الى
الدليل التاريخي فضلا عن الأدلة الأخرى.

وكان
الدليل العقلي يعتمد على النظرية الامامية التي تقول : (بضرورة وجود إمام
في الأرض وان ذلك الامام لا بد ان يكون معصوما وان المعصوم لا يعرفه الا
الله وبالتالي فلا طريق لمعرفة الامام من قبل الأمة ، ومن هنا فان على الله
ان يعرف المسلمين بالإمام المعصوم عن طريق النص ، وان الله قد عين الامام
عليا خليفة من بعد الرسول وان الامامة استمرت في ذريته الى يوم القيامة
وانها لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين وانها وصلت الى الامام الحسن بن
علي العسكري وانه قد مات وان أخاه جعفر ليس بإمام فلا بد من افتراض وجود
ولد له وان لم نر أثرا له ، وانه الامام بعد أبيه وانه المهدي المنتظر)
ويبدو أنكم لا تؤمنون بهذا الدليل العقلي حيث قلتم في كتابكم:" ان الأدلة
العقلية لا يمكن أبدا ان تضع إصبعا على شخص معين ، وان نتائجها كلية" (ص
213)


أما الدليل النقلي فيعتمد على روايات عامة بخروج مهدي في آخر الزمان ويضيف
اليها بعض الروايات الخاصة التي تحدد اسمه ، كما يعتمد على رواية الاثني
عشرية وان الثاني عشر الغائب هو المهدي المنتظر.


أما الدليل التاريخي فيتحدث عن قصة ولادة (محمد بن الحسن العسكري)
ومشاهدة بعض الشيعة له في حياة أبيه وعند وفاته وبعد ذلك ، واعتقد إنكم
تعرفون قيمة الروايات التاريخية التي تشبه الأساطير والتي لا يوجد لها أي
سند.


أما الدليل النقلي الذي لم تبحثوا فيه بعمق واعتمدتم على ما نقل الشيخ
الصافي ، فانه يقول في مقدمة كتابه: "انه لم يبحثه بدقة اعتمادا على شهرة
الروايات" ولو بحثتموه لوجدتم انه ليس الا روايات مختلقة او عامة لا تفيد
تحديد شخص المهدي ، وقد قدمت قبل حوالي سنتين بحثا مفصلا في تلك الروايات
الى سماحة الشيخ الصافي واعتقد انه شكل لجنة لدراستها ولم يعطني اية إجابة
مكتوبة حتى الآن ، ويكفي في الرد على تلك الروايات عدم استطاعة أحد ان يثبت
بالأدلة التاريخية العلمية وجود شخص (محمد بن الحسن العسكري) وولادته. ومن
هنا فإنها قابلة للتأويل والتفسير والرد.


أما الدليل العقلي الذي يعتمد على نظرية العصمة والنص ويحتاج الى مناقشة
في كل جزء من تفاصيله الكثيرة والطويلة فهو في الحقيقة ليس دليلا عقليا
ويرجع الى النقل في أهم فقراته ، وبالإضافة الى ذلك فانه يشكل السبب
الرئيسي في تخلف الشيعة قرونا من الزمان ، واذا قلتم لي كيف؟ فاني احيلكم
على كتب الفقه التي كتبها الأولون والمشحونة بنظرية التقية والانتظار التي
تحرم الثورة والجهاد واقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصالة
الجمعة وكل ما يتعلق بالدولة في عصر الغيبة بدعوى حرمة اقامة الدولة لغير
الامام المعصوم ، وان ذلك الامام المعصوم المعين من قبل الله موجود وهو
يراقب الأحداث والتطورات ويستعد للثورة والخروج في اللحظة المناسبة.


واذا كان انتظار خروج مصلح ما لا يحمل معنى سلبيا ، فان الإيمان بإمام
مسؤول ومكلف من الله حي موجود مراقب ، وعدم جواز التصدي او اتباع إمام غير
معصوم كان بالتأكيد يحمل معنى سلبيا مدمرا ومخدرا ، ويمكنك مراجعة كتاب
(جواهر الكلام) للشيخ حسن النجفي ، باب القضاء ، حيث يبحث نظرية ولاية
الفقيه ، إذ يقول بعدم شمول الولاية لاقامة الدولة واتخاذ الأمراء
والسلاطين ، وذلك لاستحالة فعل ذلك في عصر الغيبة والتقية والخوف ، واذا
ارتفع الخوف وجب على الامام المهدي الظهور إذ لا سبب للغيبة الا الخوف ،
ولما كان غائبا عرفنا انه خائف وان الظروف لا تسمح بإقامة الدولة.

وبالرغم
من محاولة بعض العلماء للالتفاف على نظرية التقية والانتظار باختراع نظرية
(النيابة العامة) والتخلي عن شروط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية
في (الامام) المعاصر ، وهو ما سمح لهم بإقامة الدولة الإسلامية الحديثة
على أساس نظرية (ولاية الفقيه) فان المشكلة الكبرى التي تكمن في الإيمان
بفرضية (وجود محمد بن الحسن العسكري) هي إعطاء الحاكم البشري صفات وصلاحيات
الحاكم الإلهي (المعصوم) المطلقة ، بما فيها الولاية التكوينية ، وهو ما
ينتج أسوء نوع من الحكم الديكتاتوري عرفته البشرية خ=حتى الآن.


ولذا أدعوك بإخلاص الى ان تعيد النظر في هذه المسألة المهمة جدا وتبحث
بدقة وموضوعية في أساس وجود المهدي (ابن العسكري) وما تخلفه من سلبيات ،
وليس (المهدي العام) الذي لا يضر الإيمان به ولا ينفع.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احمد الكاتب
7 ربيع الأول 1415 / 1995


سماحة العلامة الكبير الشيخ لطف الله الصافي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد..
فقد كنت بعثت إليكم برسالة قبل أكثر من عام دعوتكم فيها لمناقشة كتابي
(تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) والذي أقول فيه :
ان نظرية المهدي عند أهل البيت كانت عامة وغامضة وغير محددة من قبل ، وان
تحديدها في (محمد بن الحسن العسكري) قد حدث بعد وفاة الامام العسكري ،
افتراضا واجتهادا من قسم من أربعة عشر قسما من الشيعة الامامية أتباع
الامام العسكري ، وذلك في محاولة منهم للخروج من الحيرة والأزمة الفكرية
التي وجدوا أنفسهم فيها عندما توفي العسكري ولم يوص الى أحد من بعده ولم
يتحدث عن مصير الامامة ولم يكن له ولد ظاهر ، فاضطر ذلك الفريق من الشيعة
الى افتراض وجود ولد له قالوا انه الامام من بعده ثم قالوا انه المهدي
المنتظر. وزعموا: ان أباه قد أخفاه تقية وخوفا عليه وانه حي موجود وانه
يتصل ببعض النواب الخاصين (السفراء الأربعة)


وكانت هذه الخلاصة التي توصلت اليها بعد دراسة طويلة وعميقة ، قد أقلقتني
وأقضت مضجعي لأنها كانت مخالفة لكثير مما نشأت عليه وكنت اعتقد به من قبل
.. ولكنني لم أحب التسرع في الالتزام بهذه الخلاصة والتبشير بها خوفا من ان
أكون مخطئا في منهجية البحث او غافلا عن بعض الأدلة والبراهين التي ربما
لم أتوصل اليها بالرغم من بحثي عن كل شيء.. وقد لجأت إليكم باعتباركم
الأكثر علما والأغزر كتابة وبحثا عن موضوع (الامام المهدي) في الوقت
المعاصر ، ولكم عدة كتب حول ذلك ، كما توسلت الى كثير من المراجع والعلماء
والأساتذة المختصين ان يناقشوا رسالتي ، وتمنيت من أعماق قلبي ان أكون
مخطئا او مشتبها حتى لا انحرف عن خط أهل البيت (ع) الذين رضعت حبهم منذ
طفولتي ولا زلت أؤمن بهم وأجلهم أعظم إجلال – والحمد لله – ولكني مع الأسف
الشديد لم ألقَ إجابة مناسبة من معظم أولئك العلماء الذين رفض بعضهم بشدة
مجرد الاطلاع على الدراسة ، وكنتم واجدا من الذين طلبوا الاطلاع عليها ،
وقد أرسلتها لكم بواسطة الشيخ العالمي إمام المجمع الإسلامي في لندن ، وقد
أخبرني سماحة الشيخ العالمي بعد ذلك: إنكم ألفتم لجنة من العلماء في قم
لدراسة الكتاب والرد عليه ، وقد سررت بذلك وانتظرت النتيجة طويلا ، وسمعت
أنكم قد أعددتم جوابا شفهيا ، وطلبتم سفري الى قم لعرض ردكم علي ، وقد
اعتذرت عن السفر لأسباب عديدة وطلبت من سماحتكم عبر السيد جواد الكلبايكاني
ان تكتبوا ملاحظاتكم وترسلوها الي لأني أحب ان انشر ردكم علي بقلمكم سواء
اقتنعت به او لم اقتنع ، ولكنني لم استلم منكم أي جواب مكتوب حتى الآن.


وقد نقل لي بعض الأخوة عنكم أنكم توصون بعدم طبع الكتاب وصرف النظر عنه ،
ولكن ذلك يصعب علي حيث بت معتقدا باختلاق نظرية وجود المهدي (محمد بن الحسن
العسكري) وإدخالها في تراث أهل البيت (ع) وإلصاقها بهم ، بيد اني لا زلت
مستعدا لتغيير قناعتي فيما إذا رددتم على كتابي واقنعتموني بخطأ معلوماتي
او منهجيتي في البحث ، وصدق الأدلة على وجود المهدي ابن الحسن العسكري
وقوتها ، خاصة وان المسألة لم تعد تقتصر على شخصي وانما أضحت فكرة مطروحة
في الأوساط الثقافية الشيعية وتبحث عن جواب.. ولذا اطلب منكم مرة أخرى ان
تولوا الموضوع أهمية قصوى وان تشكلوا لجنة أخرى قادرة على الرد او تطلبوا
من اخوتكم وزملائكن العلماء في قم ان يقوموا بذلك ،وانا مستعد للاستماع
إليهم في ندوة حوار ومناقشتهم في الأدلة الجديدة.


هذا وكنت قد اطلعت على مجموعة من كتبكم حول المهدي وبالأخص كتاب (منتخب
الأثر في النص على الامام الثاني عشر) الذي يحتوي على كثير مما كتبه
الأولون منذ ألف عام ، ولكنني لم استفد منه شيئا إضافيا أكثر مما كتبه
مشايخ الطائفة بعد وفاة الامام العسكري ، وقد وجدته يهمل بعض أهم الأدلة
التي ذكرها أولئك ويكتفي ببعض.


وكانت لدي بعض الملاحظات الأساسية على طريقة تناولكم للبحث في هذا الموضوع
، أرجو ان يسعها صدركم الكريم ، كما أرجو ان تكون مناسبة لبدء حوار فعلي
معكم شخصيا ، وهي كما يلي:

1- لقد
لاحظت أنكم تتبعون منهجا أخباريا متطرفا مرفوضا من أقدم الإخباريين ، وهو
قبول الروايات بدون أدنى تمحيص في المتن أو السند ، وذلك اعتمادا على رواية
مشايخ الطائفة لها او وجودها في كتبهم "المعتبرة". ومن المعروف ان المدرسة
الأخبارية الحشوية كانت تفعل ذلك في قديم الزمان ولذلك قبلت الروايات التي
تتحدث عن تحريف القرآن ، ولكنها تطورت بعد ذلك على يدي الشيخ علي بن
بابويه الصدوق وغيره من الرواة والمحدثين الذين قاموا بتمحيص السند وإسقاط
الروايات الضعيفة والترجيح فيما بينها ، وذلك قبل ان تولد المدرسة الأصولية
الاجتهادية على يدي الشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي ومن بعدهم
من العلماء.

وقد
كان موضوع (الامام المهدي)ووجوده وولادته موضوعا شائكا محيرا وغامضا عند
الشيعة الامامية بعد وفاة الامام العسكري ، لذلك أطلقوا على تلك الفترة اسم
(الحيرة) ثم قام بعض المحدثين كابن ابي زينب النعماني صاحب (الغيبة)
وتلميذ الكليني ، في القرن الرابع الهجري ، بالاجتهاد والنظر في الأخبار
القديمة والجمع بين عدد منها وإسقاط البعض الآخر والاستنتاج منها: صحة وجود
المهدي وغيبته ، كما يقول هو في كتابه ، ولكنكم أخذتم الأمر وكأنه من
المسلمات والبديهيات الثابتة المفروغ منها التي لا تحتاج الى مناقشة.

2- لقد
استعرضتم في كتابكم نظرية وجود المهدي وحاولتم الإتيان بالأدلة والبراهين
(الأحاديث) على صحتها ولم تشيروا الى وجود اختلاف بين الشيعة ، ولا الى
الحيرة التي عصفت بالامامية وفرقتهم الى أربعة عشر فرقة حول موضوع الخلف ،
وبالتالي لم تناقشوا النظريات المهدوية الأخرى التي كان يقول بها الشيعة
ذلك الحين والتي بلغت أكثر من عشرين نظرية.

3- لم
تناقشوا الأدلة التي سقتموها على صحة النظرية المهدوية للامام الثاني عشر ،
من المعاجز التي ادعاها او نسبت الى (النواب الأربعة الخاصين) او القصص
التاريخية التي تحدثت عن ولادة المهدي ومشاهدته في حياة أبيه ، وبعد ذلك
بالرغم من وجود علامات استفهام كثيرة حولها؟

4- لقد
أغفلتم الرواية التاريخية التفصيلية لظروف وفاة الامام العسكري ومسألة
الوصية بأمواله وأملاكه لأمه المسماة بـ:"حديث" وادعاء أخيه جعفر بالإمامة
وإقبال عامة الشيعة عليه في البداية ثم اختلافهم وتفرقهم ، كما أغفلتم
مسألة الخلاف داخل البيت العلوي بين أبناء الامام الهادي وحدوث البداء في
إمامة السيد محمد بن علي الهادي ، وشك الشيعة في إمامة الحسن العسكري ، وما
الى ذلك من القضايا التاريخية التي شكلت المقدمة والمدخل للقول بفرضية
وجود ولد للامام العسكري ، مع ما في ذلك من أهمية قصوى للوصول الى النتيجة
المفترضة.

5- لقد
قمتم بالخلط بين مجموعة من المقدمات العامة والخاصة بصورة غير علمية ولا
منطقية فأشرتم الى اتفاق المسلمين واجماعهم حول ظهور مصلح (مهددي) في آخر
الزمان ، وقلتم: ان الأحاديث الواردة حول ذلك هي متواترة.. ثم قفزتم بعد
ذلك لتؤكدوا صحة النظرية الاثني عشرية الخاصة بالمهدي ، وذلك بالرغم من
اختلاف الشيعة والإمامة وحتى اتباع الامام العسكري حول حقيقة المهدي او
الامام من بعده ، مما ينفي وجود أي اجماع او شهرة او تواتر حول المهدي
(محمد بن الحسن العسكري).

6- لقد
أشرتم بصورة خاطفة في كتابكم الفارسي (نويد أمن وأمان) الى الدليل العقلي
حول وجود المهدي ابن الحسن ، ولكنكم لم تذكروا الدليل بدقة وبصورة كاملة
وانما اكتفيتم ببعض مقدماته وهي : ( ضرورة الامامة الإلهية ووجوب كون
الامام المعصوم في جميع الأعصار وعدم جواز خلو الأرض من وجود الحجة خوفا من
سيخانها بأهلها) وقلتم: ان ذلك يدل على وجود صاحب الزمان وإمامته ، كما
قلتم: انا إذا أخذنا في الاستدلال بالبراهين العامة على الامامة فإنها تكفي
لإثبات وجود إمام العصر وغيبته (ص 51)

ولكن
علماء الكلام لا يكتفون بتلك المقدمات لإثبات وجود المهدي وانما يضيفون
اليها مقدمة مهمة جدا وهي: ( عدم جواز الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين ،
وضرورة انتقال الامامة في الأعقاب واعقاب الأعقاب بشكل وراثي عمودي الى
يوم القيامة) و ( عدم كون الامام العسكري هو المهدي الغائب واثبات وفاته
وعدم عودته الى الحياة مرة أخرى) ثم الاستنتاج من كل ذلك: ضرورة وجود ولد
له لكي تستمر الامامة في عقبه ، بالرغم من عدم إشارته الى ذلك او الوصية
الى أحد من بعده بالإمامة.

وان
موضوع (عدم جواز إمامة الأخوين) مبدأ لم يكن يجمع عليه الشيعة الامامية في
ذلك الوقت فقد كان الشيعة الامامية (الفطحية) يجيزون انتقال الامامة الى
أخوين عند عدم إنجاب الامام السابق لولد ، كما فعلوا عندما توفي الامام عبد
الله الأفطح حيث انتقلوا الى القول بإمامة أخيه الامام موسى بن جعفر
الكاظم ، واذا أخذنا بقولهم لا تعود هناك اية ضرورة لافتراض وجود ولد
للامام العسكري والادعاء انه المهدي ، كما رفض عامة الشيعة افتراض بعض
الفطحية بوجود ولد لعبد الله الأفطح والقول ان اسمه (محمد بن عبد الله)
وانه المهدي المنتظر الغائب.

7- ما
هو مفهومكم للتواتر؟ هل تعنون به الشهرة والتواتر في القرون المتأخرة؟
وهذا – كما تعلمون- لا ينفع في توثيق الأخبار التي قد تكون مختلقة في مرحلة
زمنية سابقة وغير موجودة بالمرة في مرحلة زمنية أسبق..


وقد استغربت جدا من دعواكم التواتر في أحاديث (المهدي محمد بن الحسن
العسكري) بالرغم من اختلاقها جميعا في عصر الحيرة او بعد مائة عام من وفاة
الامام العسكري ، ولست أدري لماذا لم تتوقفوا لحظة واحدة لتسألوا أنفسكم:
إذا كانت القضية متواترة وثابتة وبديهية ومجمع عليها فلماذا وقع الشيعة في
الحيرة؟ ولماذا افترقوا الى أربعة عشر فرقة أو أكثر من ذلك؟

8- ادعيتم
في اكثر من مكان: ان أحاديث المهدي (محمد بن الحسن العسكري) كانت مسجلة في
الأصول القديمة للشيعة منذ عصر الامام أمير المؤمنين (ع) وقبل ولادة أبيه ،
ولكنكم لم تذكروا أسماء تلك الكتب والأصول ولا أصحابها ، ولم تتحدثوا عن
مدى صحتها وصدقها.


وفي الحقيقة لا يوجد كتاب واحد يشير الى ذلك ما عدا كتاب (سليم بن قيس
الهلالي) وهو كتاب مختلق اشتهر في فترة الحيرة ، ويقول عنه ابن الغضائري
والشيخ المفيد في (شرح عقائد الصدوق): انه كتاب موضوع ومختلق ولا يجوز
الاعتماد عليه ، فأين هي المصادر المعتبرة والموثوقة من السنة والشيعة
والمؤلفة في القرن الأول الهجري؟

9- اعترفتم
ضمنا بضعف سند بعض الأخبار الواردة حول المهدي وغرابة بعضها واستبعاد وقوع
بعضها الآخر ، وقلتم:" ان ضعف السند في بعضها لا يضر بغيره مما هو في غاية
الصحة والمتانة سندا ومتنا ، ولا يلزم رفع اليد عن جميع الأحاديث الصحيحة
لمكان الأخبار الضعيفة مع اشتهار مفادها بين كافة المسلمين وكون أكثر
مخرجيها من أئمة الإسلام وكابر العلماء وأساتذة فن الحديث موجب للقطع
بمضمونها. هذا مضافا الى ان ضعف السند إنما يكون قادحا إذا لم يكن الخبر
متواترا ، واما في المتواتر منه فليس ذلك شرطا في اعتباره"(ص 2 منتخب
الأثر) ولكنكم لم تميزوا بين الأخبار الضعيفة والصحيحة ، ولم تبينوا ما هي
الأخبار التي هي في غاية الصحة والمتانة سندا ومتنا ، في حين لا يوجد في
الحقيقة خبر واحد صحيح سندا حول ولادة او وجود شخص اسمه (محمد بن الحسن
العسكري) وفي هذه الحالة ألا يلزم التوقف ورفع اليد عن تلك الأخبار
الموضوعة في الزمن المتأخر؟


ثم ما هي الأخبار الصحيحة التي اشتهر مفادها بين كافة المسلمين؟ هل تقصدون
أخبار المهدي العام غير المحدد؟ وهذه لا تفيد أية دلالة على وجود المهدي
(محمد بن الحسن العسكري).


ثم من تقصدون بأئمة الإسلام وأكابر العلماء والأساتذة في فن الحديث؟ هل
تقصدون عامة علماء المسلمين؟ أم عامة علماء الشيعة؟ أم علماء الفرقة الاثني
عشرية الأوائل؟ وهؤلاء بين متهم باختلاق تلك الأحاديث وبين متهم بالضعف
والتسامح في نقل الروايات عن الضعفاء والكذابين والغلاة وعدم التدقيق
والضبط.


ان علماء الرجال الشيعة الاثني عشرية يؤكدون ضعف مجموعة من الرجال تنتهي
إليهم كل الروايات الواردة حول المهدي (محمد بن الحسن العسكري) والقائمة
المسبقة بأسماء الأئمة الاثني عشر ، ويمكنكم مراجعة البحث الرجالي المفصل
الذي أجريته حول كل رواية رواية من تلك الروايات ، والموجود لديكم.


ولست أدري من أين استوردتم القاعدة التي تتسامح في شرط صحة السند إذا كان
الخبر متواترا؟ وكيف يحصل التواتر وتحصل الثقة إذا كان الرواة جميعا ضعافا
وكذابين؟ .. وقد قلنا: ان تلك الأخبار لم يكن لها وجود في حياة الأئمة من
أهل البيت (ع) وانها اختلقت فيما بعد واشتهرت بين من آمن بالنظرية الاثني
عشرية ، فهي ليست متواترة أبدا ولا يوجد بينها خبر واحد صحيح!


ويبدو ان هذه الشبهة قد أوقعت الكثير من الباحثين في موضوع المهدي وصرفتهم
عن بحث السند ودفعتهم للتصديق بالروايات الموضوعة والخلط بينها وبين
الروايات الصحيحة العامة حول خروج مصلح (مهدي) عند انحطاط المجتمع
الإسلامي.

10- وقد
استبعدتم احتمال وضع تلك الأحاديث بعد ولادة المهدي في زمن (الغيبة الصغرى
او الكبرى) وقلتم: " انه غير معقول بصورة قاطعة ، وذلك لأن الكتب التي
تضمنت تلك الأخبار مؤلفة من قبل رجال لا يحتمل فيهم جعل كلمة واحدة ،
وكانوا معروفين بالوثاقة والصدق والأمانة ، انهم أخذوا تلك الأحاديث عن
شيوخهم وعن الاصول المكتوبة قبل ولادة الامام المهدي وعبر وسائط معتمدة
مائة بالمائة من قبل مشايخ الرواة المعاصرين للأئمة والتابعين والصحابة"
واستنتجتم:" ان من يراجع تلك الأحاديث لا يبقى لديه مجال الشك والشبهة في
ان المهدي هو ابن الحسن العسكري" (ص 6 منتخب الأثر).

ولو
قمتم بمراجعة سند تلك الروايات بدقة لأدركتم: ان احتمال وضعها ليس معقولا
وواردا فحسب وانما هو ثابت بصورة قاطعة وأكيدة.. وذلك لأن الرجال الذين
يروون تلك الأخبار ، وخاصة الذين ادعوا النيابة الخاصة والسفارة كانوا موضع
تهمة لأنهم كانوا يجرون النار الى قرصهم وكانوا يحصلون على منافع مادية ،
وكانوا متهمين بوضع الروايات التي تؤيد ما ذهبوا اليه من افترض وجود ولد
للحسن العسكري ، ولم يكونوا معروفين بالوثاقة والصدق والأمانة ، وان كتب
الرجال الشيعية تشهد بذلك ، وانهم لم يرووا تلك الأخبار عن أي أصل مكتوب
قبل ولادة المهدي المزعومة ، ولا عبر أية واسطة معتمدة من مشايخ الرواة
المعاصرين للأئمة.. ومن هنا فان من يراجع سند تلك الأحاديث لا يبقى لديه
مجال للشك والشبهة في عدم صدق وجود أي ولد للامام العسكري.

شيخنا الكريم..
لما
ذا لا تتحدثون بدقة وتضعوا النقاط على الحروف وتبينوا رواية واحدة – كمثل
–مروية عن رجل موثوق عن أصل مكتوب او واسطة معتمدة مائة بالمائة من قبل
مشايخ الرواة المعاصرين للأئمة؟ حتى تقطعوا الشك وتستبدلوه باليقين؟


وقد قلتم في كتاب (نويد أمن وأمان) ص 34: " يكفي حديث معتبر واحد" وادعيتم
وجود مئات بل أكثر من ألف حديث في مئات الكتب المعتبرة الجامعة للأخبار
والتاريخ والرجال ، فما هي تلك الكتب المصدرية التي تعد بالمئات؟ ولا يوجد
لدينا من الكتب المعتبرة أكثر من أربعة والبقية غير مسندة ولا نستطيع القطع
على صحة نسبة جميع ما فيها الى مؤلفيها فضلا عن التصديق بروايتهم عن
غيرهم.

11- ولقد
أشرتم في أحد كتبكم (نويد أمن وأمان)ص 34: الى ان الإيمان بالمهدي (محمد
بن الحسن العسكري) جزء من الإيمان بالغيب الذي يجب على كل مؤمن ان يعتقد
به.


ولكن إذا سقطت تلك الروايات الواردة حول الموضوع لا يبقى مجال لربط
الإيمان بقضية لا دليل عليها بمسألة الإيمان بالغيب الواردة في القرآن
الكريم والمقصود منها: الإيمان بالآخرة والملائكة والجن وما شابه من الأمور
المذكورة في القرآن والسنة الثابتة ، ولا أحسبكم تعتقدون بأننا يجب ان
نؤمن بوجود المهدي غيبيا أي بلا دليل ، كما يقول يعض من يدعي العلم ، فان
ذلك يفتح بابا للإيمان بأية خرافة او أسطورة غيبيا ودون دليل.

12- واخيرا..
أود ان أناقش النتيجة العملية التي تهمنا والمبنية على الإيمان بنظرية
وجود الامام المهدي (محمد بن الحسن العسكري) وهي الموقف العملي من اقامة
الدولة الإسلامية في عصر الغيبة ، فقد طرحتم نظرية (النيابة العامة
للفقهاء) واعتبرتم حكومتهم هي الحكومة الشرعية الوحيدة ، وحكمتم على
الحكومات الأخرى المنتخبة من الشعب او غيرها بالحرمة والبطلان (الجواب عن
عشرة أسئلة ص 16)


وهذه نظرية حادثة وجديدة ، وقد كانت النظرية الاولى السابقة هي نظرية
(التقية والانتظار) وحرمة اقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة ،ولا تزال
آثارها ممتدة حتى اليوم في فتاوى الفقهاء المعاصرين الذين يحرمون او يهملون
كثيرا من الجوانب الحيوية في الإسلام بالرغم من قولهم بنظرية ولاية
الفقيه.


وكانت تلك النظرية تشكل الوجه الآخر الملازم للإيمان بوجود الامام المعصوم
الغائب وحرمة اقامة الدولة لغير الامام المعصوم ، ومن هنا فقد تحتم
الالتزام بالتقية والانتظار ، ولذلك كان العلماء الأوائل كالشيخ الصدوق
يرفضون نظرية ولاية الفقيه بشدة.


وفي الحقيقة: ان اضطرار الشيعة الامامية الاثني عشرية للإيمان بنظرية
ولاية الفقيه كان انقلابا في الفكر الشيعي الإمامي وتخليا عن أهم أركان
النظرية الامامية وهي (العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية في الامام ،
أي الحاكم) وهذا ما يشكل تناقضا صارخا مع المقدمات الكلامية التي قادت الى
افتراض وجود ولد للامام العسكري ، واذا أجزنا قيام إمام فقيه عادل غير
معصوم ولامعين من قبل الله لا تبقى هناك اية حاجة لافتراض إمام معصوم لا
تراه الأبصار منذ اكثر من الف عام ، وهو ما يتناقض مع فلسفة الامامة وضرورة
وجود الامام في الأرض.


ان وجوب وجود الامام هو للقيام بمهمات الامامة وليس للقيام بمهمة إدارة
الكون حسبما يعتقد بعض الغلاة ، وان الغيبة تتناقض ببساطة مع مهمة الامامة.
وقد أتعب المتكلمون الاماميون أنفسهم كثيرا في فلسفة الغيبة وحاولوا
الخروج من المأزق الذي أوقعوا أنفسهم فيه بلا طائل.


ثم ان نظرية ولاية الفقيه المبنية على نظرية النيابة العامة المحدثة نظرية
تحمل في طياتها مخاطر اقامة حكم ديكتاتوري مطلق يستحوذ على صلاحيات رسول
الله باسم النيابة العامة عن الامام المهدي ، ويؤدي بالتالي الى إلغاء دور
الأمة في تعيين الامام او تحديد صلاحياته، وهو ما يشكل خطورة توازي الخطورة
الناجمة عن الانسحاب عن المسرح السياسي باسم التقية والانتظار.

سماحة الشيخ الصافي:

ان كل ذلك يدعونا – على الأقل – الى إعادة النظر في مسألة وجود الامام
المهدي (محمد بن الحسن العسكري) والتأكد مما إذا كان القول بولادته
واستمرار حياته حتى الآن مسألة حقيقية؟ أم فرضية فلسفية وهمية اجتهادية؟ ان
الإجابة الصحيحة عن ذلك كفيلة بهدايتنا الى الطريق الإسلامي السياسي
الصحيح.. طريق أهل البيت الواقعي .. طريق الشورى والتوازن بين الحاكم
والمحكوم.

هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
احمد الكاتب
10 شوال 1414هـ/1994


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minhaj.ahlamontada.com
منهاج السنة
لا اله الا الله محمد رسول الله
لا اله الا الله محمد رسول الله
منهاج السنة


رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Vitiligo-ae30eb86b8رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Iraqiaabc6667cb59
عدد المساهمات : 897
تاريخ التسجيل : 27/10/2012

رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي   رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 09, 2012 8:45 am

رسالة من أحمد الكاتب إلى لطف الله الصافي حول المهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة العلامة الكبير الشيخ لطف الله الصافي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد..
فقد كنت بعثت إليكم برسالة قبل أكثر من عام دعوتكم فيها لمناقشة كتابي
(تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) والذي أقول فيه :
ان نظرية المهدي عند أهل البيت كانت عامة وغامضة وغير محددة من قبل ، وان
تحديدها في (محمد بن الحسن العسكري) قد حدث بعد وفاة الامام العسكري ،
افتراضا واجتهادا من قسم من أربعة عشر قسما من الشيعة الامامية أتباع
الامام العسكري ، وذلك في محاولة منهم للخروج من الحيرة والأزمة الفكرية
التي وجدوا أنفسهم فيها عندما توفي العسكري ولم يوص الى أحد من بعده ولم
يتحدث عن مصير الامامة ولم يكن له ولد ظاهر ، فاضطر ذلك الفريق من الشيعة
الى افتراض وجود ولد له قالوا انه الامام من بعده ثم قالوا انه المهدي
المنتظر. وزعموا: ان أباه قد أخفاه تقية وخوفا عليه وانه حي موجود وانه
يتصل ببعض النواب الخاصين (السفراء الأربعة)


وكانت هذه الخلاصة التي توصلت اليها بعد دراسة طويلة وعميقة ، قد أقلقتني
وأقضت مضجعي لأنها كانت مخالفة لكثير مما نشأت عليه وكنت اعتقد به من قبل
.. ولكنني لم أحب التسرع في الالتزام بهذه الخلاصة والتبشير بها خوفا من ان
أكون مخطئا في منهجية البحث او غافلا عن بعض الأدلة والبراهين التي ربما
لم أتوصل اليها بالرغم من بحثي عن كل شيء.. وقد لجأت إليكم باعتباركم
الأكثر علما والأغزر كتابة وبحثا عن موضوع (الامام المهدي) في الوقت
المعاصر ، ولكم عدة كتب حول ذلك ، كما توسلت الى كثير من المراجع والعلماء
والأساتذة المختصين ان يناقشوا رسالتي ، وتمنيت من أعماق قلبي ان أكون
مخطئا او مشتبها حتى لا انحرف عن خط أهل البيت (ع) الذين رضعت حبهم منذ
طفولتي ولا زلت أؤمن بهم وأجلهم أعظم إجلال – والحمد لله – ولكني مع الأسف
الشديد لم ألقَ إجابة مناسبة من معظم أولئك العلماء الذين رفض بعضهم بشدة
مجرد الاطلاع على الدراسة ، وكنتم واجدا من الذين طلبوا الاطلاع عليها ،
وقد أرسلتها لكم بواسطة الشيخ العالمي إمام المجمع الإسلامي في لندن ، وقد
أخبرني سماحة الشيخ العالمي بعد ذلك: إنكم ألفتم لجنة من العلماء في قم
لدراسة الكتاب والرد عليه ، وقد سررت بذلك وانتظرت النتيجة طويلا ، وسمعت
أنكم قد أعددتم جوابا شفهيا ، وطلبتم سفري الى قم لعرض ردكم علي ، وقد
اعتذرت عن السفر لأسباب عديدة وطلبت من سماحتكم عبر السيد جواد الكلبايكاني
ان تكتبوا ملاحظاتكم وترسلوها الي لأني أحب ان انشر ردكم علي بقلمكم سواء
اقتنعت به او لم اقتنع ، ولكنني لم استلم منكم أي جواب مكتوب حتى الآن.


وقد نقل لي بعض الأخوة عنكم أنكم توصون بعدم طبع الكتاب وصرف النظر عنه ،
ولكن ذلك يصعب علي حيث بت معتقدا باختلاق نظرية وجود المهدي (محمد بن الحسن
العسكري) وإدخالها في تراث أهل البيت (ع) وإلصاقها بهم ، بيد اني لا زلت
مستعدا لتغيير قناعتي فيما إذا رددتم على كتابي واقنعتموني بخطأ معلوماتي
او منهجيتي في البحث ، وصدق الأدلة على وجود المهدي ابن الحسن العسكري
وقوتها ، خاصة وان المسألة لم تعد تقتصر على شخصي وانما أضحت فكرة مطروحة
في الأوساط الثقافية الشيعية وتبحث عن جواب.. ولذا اطلب منكم مرة أخرى ان
تولوا الموضوع أهمية قصوى وان تشكلوا لجنة أخرى قادرة على الرد او تطلبوا
من اخوتكم وزملائكن العلماء في قم ان يقوموا بذلك ،وانا مستعد للاستماع
إليهم في ندوة حوار ومناقشتهم في الأدلة الجديدة.


هذا وكنت قد اطلعت على مجموعة من كتبكم حول المهدي وبالأخص كتاب (منتخب
الأثر في النص على الامام الثاني عشر) الذي يحتوي على كثير مما كتبه
الأولون منذ ألف عام ، ولكنني لم استفد منه شيئا إضافيا أكثر مما كتبه
مشايخ الطائفة بعد وفاة الامام العسكري ، وقد وجدته يهمل بعض أهم الأدلة
التي ذكرها أولئك ويكتفي ببعض.


وكانت لدي بعض الملاحظات الأساسية على طريقة تناولكم للبحث في هذا الموضوع
، أرجو ان يسعها صدركم الكريم ، كما أرجو ان تكون مناسبة لبدء حوار فعلي
معكم شخصيا ، وهي كما يلي:

1- لقد
لاحظت أنكم تتبعون منهجا أخباريا متطرفا مرفوضا من أقدم الإخباريين ، وهو
قبول الروايات بدون أدنى تمحيص في المتن أو السند ، وذلك اعتمادا على رواية
مشايخ الطائفة لها او وجودها في كتبهم "المعتبرة". ومن المعروف ان المدرسة
الأخبارية الحشوية كانت تفعل ذلك في قديم الزمان ولذلك قبلت الروايات التي
تتحدث عن تحريف القرآن ، ولكنها تطورت بعد ذلك على يدي الشيخ علي بن
بابويه الصدوق وغيره من الرواة والمحدثين الذين قاموا بتمحيص السند وإسقاط
الروايات الضعيفة والترجيح فيما بينها ، وذلك قبل ان تولد المدرسة الأصولية
الاجتهادية على يدي الشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي ومن بعدهم
من العلماء.

وقد
كان موضوع (الامام المهدي)ووجوده وولادته موضوعا شائكا محيرا وغامضا عند
الشيعة الامامية بعد وفاة الامام العسكري ، لذلك أطلقوا على تلك الفترة اسم
(الحيرة) ثم قام بعض المحدثين كابن ابي زينب النعماني صاحب (الغيبة)
وتلميذ الكليني ، في القرن الرابع الهجري ، بالاجتهاد والنظر في الأخبار
القديمة والجمع بين عدد منها وإسقاط البعض الآخر والاستنتاج منها: صحة وجود
المهدي وغيبته ، كما يقول هو في كتابه ، ولكنكم أخذتم الأمر وكأنه من
المسلمات والبديهيات الثابتة المفروغ منها التي لا تحتاج الى مناقشة.

2- لقد
استعرضتم في كتابكم نظرية وجود المهدي وحاولتم الإتيان بالأدلة والبراهين
(الأحاديث) على صحتها ولم تشيروا الى وجود اختلاف بين الشيعة ، ولا الى
الحيرة التي عصفت بالامامية وفرقتهم الى أربعة عشر فرقة حول موضوع الخلف ،
وبالتالي لم تناقشوا النظريات المهدوية الأخرى التي كان يقول بها الشيعة
ذلك الحين والتي بلغت أكثر من عشرين نظرية.

3- لم
تناقشوا الأدلة التي سقتموها على صحة النظرية المهدوية للامام الثاني عشر ،
من المعاجز التي ادعاها او نسبت الى (النواب الأربعة الخاصين) او القصص
التاريخية التي تحدثت عن ولادة المهدي ومشاهدته في حياة أبيه ، وبعد ذلك
بالرغم من وجود علامات استفهام كثيرة حولها؟

4- لقد
أغفلتم الرواية التاريخية التفصيلية لظروف وفاة الامام العسكري ومسألة
الوصية بأمواله وأملاكه لأمه المسماة بـ:"حديث" وادعاء أخيه جعفر بالإمامة
وإقبال عامة الشيعة عليه في البداية ثم اختلافهم وتفرقهم ، كما أغفلتم
مسألة الخلاف داخل البيت العلوي بين أبناء الامام الهادي وحدوث البداء في
إمامة السيد محمد بن علي الهادي ، وشك الشيعة في إمامة الحسن العسكري ، وما
الى ذلك من القضايا التاريخية التي شكلت المقدمة والمدخل للقول بفرضية
وجود ولد للامام العسكري ، مع ما في ذلك من أهمية قصوى للوصول الى النتيجة
المفترضة.

5- لقد
قمتم بالخلط بين مجموعة من المقدمات العامة والخاصة بصورة غير علمية ولا
منطقية فأشرتم الى اتفاق المسلمين واجماعهم حول ظهور مصلح (مهددي) في آخر
الزمان ، وقلتم: ان الأحاديث الواردة حول ذلك هي متواترة.. ثم قفزتم بعد
ذلك لتؤكدوا صحة النظرية الاثني عشرية الخاصة بالمهدي ، وذلك بالرغم من
اختلاف الشيعة والإمامة وحتى اتباع الامام العسكري حول حقيقة المهدي او
الامام من بعده ، مما ينفي وجود أي اجماع او شهرة او تواتر حول المهدي
(محمد بن الحسن العسكري).

6- لقد
أشرتم بصورة خاطفة في كتابكم الفارسي (نويد أمن وأمان) الى الدليل العقلي
حول وجود المهدي ابن الحسن ، ولكنكم لم تذكروا الدليل بدقة وبصورة كاملة
وانما اكتفيتم ببعض مقدماته وهي : ( ضرورة الامامة الإلهية ووجوب كون
الامام المعصوم في جميع الأعصار وعدم جواز خلو الأرض من وجود الحجة خوفا من
سيخانها بأهلها) وقلتم: ان ذلك يدل على وجود صاحب الزمان وإمامته ، كما
قلتم: انا إذا أخذنا في الاستدلال بالبراهين العامة على الامامة فإنها تكفي
لإثبات وجود إمام العصر وغيبته (ص 51)

ولكن
علماء الكلام لا يكتفون بتلك المقدمات لإثبات وجود المهدي وانما يضيفون
اليها مقدمة مهمة جدا وهي: ( عدم جواز الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين ،
وضرورة انتقال الامامة في الأعقاب واعقاب الأعقاب بشكل وراثي عمودي الى
يوم القيامة) و ( عدم كون الامام العسكري هو المهدي الغائب واثبات وفاته
وعدم عودته الى الحياة مرة أخرى) ثم الاستنتاج من كل ذلك: ضرورة وجود ولد
له لكي تستمر الامامة في عقبه ، بالرغم من عدم إشارته الى ذلك او الوصية
الى أحد من بعده بالإمامة.

وان
موضوع (عدم جواز إمامة الأخوين) مبدأ لم يكن يجمع عليه الشيعة الامامية في
ذلك الوقت فقد كان الشيعة الامامية (الفطحية) يجيزون انتقال الامامة الى
أخوين عند عدم إنجاب الامام السابق لولد ، كما فعلوا عندما توفي الامام عبد
الله الأفطح حيث انتقلوا الى القول بإمامة أخيه الامام موسى بن جعفر
الكاظم ، واذا أخذنا بقولهم لا تعود هناك اية ضرورة لافتراض وجود ولد
للامام العسكري والادعاء انه المهدي ، كما رفض عامة الشيعة افتراض بعض
الفطحية بوجود ولد لعبد الله الأفطح والقول ان اسمه (محمد بن عبد الله)
وانه المهدي المنتظر الغائب.

7- ما
هو مفهومكم للتواتر؟ هل تعنون به الشهرة والتواتر في القرون المتأخرة؟
وهذا – كما تعلمون- لا ينفع في توثيق الأخبار التي قد تكون مختلقة في مرحلة
زمنية سابقة وغير موجودة بالمرة في مرحلة زمنية أسبق..


وقد استغربت جدا من دعواكم التواتر في أحاديث (المهدي محمد بن الحسن
العسكري) بالرغم من اختلاقها جميعا في عصر الحيرة او بعد مائة عام من وفاة
الامام العسكري ، ولست أدري لماذا لم تتوقفوا لحظة واحدة لتسألوا أنفسكم:
إذا كانت القضية متواترة وثابتة وبديهية ومجمع عليها فلماذا وقع الشيعة في
الحيرة؟ ولماذا افترقوا الى أربعة عشر فرقة أو أكثر من ذلك؟

8- ادعيتم
في اكثر من مكان: ان أحاديث المهدي (محمد بن الحسن العسكري) كانت مسجلة في
الأصول القديمة للشيعة منذ عصر الامام أمير المؤمنين (ع) وقبل ولادة أبيه ،
ولكنكم لم تذكروا أسماء تلك الكتب والأصول ولا أصحابها ، ولم تتحدثوا عن
مدى صحتها وصدقها.


وفي الحقيقة لا يوجد كتاب واحد يشير الى ذلك ما عدا كتاب (سليم بن قيس
الهلالي) وهو كتاب مختلق اشتهر في فترة الحيرة ، ويقول عنه ابن الغضائري
والشيخ المفيد في (شرح عقائد الصدوق): انه كتاب موضوع ومختلق ولا يجوز
الاعتماد عليه ، فأين هي المصادر المعتبرة والموثوقة من السنة والشيعة
والمؤلفة في القرن الأول الهجري؟

9- اعترفتم
ضمنا بضعف سند بعض الأخبار الواردة حول المهدي وغرابة بعضها واستبعاد وقوع
بعضها الآخر ، وقلتم:" ان ضعف السند في بعضها لا يضر بغيره مما هو في غاية
الصحة والمتانة سندا ومتنا ، ولا يلزم رفع اليد عن جميع الأحاديث الصحيحة
لمكان الأخبار الضعيفة مع اشتهار مفادها بين كافة المسلمين وكون أكثر
مخرجيها من أئمة الإسلام وكابر العلماء وأساتذة فن الحديث موجب للقطع
بمضمونها. هذا مضافا الى ان ضعف السند إنما يكون قادحا إذا لم يكن الخبر
متواترا ، واما في المتواتر منه فليس ذلك شرطا في اعتباره"(ص 2 منتخب
الأثر) ولكنكم لم تميزوا بين الأخبار الضعيفة والصحيحة ، ولم تبينوا ما هي
الأخبار التي هي في غاية الصحة والمتانة سندا ومتنا ، في حين لا يوجد في
الحقيقة خبر واحد صحيح سندا حول ولادة او وجود شخص اسمه (محمد بن الحسن
العسكري) وفي هذه الحالة ألا يلزم التوقف ورفع اليد عن تلك الأخبار
الموضوعة في الزمن المتأخر؟


ثم ما هي الأخبار الصحيحة التي اشتهر مفادها بين كافة المسلمين؟ هل تقصدون
أخبار المهدي العام غير المحدد؟ وهذه لا تفيد أية دلالة على وجود المهدي
(محمد بن الحسن العسكري).


ثم من تقصدون بأئمة الإسلام وأكابر العلماء والأساتذة في فن الحديث؟ هل
تقصدون عامة علماء المسلمين؟ أم عامة علماء الشيعة؟ أم علماء الفرقة الاثني
عشرية الأوائل؟ وهؤلاء بين متهم باختلاق تلك الأحاديث وبين متهم بالضعف
والتسامح في نقل الروايات عن الضعفاء والكذابين والغلاة وعدم التدقيق
والضبط.


ان علماء الرجال الشيعة الاثني عشرية يؤكدون ضعف مجموعة من الرجال تنتهي
إليهم كل الروايات الواردة حول المهدي (محمد بن الحسن العسكري) والقائمة
المسبقة بأسماء الأئمة الاثني عشر ، ويمكنكم مراجعة البحث الرجالي المفصل
الذي أجريته حول كل رواية رواية من تلك الروايات ، والموجود لديكم.


ولست أدري من أين استوردتم القاعدة التي تتسامح في شرط صحة السند إذا كان
الخبر متواترا؟ وكيف يحصل التواتر وتحصل الثقة إذا كان الرواة جميعا ضعافا
وكذابين؟ .. وقد قلنا: ان تلك الأخبار لم يكن لها وجود في حياة الأئمة من
أهل البيت (ع) وانها اختلقت فيما بعد واشتهرت بين من آمن بالنظرية الاثني
عشرية ، فهي ليست متواترة أبدا ولا يوجد بينها خبر واحد صحيح!


ويبدو ان هذه الشبهة قد أوقعت الكثير من الباحثين في موضوع المهدي وصرفتهم
عن بحث السند ودفعتهم للتصديق بالروايات الموضوعة والخلط بينها وبين
الروايات الصحيحة العامة حول خروج مصلح (مهدي) عند انحطاط المجتمع
الإسلامي.

10- وقد
استبعدتم احتمال وضع تلك الأحاديث بعد ولادة المهدي في زمن (الغيبة الصغرى
او الكبرى) وقلتم: " انه غير معقول بصورة قاطعة ، وذلك لأن الكتب التي
تضمنت تلك الأخبار مؤلفة من قبل رجال لا يحتمل فيهم جعل كلمة واحدة ،
وكانوا معروفين بالوثاقة والصدق والأمانة ، انهم أخذوا تلك الأحاديث عن
شيوخهم وعن الاصول المكتوبة قبل ولادة الامام المهدي وعبر وسائط معتمدة
مائة بالمائة من قبل مشايخ الرواة المعاصرين للأئمة والتابعين والصحابة"
واستنتجتم:" ان من يراجع تلك الأحاديث لا يبقى لديه مجال الشك والشبهة في
ان المهدي هو ابن الحسن العسكري" (ص 6 منتخب الأثر).

ولو
قمتم بمراجعة سند تلك الروايات بدقة لأدركتم: ان احتمال وضعها ليس معقولا
وواردا فحسب وانما هو ثابت بصورة قاطعة وأكيدة.. وذلك لأن الرجال الذين
يروون تلك الأخبار ، وخاصة الذين ادعوا النيابة الخاصة والسفارة كانوا موضع
تهمة لأنهم كانوا يجرون النار الى قرصهم وكانوا يحصلون على منافع مادية ،
وكانوا متهمين بوضع الروايات التي تؤيد ما ذهبوا اليه من افترض وجود ولد
للحسن العسكري ، ولم يكونوا معروفين بالوثاقة والصدق والأمانة ، وان كتب
الرجال الشيعية تشهد بذلك ، وانهم لم يرووا تلك الأخبار عن أي أصل مكتوب
قبل ولادة المهدي المزعومة ، ولا عبر أية واسطة معتمدة من مشايخ الرواة
المعاصرين للأئمة.. ومن هنا فان من يراجع سند تلك الأحاديث لا يبقى لديه
مجال للشك والشبهة في عدم صدق وجود أي ولد للامام العسكري.

شيخنا الكريم..
لما
ذا لا تتحدثون بدقة وتضعوا النقاط على الحروف وتبينوا رواية واحدة – كمثل
–مروية عن رجل موثوق عن أصل مكتوب او واسطة معتمدة مائة بالمائة من قبل
مشايخ الرواة المعاصرين للأئمة؟ حتى تقطعوا الشك وتستبدلوه باليقين؟


وقد قلتم في كتاب (نويد أمن وأمان) ص 34: " يكفي حديث معتبر واحد" وادعيتم
وجود مئات بل أكثر من ألف حديث في مئات الكتب المعتبرة الجامعة للأخبار
والتاريخ والرجال ، فما هي تلك الكتب المصدرية التي تعد بالمئات؟ ولا يوجد
لدينا من الكتب المعتبرة أكثر من أربعة والبقية غير مسندة ولا نستطيع القطع
على صحة نسبة جميع ما فيها الى مؤلفيها فضلا عن التصديق بروايتهم عن
غيرهم.

11- ولقد
أشرتم في أحد كتبكم (نويد أمن وأمان)ص 34: الى ان الإيمان بالمهدي (محمد
بن الحسن العسكري) جزء من الإيمان بالغيب الذي يجب على كل مؤمن ان يعتقد
به.


ولكن إذا سقطت تلك الروايات الواردة حول الموضوع لا يبقى مجال لربط
الإيمان بقضية لا دليل عليها بمسألة الإيمان بالغيب الواردة في القرآن
الكريم والمقصود منها: الإيمان بالآخرة والملائكة والجن وما شابه من الأمور
المذكورة في القرآن والسنة الثابتة ، ولا أحسبكم تعتقدون بأننا يجب ان
نؤمن بوجود المهدي غيبيا أي بلا دليل ، كما يقول يعض من يدعي العلم ، فان
ذلك يفتح بابا للإيمان بأية خرافة او أسطورة غيبيا ودون دليل.

12- واخيرا..
أود ان أناقش النتيجة العملية التي تهمنا والمبنية على الإيمان بنظرية
وجود الامام المهدي (محمد بن الحسن العسكري) وهي الموقف العملي من اقامة
الدولة الإسلامية في عصر الغيبة ، فقد طرحتم نظرية (النيابة العامة
للفقهاء) واعتبرتم حكومتهم هي الحكومة الشرعية الوحيدة ، وحكمتم على
الحكومات الأخرى المنتخبة من الشعب او غيرها بالحرمة والبطلان (الجواب عن
عشرة أسئلة ص 16)


وهذه نظرية حادثة وجديدة ، وقد كانت النظرية الاولى السابقة هي نظرية
(التقية والانتظار) وحرمة اقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة ،ولا تزال
آثارها ممتدة حتى اليوم في فتاوى الفقهاء المعاصرين الذين يحرمون او يهملون
كثيرا من الجوانب الحيوية في الإسلام بالرغم من قولهم بنظرية ولاية
الفقيه.


وكانت تلك النظرية تشكل الوجه الآخر الملازم للإيمان بوجود الامام المعصوم
الغائب وحرمة اقامة الدولة لغير الامام المعصوم ، ومن هنا فقد تحتم
الالتزام بالتقية والانتظار ، ولذلك كان العلماء الأوائل كالشيخ الصدوق
يرفضون نظرية ولاية الفقيه بشدة.


وفي الحقيقة: ان اضطرار الشيعة الامامية الاثني عشرية للإيمان بنظرية
ولاية الفقيه كان انقلابا في الفكر الشيعي الإمامي وتخليا عن أهم أركان
النظرية الامامية وهي (العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية في الامام ،
أي الحاكم) وهذا ما يشكل تناقضا صارخا مع المقدمات الكلامية التي قادت الى
افتراض وجود ولد للامام العسكري ، واذا أجزنا قيام إمام فقيه عادل غير
معصوم ولامعين من قبل الله لا تبقى هناك اية حاجة لافتراض إمام معصوم لا
تراه الأبصار منذ اكثر من الف عام ، وهو ما يتناقض مع فلسفة الامامة وضرورة
وجود الامام في الأرض.


ان وجوب وجود الامام هو للقيام بمهمات الامامة وليس للقيام بمهمة إدارة
الكون حسبما يعتقد بعض الغلاة ، وان الغيبة تتناقض ببساطة مع مهمة الامامة.
وقد أتعب المتكلمون الاماميون أنفسهم كثيرا في فلسفة الغيبة وحاولوا
الخروج من المأزق الذي أوقعوا أنفسهم فيه بلا طائل.


ثم ان نظرية ولاية الفقيه المبنية على نظرية النيابة العامة المحدثة نظرية
تحمل في طياتها مخاطر اقامة حكم ديكتاتوري مطلق يستحوذ على صلاحيات رسول
الله باسم النيابة العامة عن الامام المهدي ، ويؤدي بالتالي الى إلغاء دور
الأمة في تعيين الامام او تحديد صلاحياته، وهو ما يشكل خطورة توازي الخطورة
الناجمة عن الانسحاب عن المسرح السياسي باسم التقية والانتظار.

سماحة الشيخ الصافي:

ان كل ذلك يدعونا – على الأقل – الى إعادة النظر في مسألة وجود الامام
المهدي (محمد بن الحسن العسكري) والتأكد مما إذا كان القول بولادته
واستمرار حياته حتى الآن مسألة حقيقية؟ أم فرضية فلسفية وهمية اجتهادية؟ ان
الإجابة الصحيحة عن ذلك كفيلة بهدايتنا الى الطريق الإسلامي السياسي
الصحيح.. طريق أهل البيت الواقعي .. طريق الشورى والتوازن بين الحاكم
والمحكوم.

هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
احمد الكاتب
10 شوال 1414هـ/1994


رسالة من أحمد الكاتب إلى السيد محمد الصدر
سماحة السيد محمد الصدر حفظه الله
الحوزة العلمية – النجف الأشرف العراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد..
فقد اطلعت على كتابيكم عن تاريخ الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى ، ودرستهما
بدقة ، وكان البحث بصورة عامة يدور حول (الامام المهدي محمد بن الحسن
العسكري) مع مقدمة في البداية عن تاريخ الإمامين الهادي والعسكري ، ومؤخرة
عن تاريخ (النواب الأربعة) وغيرهم.

وقد
تركز الكتاب حول تاريخ ولادة (الامام المهدي) وقصص مشاهدة بعض خواص الشيعة
له في حياة أبيه ثم مشاهدته بعد وفاته خلال ما عرف باسم الغيبة الصغرى.
وقد اعتمد الكتاب على استعراض الروايات التاريخية حول ولادة الامام المهدي
ووجوده وتجنب الخوض في الأبحاث الكلامية التي تثبت وجوده وولادته بالأدلة
الفلسفية او (العقلية) او (الاعتبارية) كما تجنب الخوض في الأدلة الروائية
(الأخبارية) التي تثبت وجوده ، وذلك خلافا لما كان مشايخ الطائفة الاثني
عشرية يفعلون في كتاباتهم القديمة حول الموضوع ، حيث كانوا يعتمدون على
الأدلة الفلسفية والروائية أكثر من الاعتماد على الروايات التاريخية..

وقد
أشرتم في مقدمة الكتاب الى ضعف كثير من الروايات التاريخية الخاصة
بالموضوع وجهل سندها (ص 44) وإهمال علماء الرجال لذكر أسماء الرواة
والتحقيق في شخصياتهم على العكس من تحقيقهم في أسناد روايات المسائل
الفقهية ، مما أدى الى حدوث بعض المشاكل والصعاب في عملية البحث والتحقيق
في موضوع المهدي.

وذكرتم
اعتمادكم على الروايات "المتواترة" والمشهورة والتي لا يوجد لها معارض ،
وافتراض صحة الروايات التي ذكرها علماؤنا الأوائل ، واقتصرتم في بحثكم
التاريخي الذي وصفتموه بالعميق والجديد على مصادرنا الامامية الاثني عشرية
باعتبار ان اهل البيت أدرى بما فيه ولم تبالوا بالطعن الصادر من غير
الموالين لأهل البيت (ع) (ص 443)

واعتبرتم
مسألة وجود الامام المهدي من الضروريات في المذهب الاثني عشري ، التي لا
حاجة لبحثها ولا بد من تجاوزها.. كما اعتبرتم مسألة ضبط (السفراء الأربعة)
والايمان بصحة دعواهم من بين أدعياء النيابة الكاذبين الآخرين من المسائل
الضرورية الواضحة في المذهب، ولذلك فلا حاجة لتجشم العناء في إثبات ذلك .
(ص 395)

وبناء
على ذلك فقد بنيتم منهجكم في البحث والتحليل على الإيمان بالنظرية
المهدوية (الاثني عشرية) كما هي مذكورة في كتب مشايخ الطائفة (الصدوق
والمفيد والمرتضى والطوسي والنعماني) وغيرهم من محدثي الغيبة الصغرى وبداية
الغيبة الكبرى ، باعتبار النظرية بكل تفاصيلها من المسائل الضرورية
الواضحة ، ولم تجدوا حاجة للتحقيق في الرواية التاريخية التفصيلية عن ولادة
الامام المهدي ومشاهدته واللقاء به في حياة أبيه او في أيام النواب
الأربعة. وقد انصب جهدكم على تحليل الروايات والتعليق عليها وتفسير المعضل
منها وتأويل المتعارض والمخالف للقرآن الكريم والعقل والروايات الصحيحة
الأخرى.

وبالرغم
من الجهود التي بذلتموها في صياغة الموضوع وتحليل الأحداث فاني اعتقد ان
موضوعا خطيرا كموضوع وجود (الامام المهدي محمد بن الحسن العسكري) تترتب
عليه أمور كثيرة في الفقه والفكر السياسي والعقائدي ، ويقوم عليه كيان
الطائفة الاثني عشرية بحاجة الى بحث أعمق وأدق و أشمل ، ولا يجوز التقليد
والاعتماد على آراء العلماء السابقين بدعوى الضرورة او التواتر او الشهرة
سواء في أساس الموضوع او في الأمور التفصيلية منه.. خاصة مع وجود التهمة من
قبل عامة المسلمين وعامة الشيعة وعامة الامامية – ماعدا الفرقة الاثني
عشرية- باختلاق موضوع وجود الامام المهدي وابتداع القول به بعد وفاة الامام
العسكري وحدوث الحيرة من بعده.وقد استغربت من قولكم في المقدمة (ص
46):"ان منهجنا يقوم على الأخذ بالروايات المشهورة".

ان
الأمانة العلمية تقتضي استعراض الصورة التاريخية الدقيقة والشاملة كما
رواها مؤرخو الامامية الأوائل كسعد بن عبد الله الأشعري القمي في (المقالات
والفرق) والنوبختي في (فرق الشيعة) والمفيد في (الإرشاد) وغيرهم ، وعدم
الاكتفاء باستعراض الرأي القائل بوجود المهدي ، وحده من بين مجموعة الأقوال
التي قال بها شيعة الامام الحسن العسكري في أيام الحيرة.

ان
الإجماع او التواتر او الشهرة او الضرورة التي تتحدثون عنها في موضوع
المهدي لم يكن أي منها موجودا في حياة أهل البيت (ع) ولا بعد وفاة الامام
العسكري ، ولذلك حدثت الحيرة في موضوع خليفة الامام ، وانقسم الشيعة
الامامية الى أربعة عشر فرقة حول الموضوع.. وانما حدث ذلك بعد فيما بعد حين
قال فريق من الامامية بوجود ولد للامام العسكري هو الامام من بعده ، ثم
قالوا بعد حين انه الامام المهدي ، واستندوا في قولهم هذا على مجموعة أقوال
نظرية (فلسفية) واستعانوا ببعض الأحاديث العامة والغامضة وربطوا بعضها
ببعض ثم اجتهدوا فيها واستنتجوا منها حتمية وجود الولد للامام العسكري. ولم
يكن للقصص الأسطورية أي وجود في البداية.. وانما بدأ بعض الغلاة يحبك تلك
القصص الأسطورية لكي يدعم القول الافتراضي بوجود الامام (الثاني عشر) ولذلك
جاءت تلك القصص التاريخية التي تتحدث عن ولادته واللقاء به في أيام أبيه
وفي أيام الغيبة خالية من السند الصحيح ومروية عن اشهر الكذابين والوضاعين
كجعفر بن مالك الفزاري وآدم البلخي وأحمد الرازي.

واذا
كان بعض العلماء السابقين قد ذكر تلك الروايات الضعيفة فليس لكي يقدمها
دليلا على وجود المهدي وانما ليتخذها دليلا مساعدا يعضد به الدليل الأول
والأقوى لديه وهو الدليل الفلسفي (الاعتباري) ولكنكم أتيتم فيما بعد
وأهملتم الدليل الفلسفي (الكلامي) واكتفيتم بتلك الروايات الأسطورية التي
لا أساس لها من الصحة.

ومن
هنا فان الروايات التاريخية التي اعتمدتم عليها في تأليف كتابكم لا علاقة
لها بأهل البيت ولا بالمذهب الشيعي الإمامي ولا تعتبر من الضروريات ، بل هي
موضع شك عميق ، وان من مقدمات البحث الموضوعي دراستها من كل جانب والتأكد
من سندها بدقة وعد الاكتفاء بوجدانها في كتب العلماء السابقين ، حتى إذا
كانت خالية من المعارض ، وذلك لأن احتمال الوضع والتلفيق قائم حولها.

كما
ان احتمال قيام (النواب الأربعة) الذين ادعوا السفارة عن المهدي بتلفيق
تلك القصص وترويجها أملا بدعم دعاواهم الفارغة قائم أيضا ، وقد كان الشيعة
الأوائل يشكون في صدق ادعائهم ، وقد حدث صراع بين أدعياء النيابة المختلفين
وكذب بعضهم بعضا ، ولا يجوز ان نعتمد على توثيق السابقين لهم ونقلدهم في
ذلك، بل لا بد من بذل الجهد للاجتهاد في ذلك وتجشم عناء البحث من أجل كشف
حقيقتهم..

إذن
فان الحاجة الى إعادة النظر في الموضوع برمته ملحة جدا ولا بد أيضا من
إعادة النظر في منهج البحث والتمييز بين الروايات الصحيحة والمزورة وذلك
باعتماد علم الرجال ومبادئ الرواية ورفض اية رواية ضعيفة او مجهولة او
مقطوعة السند حتى لو كانت مذكورة في كتب العلماء السابقين الذين كانوا
يحاولون ان يدعموا نظريتهم بأية إشاعة ، خاصة مع وجود الشك والتهمة باختلاق
نظرية (الاثني عشرية) في عصر الحيرة بعد وفاة الامام العسكري بعقود من
الزمن.

ويسرني
في هذه المناسبة ان اقدم لكم جهدي المتواضع الذي يثبت اختلاق النظرية
المهدوية (الاثني عشرية) وافتراض وجود (الامام المهدي محمد بن الحسن
العسكري) الذي لا وجود له في الواقع ، أتمنى منكم ان تلقوا بنظرة فاحصة على
الكتاب وتوافوني بما لديكم من ردود.. وانا على استعداد لأن أغير وجهة نظري
او أعدلها إذا قدمتم لي اية أدلة علمية تثبت موضوع الولادة والوجود للمهدي
(محمد بن الحسن العسكري)

وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احمد الكاتب
لندن 1413هـ

رسالة من أحمد الكاتب إلى السيد محمد الشيرازي حول المهدي وصلاة الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الكبير الامام السيد محمد الشيرازي دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأبقاكم لنصرة دينه الحنيف
سيدي الكريم
لا
شك أنكم تدركون أهمية موضوع التاريخ ، والتاريخ الاسلامي الشيعي بالذات ،
وتشكيله جزءا من عقيدتنا حول أهل البيت (ع) وان هذه العقيدة التاريخية وما
تحمله من نظرة الى أئمة أهل البيت تشكل مقدمة او قاعدة أساسية للفقه ، وان
الاجتهاد في الفقه لا يمكن ان يتم بصورة صحيحة الا بعد الاجتهاد في العقيدة
التاريخ وخاصة فيما يتعلق بنظرية الامامة الالهية لأهل البيت ووجود او عدم
وجود الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري).

وكما
تعرفون فقد تربينا على أيديكم منذ الصغر وآمنا بالمذهب الشيعي الإمامي
الاثني عشري ، وقد قمنا منذ عدة سنوات بقراءة التاريخ الشيعي وأحاديث أهل
البيت (ع) بدقة ووجدنا نوعا من الخلط بين تراثهم العظيم وبين أفكار
الفلاسفة والمتكلمين والغلاة الذين كانوا يدعون تأييد الأئمة لهم أو
ينسبون أقوالهم الباطلة إليهم (عليهم السلام) من خلال اصطناع الأحاديث
الكاذبة ووضعها على لسانهم.

وبالرغم
من سهولة التمييز بين أحاديث أهل البيت (ع) وبين الأحاديث الموضوعة
المنسوبة إليهم كذبا ، وذلك من خلال عرضها على القرآن الكريم وعلى الأحاديث
الصحيحة الثابتة ، والتأكد منها من خلال دراسة سندها ومعرفة رجالها
وامكانية التعرف على الكذابين والوضاعين والغلاة وإسقاط رواياتهم.. وكذلك
من خلال المقارنة التاريخية. بالرغم من ذلك فانه مع الأسف الشديد غلب
التقليد على بعض علمائنا الذين تأثروا بالمتكلمين وآمنوا بأفكارهم الباطلة ،
فاستساغوا الروايات الضعيفة الكاذبة ولم يأبهوا لضعف سندها وانحراف رواتها
، ولم يتعبوا أنفسهم كثيرا في دراسة تلك الروايات من جوانبها المختلفة تحت
حجة انها ضرورية وبديهية ومسلمة، كما أغمضوا أعينهم عن قراءة التاريخ ،
وراحوا يشيحون بوجوههم عن الحقائق البارزة ويحاولون إنكارها او تأويلها او
إهمالها.. وراحوا يصرون على التشبث بنظرياتهم الفلسفية البعيدة عن أهل
البيت.


ودأب بعض العلماء المجتهدين في الفقه والأصول والمقلدين في موضوع العقيدة
والتاريخ على ادعاء" الاجتهاد المطلق" ومعرفة أسرار الدين ، فضلوا وأضلوا .

وكانت
ثقتي بكم – ولا تزال - كبيرة في ان تولوا التاريخ الشيعي العقائدي أهمية
كبرى في مسيرتكم الاجتهادية وتقوموا بدراسة الروايات وتصفيتها من الدخيلة
والضعيفة والموضوعة ، ثم تقارنوا بين الأحداث التاريخية وتفسروها تفسيرا
علميا صحيحا ، بلا تأويل تعسفي ولا إنكار أولي..


واعتقد ان المشكلة الكبرى التي تحول دون التوصل الى اجتهاد سليم
واستنتاجات دقيقة هو التشبث بالنظرية التقليدية الموروثة منذ تكون الفرقة
الاثني عشرية في القرن الرابع الهجري ، والتصديق بالأحاديث التي وضعت ذلك
الحين على لسان الرسول الأعظم والأئمة من أهل البيت في أن الأئمة اثنا عشر
وهم فلان وفلان ، كما ورد مثلا في: ( سليم بن قيس الهلالي) الموضوع ، الذي
ظهر في ذلك العصر.. ولو قمنا أولا بدراسة أحاديث " الاثني عشرية" وتحققنا
منها واحدا واحدا ، وهي تبلغ حوالي مائتي رواية ، ذكرها الخزاز في (كفاية
الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ) لوجدنا انها جميعا روايات ضعيفة
ومكذوبة ولم يكن لها أثر قبل ذلك الحين ، ولأدركنا عدم صحة ذكر النبي
للأئمة القادمين من بعده بأسمائهم وصفاتهم واحدا بعد الآخر ..


ولو راجعنا كتب الكلام الشيعية المؤلفة في القرنين الثاني والثالث
الهجريين لوجدنا انها لم تكن تعرف نظرية تحديد الامامة في اثني عشر اماما
فقط ، بل كانت تعتقد باستمرار الامامة الى يوم القيامة ،وكذلك لو راجعنا
الروايات الكثيرة السابقة المروية عن الشيعة الامامية في القرون الثلاثة
الأولى لوجدنا انها ايضا تؤكد استمرار الامامة في الأعقاب واعقاب الأعقاب
الى يوم القيامة ، و هذا ما يتنافى مع تحديدهم من قبل في اثني عشر واحدا
فقط..


وان ما يؤكد هذه الحقيقة: ( حقيقة عدم تحديد أسماء الأئمة من قبل ) وتكوين
النظرية الاثني عشرية في القرن الرابع ، هو عدم معرفة الأئمة بالضبط
لأسماء خلفائهم ، كما حدث مع الامام الصادق (ع) الذي أوصى في البداية الى
ابنه إسماعيل ، ثم أحجم عن الوصية بالإمامة الى أي أحد من أولاده وترك
الأمر غامضا ولحين الوفاة ، مما أدى الى تفرق الشيعة الامامية وقول معظمهم
– ما عدا الإسماعيلية والناووسية – بإمامة ابنه الأكبر عبد الله الأفطح ،
وربما لو كان يكتب لعبد الله الحياة الطويلة من بعد الصادق او كان له
أولاد ، لسارت النظرية الامامية في أعقابه وأعقاب أعقابه الى يوم القيامة
بعيدا عن الامام موسى بن جعفر ، كما سارت في إسماعيل وابنائه .

وقد
أدى عدم معرفة الأئمة لخلفائهم من قبل ، الى ظهور نظرية (البداء) – حتى
على حسب التفسير القائل : بالظهور من الله – وذلك لتفسير ظاهرة الوصية لرجل
ثم العدول عنه بعد موته ، وقد تكررت الظاهرة مع الامام الهادي (ع) الذي
أوصى الى ابنه السيد محمد ، ثم عدل عنه الى ابنه الحسن العسكري ، بعد وفاة
أخيه مبكر ، ولو كان ثمة قائمة مسبقة بأسماء الأئمة معروفة من قبل ومنذ
أيام الرسول الأعظم (ص) لصعب جدا على أبناء الأئمة وإخوانهم ادعاء الامامة
دون المعينين المعروفين ، ولبعد جدا اختلاف الشيعة يمينا وشمالا ، ووقوعهم
في حيرة وغموض.. ولما كان هناك أي داع للسؤال من أي إمام عن الخليفة من
بعده والإلحاح عليه بشدة في طلب الجواب ، ورفض الأئمة الجواب عادة الا
بالعلامات والإشارات والمواصفات كقولهم: انها في الأكبر ، مثلا ، ولما
مات تلامذة عظام للأئمة كزرارة بن أعين ، وهم لا يعلمون من هو إمام الزمان.


ولا يمكن ان نفسر ادعاء محمد بن الحنفية وزيد ومحمد بن عبد الله بن الحسن
، وأحمد بن موسى بن جعفر ، وجميع أبناء الأئمة وإخوانهم وأبناء عمومتهم
للإمامة في القرون الثلاثة الأولى ، بالعناد واتباع الهوى والشهوات
ومخالفة أوامر الله والرسول وإهمال القائمة المحددة من قبل بأسماء الأئمة
الاثني عشر .. وهم كانوا على درجة كبيرة من التقوى والورع والصلاح والجهاد
في سبيل الله.


واخيرا فان عدم ظهور الامام الثاني عشر وعدم وجود أدلة كافية وقوية وصحيحة
عليه ينسف حكاية "الاثني عشرية" ويعيدنا الى الوراء للتساؤل في ما اذا
كانت نظرية الامامة الالهية هي حقا نظرية الأئمة من أهل البيت عليهم
السلام؟ أم هي من صنع الفلاسفة والغلاة والمتكلمين؟

ومن
المعروف ان نظرية الامامة الالهية ترتكز على فلسفة (العصمة) وضرورة
اشتراطها في الامام ، أي الحاكم والرئيس والمنفذ للشريعة الاسلامية ، وذلك
بناء على القول في الإطلاق لولاة الأمر في الخير والشر والحق والباطل ،
حسبما يقول المتكلمون ، وخاصة هشام بن الحكم الذي ابتدأ القول بالعصمة .


وهذا ما يسميه المتكلمون : بالدليل العقلي ، وهو في الحقيقة ليس دليلا
عقليا بحتا وليس دليلا فطريا ، وانما يقوم على تأويل نص معين ، والقول
بالإطلاق ورفض النسبية في الطاعة الواردة في الآية الكريمة ( يا أيها الذين
آمنوا أطيعوا الله أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وعلى أية حال فقد قال
المتكلمون الذين آمنوا باشتراط العصمة في الامام بضرورة تعيينه من قبل
الله بعد ان قالوا بعجز الأمة عن اكتشاف الامام المعصوم وعدم إمكانية
الشورى لأن تكون طريقا شرعيا لانتخاب الامام ، وضرورة حصر الامامة في أهل
البيت وانتقالها بالوراثة في ذرية علي والحسين الى يوم القيامة.

وقد
أول المتكلمون واختلقوا روايات تفيد النصب من الرسول للامام علي بن ابي
طالب (ع) ثم حصروا الامامة في أولاد الحسين دون أولاد الحسن ، بلا أي دليل
مقنع..

ثم
وقعوا في مشكلة التعرف على الامام بعد الامام ، خاصة اذا لم يكن يوجد
عليه نص واضح ، كما لم يكن يوجد أي نص من الحسين على ابنه علي زين العابدين
، فاخترعوا نظرية (المعجزة) كطريق لاثبات إمامة هذا او ذاك ، وادعى
الغلاة نزول الوحي والملائكة على الأئمة والتحدث معهم ، وقالوا بنظرية
(الجفر والنكت والنقر وعمود النور والإلهام ) وما الى ذلك ، وبالرغم من
تناقض ذلك مع القرآن الكريم في أكثر من موضع ، من حيث ادعاء علم الغيب الذي
لا يعلمه الله ولم يعلمه الا بعض رسله ، وفي بعض الأمور فقط ( ولو كنت
أعلم الغيب لاستكثرت من الخير).


واذا ابتعدنا عن نظريات الفلاسفة والمتكلمين والغلاة ، واستطعنا ان نكشف
كذب رواياتهم وزيفها ، وعدنا الى أهل البيت (ع) والى أحاديثهم المتواترة
الثابتة في أمهات كتبنا ، والتي تنفي العصمة عنهم وترفض الغلو وتحذر
المتكلمين من (الكلام) ولم نؤولها تعسفا وعنادا ، لوجدنا انهم أقرب الى
نظرية الشورى القرآنية العقلائية وانهم كانوا يؤكدون على ضرورة انتخاب
الامام من قبل الأمة ويلعنون من يقوم باغتصاب الامة أمرها ويتولونها من غير
مشورة ..

ويكفي
لترجيح نظرية الشورى والايمان بوهمية نظرية النص مرور أكثر من الف عام من
تاريخ الأمة الاسلامية مع عدم وجود إمام ظاهر معين من قبل الله وعدم
وجود حل آخر سوى نظرية الشورى ، عمليا ، وربما ستمضي مئات او آلاف او
ملايين السنين الى يوم القيامة مع عدم ظهور مصداق واحد من مصاديق نظرية
النص .. وهذا ما يدعونا الى التفكير بجدية واعادة النظر مرة اخرى في
عقائدنا الموروثة التقليدية ويدفعنا للاجتهاد في قراءة التاريخ والعقائد
على أساس القرآن الكريم والعقل والأحاديث الصحيحة الثابتة.

ومن
هنا فاني اعتقد أنكم تتفقون معي في الرأي على ضرورة إطلاق لقب ( المجتهد)
على من يجتهد في العقائد والتاريخ ، قبل ان يجتهد في اللغة والأصول والفقه ،
دون من يقتصر على الاجتهاد في المراحل السطحية الأخيرة التي تتأثر سلبا
أو إيجابيا بالمراحل الاولى الأساسية ، وان إعادة بناء الحضارة الاسلامية
من جديد يتطلب القيام بعملية اجتهاد كبرى أساسية وجذرية في العقائد والأصول
الأساسية.

كما أرى ان سماحتكم الكريمة بما عرف عنكم من جد واجتهاد وذكاء ، أقدر الناس على القيام بذلك.
وفقكم الله وعاكم وأسألكم الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولدكم : أحمد الكاتب
لندن في 3 رجب 1414

دعوة لإعادة النظر في حكم صلاة الجمعة
سماحة الامام السيد محمد الشيرازي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فقد تسنى لي خلال السنوات الماضية ان أقوم بإلقاء نظرة على معظم أمهات كتب
الفقه الشيعية خلال ألف عام ، وان أقارن بين آراء العلماء الأعلام فيما
يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية .. وقد وجدت أثناء البحث سيادة نظرية "
التقية والانتظار" في القرون الأولى من (عصر الغيبة).. وان تلك النظرية
كانت تحرم وتعطل كل ما يتعلق بالدولة في (عصر الغيبة). كما وجدت كثيرا من
العلماء المتقدمين والمتأخرين يحاولون التملص من تلك النظرية اللامعقولة
والمخالفة للقرآن الكريم والفطرة والواقع . وقد توجت محاولاتهم الجريئة
بالقول في القرون الأخيرة.. بنظرية ولاية الفقيه ، واستطاعوا بذلك ان
يعيدوا الحياة للجوانب المجمدة من القوانين الاسلامية كقانون الثورة
والدولة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة الحدود والخمس وما شابه.

وقد
لاحظت ان القول بولاية الفقيه تطور تدريجيا مسألة مسألة ومن عالم الى عالم
.ز وقد أثار انتباهي قولكم لأول مرة في تاريخ الفقه الشيعي الجديد ،
بقدرة الفقيه الولي على إعلان الجهاد الابتدائي ، خلافا لإجماع العلماء
الممتد منذ أكثر من ألف عام ، والمبني على قاعدة نظرية "التقية والانتظار".

وقد عززتم بذلك نظرية "ولاية الفقيه" وتقدمتم بها خطوة الى الامام.

واعتقد ان هناك خطوة مشابهة اخرى تحتاج الى التنفيذ ، وهي صلاة الجمعة ،
وهي كما قلتم في كتاب (الفقه ) ثابتة بصريح القرآن الكريم والأحاديث
الصحيحة ، ولكن الذي أدى الى تحريمها او نفي الوجوب عنها هو القول بنظرية
(التقية والانتظار) واشتراط حضور الامام العادل ، أي الامام المعصوم ، او
إذن نائبه الخاص.


وقد ظهر هذا الشرط في القرن الخامس الهجري أيام السيد المرتضى والطوسي ،
واعتمد على الإجماع (اجماع المسلمين) في اشتراط إذن الامام في صلاة الجمعة
، وكان عامة المسلمين يقصدون بذلك الحاكم بصورة عامة.


وقد استورد أصحاب مدرسة التقية شرط الإجماع هذا من (العامة) ثم أضافوا
اليه شرط العدالة ثم فسروا العدالة و(الامام العادل) بالإمام المعصوم ،
ولما كان الامام العادل (المعصوم) غائبا ، حسب النظرية الاثني عشرية / فقد
قالوا بتعطيل صلاة الجمعة في (عصر الغيبة).


وكان عملهم هذا جزءا من أعمالهم الأخرى التي عطلوا فيها الجوانب السياسية
المهمة لعدم وجود او ظهور الامام المعصوم (المهدي المنتظر).


وبالرغم من ان نظرية (التقية والانتظار) كانت نظرية اجتهادية ظنية وقائمة
على تأويلات لأحاديث ضعيفة ، فان أصحاب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minhaj.ahlamontada.com
منهاج السنة
لا اله الا الله محمد رسول الله
لا اله الا الله محمد رسول الله
منهاج السنة


رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Vitiligo-ae30eb86b8رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Iraqiaabc6667cb59
عدد المساهمات : 897
تاريخ التسجيل : 27/10/2012

رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي   رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 09, 2012 8:45 am


الى الاستاذ التلميذ: مالكم تكأكأتم علي كتكاكؤكم على ذي جنة؟
السيد الجليل الاستاذ التلميذ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علمت من بعض الأخوة المتحاورين ان السيد الفاضل الذي يسمي نفسه هنا في هذا
الموقع بالتلميذ ما هو الا عالم كبير ورجل جليل , وقد وددت لو يفصح لنا
السيد التلميذ عن اسمه وهويته ويدخل مواقع الحوار باسمه الصريح لأن ذلك
أدعى للجدية والالتزام بآداب الحوار والتأثير في الناس وأبعد عن السخرية
والاستهزاء والجدال .
واعتقد ان من أوليات أي حوار هو افتراض الطرفين
انهما على الحق او الباطل ( وانا أو اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين) وعدم
ادعاء الحق المطلق لدى الذات وادعاء الباطل المطلق لدى الطرف الآخر لأن ذلك
يحول دون استماع وجهة النظر الأخرى جيدا ومحاولة التعرف على مكامن القوة
والانصراف الى الرد السريع والجدل ومحاولة افحام الخصم بأية وسيلة حقة او
باطلة ، وربما كان بعض الخصوم لا يجيدون لغة الجدال او لا يتذكرون أدلتهم
جيدا او لا يجدون الوقت الكافي للرد على هذا او ذاك خاصة اذا تكاكأ جماعة
على شخص واحد كتكؤهكم على ذي جنة كل يطالب بالدليل والرد في نفس الوقت.
ومن هنا ارجو من سماحة السيد الاستاذ معلم التلاميذ ان يعيد النظر في قوله
(لعلي ارفع عن ذهنك الشبهة التي علقت به واجلي عن بصرك الظلمة التي لولاها
لأبصرت الحقيقة ) لأن الطرف الآخر يستطيع بسهولة ان يفترض في نفسه نفس
الدور وهو يعتقد انه يقوم بذلك بالضبط ولكن آداب الحوار تمنعه من استخدام
هذه العبارات الاعلامية أملا بالوصول الى نتيجة فيها لله رضا وللناس أجر
وثواب.
سيدي الجليل اعتقد انك تتفق معي على ان الامام الحسن العسكري
عليه السلام توفي دون ان يعلن عن وجود ولد له فقد قلت : ان نكران البعض
وجود ابن للامام العسكري وولادة المهدي أمر طبيعي للتكتم والسرية والاخفاء
لولادة الامام ونتيجة لما اشيع بين الناس من عدم وجود خلف للامام وذلك بهدف
المحافظة على الامام من السلطات الحاكمة في ذلك الزمان ، ولم يكن أمر
ولادته مشهورا بين الناس لهذا الأمر بل ان الذي علم بذلك هم خواص وثقاة
الامام العسكري ومسألة خفاء ولادة الامام مما ورد ضمن الروايات الكثيرة)
وذكرت رواية عن العمري انه كان ينهى عن السؤال عن اسم ابن الامام الحسن حيث
لم يكن في البداية معروفا حتى اسمه. وقلت : ان اشاعة الخبر بأن الامام
العسكري لم يخلف ولدا انما هي مسألة مقصودة حفاظا على الامام المهدي من
السلطان العباسي.
وقلت ايضا : لقد اعترف الامام العسكري بوجود ولد له
من خلال اخباره خواص شيعته بذلك وورد الخبر الصحيح الذي رواه الكليني عن
ابي هاشم.
اذن فانك تتفق معي ان التاريخ الظاهري المؤيد من الامام
العسكري واهل بيته وحتى امه وكثير من الشيعة وشيعة الامام العسكري ماعدا
فرقة واحدة من أربعة عشر فرقة اعترفوا بالظاهر من عدم وجود ولد للامام
العسكري ، وقالت الفرقة الرابعة عشرة: بأنه ولد سرا وانهم على ارتباط معه و
رووا روايات كثيرة حول اخبار الامام العسكري لهم سرا ورؤيتهم لولده في
حياة ابيه.

ان
الرواية التاريخية الظاهرية للاحداث بعد وفاة الامام الحسن العسكري تقول :
ان الامام لم يخلف ولدا لا ذكرا ولا انثى ، وانه اوصى بأمواله لأمه :
(حديث) ، ولذلك فقد ادعى اخوه جعفر الامامة وتبعه قوم من الشيعة ، اما
رواية (النواب ) فتقول : انه كان ثمة ولد مخفي مستور للامام العسكري ، وقد
ادعوا النيابة عنه والوكالة له . وان تصديقهم يجر الى التصديق بوجود (الحجة
بن الحسن) ولكن التشكيك بقولهم لا يثبت شيئا من الرواية السرية بوجود ولد
للامام العسكري ، فهل كانوا صادقين حقا ؟ وهل اجمع الشيعة على وثاقتهم؟
وكيف صدقوهم ؟ وماهو الدليل على صحة كلامهم ؟ .. وهل هناك ما يدعو الى
التشكيك بهم والريب في دعواهم النيابة عن (الامام المهدي) والشك في وجوده؟
قبل ان نقيّم تلك الروايات التي وردت بمدحهم وتوثيقهم ، لا بد ان نشير الى
ان ظاهرة ادعاء النيابة عن (الامام المهدي) هذه لم تكن اول ظاهرة في تاريخ
الشيعة ، حيث سبقتها وسبقت هؤلاء (النواب الاربعة) ظواهر اخرى ادعى فيها
كثير من الاشخاص النيابة والوكالة عن الأئمة السابقين الذين ادعيت لهم
المهدوية ، كالامام موسى الكاظم (ع) ، الذي ادعى كثير من اصحابه استمرار
حياته وغيبته ومهدويته ، وكان منهم محمد بن بشير الذي ادعى النيابة عنه ،
ثم ورّث النيابة الى ابنائه واحفاده .
وقد ادعى النيابة عن (الامام
محمد بن الحسن العسكري ) بضعة وعشرون شخصا ، كان منهم الشريعي والنميري
والعبرتائي والحلاج وغيرهم ، و ذلك لأن دعوى النيابة كانت تجر مصالح مادية
ومكانة اجتماعية سياسية للمدعي ، خاصة وان المدعي كان يهمس بها في السر
وينهى عن التحقيق في دعواه ، ويستغل علاقاته السابقة بالامام فيدعي استمرار
حياته او وجوده والنيابة عنه . وكانت دعواه تنطلي على البسطاء ويرفضها
الاذكياء المحققون الواعون . وقد رفض الشيعة الامامية دعوى اكثر من عشرين
مدعٍ للنيابة عن (الامام المهدي ابن الحسن العسكري) واتهموهم بالكذب
والتزوير ، كما شككوا بصحة دعوى اولئك (النواب الاربعة) واختلفوا حولهم ، و
لم يكن في الروايات التي اوردها المؤرخون دليلا علميا قويا على صدقهم وصحة
دعاواهم وهذا ما يجعل هؤلاء قسما من المدعين الكاذبين المتاجرين بقضية
(الامام المهدي) .
لقد اعتمد الشيخ الطوسي في توثيق عثمان بن سعيد
العمري على عدة روايات ، وكان بعضها ، كرواية احمد بن اسحاق القمي ، ينص
على توثيقه من قبل الامام الهادي والامام العسكري في المحيا والممات ، وانه
الوكيل والثقة المأمون على مال الله ، وليس فيها ما ينص على نيابة العمري
عن الامام (المهدي) ولكن بعض الروايات كان ينص بصراحة على اعلان الامام
العسكري خلافة العمري للامام المهدي ، الا ان سند هذه الرواية ضعيف جدا
وذلك لاشتماله على (جعفر بن محمد بن مالك الفزاري) الذي يقول عنه النجاشي
وابن الغضائري : · انه كذاب متروك الحديث وكان في مذهبه ارتفاع (غلو) ويروي
عن الضعفاء والمجاهيل وكل عيوب الضعفاء مجتمعة فيه ، وقد روى في مولد
القائم اعاجيب ، وكان يضع الحديث وضعا ، وانه كان فاسد المذهب والرواية .
أما الرواية السابقة التي تتحدث عن وثاقة العمري وأمانته ووكالته فانها
مجهولة ، ويوجد في سندها الغالي (الخصيبي) وهي تنطوي على دعوى علم الامام
العسكري بالغيب ومعرفته بوفد اليمن قبل ان يراهم (الطوسي: الغيبة215-216)
وهذه الدعوى من مفاهيم الغلاة ، وان الرواية الأولى تقول: ان العسكري أخبر
باستقامة العمري في المستقبل بعد وفاته ، وهذا ما لا يعلمه الا الله ، وهو
من علم الغيب ايضا.
ومن هنا ، وبعد سقوط هذه الروايات لضعفها متنا
وسندا ، فانا نكاد نحصل على نتيجة واحدة ، هي: ان العمري الذي كان وكيلا
للامامين الهادي والعسكري في قبض الاموال ، قد استصحب الوكالة وادعى وجود
(ولد) للامام العسكري ، ليدعي الوكالة له ، دون ان يقدم دليلا واضحا وأكيدا
على ما يقول . ولذلك لا يؤكد المؤرخون بصراحة على توكيل (المهدي) له ،
وهذا الطبرسي الذي كان حريصا على تدوين كل ما وصل اليه لا يقول في كتابه
(الاحتجاج) اكثر من : ( ان العمري قام بأمر صاحب الزمان ، وكانت توقيعاته
وجوابات المسائل تخرج على يديه) بحار الأنوار ج51 ص 362
ولم يذكر المؤرخون الشيعة اية (معجزة ) له تثبت دعواه في النيابة ، بالرغم من قول السيد عبدالله شبر في رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي Frownحق
اليقين): ان الشيعة لم تقبل قول النواب الا بعد ظهور آية معجزة تظهر على
يد كل واحد منهم من قبل صاحب الأمر ، تدل على صدق مقالتهم وصحة نيابتهم
./المصدر ص 224/
أما (النائب الثاني : محمد بن عثمان بن سعيد العمري)
فلم يذكر المؤرخون الشيعة اي نص مباشر عليه من (المهدي) بتعيينه نائبا عنه ،
وقال الطوسي: : ·انه قام مقام أبيه بنص أبى محمد (الحسن العسكري) عليه ونص
أبيه عثمان بأمر القائم . /الغيبة 218/
وذكر الطوسي رواية عن عبدالله
بن جعفر ال****ي القمي ، انه قال: ان المهدي قد ارسل الى العمري (توقيعا)
يعزيه فيه بوفاة والده عثمان بن سعيد ، ويحمد الله على قيامه مقامه ويدعو
له بالتوفيق . وان الكتب أتتنا بالخط الذي كنا نكاتب به باقامة أبى جعفر
مقام أبيه ، كما نقل الطوسي رواية اخرى عن محمد بن ابراهيم بن مهزيار
الاهوازي واخرى عن اسحاق بن يعقوب عن الامام المهدي يشهد بوثاقته ويترضى
عليه. وكل هذه روايات تنقل بواسطة العمري نفسه ، وهو ما يضعف الرواية.

ولا يوجد اي طريق لاثبات دعوى ان العمري عثمان بن سعيد قد نص على ابنه محمد
بأمر القائم ، ويبدو انه تخمين من قبل الطوسي ، كما لا يوجد في الحقيقة اي
دليل لاثبات النص من الأب على الابن سوى الوراثة والادعاء.
ان المشكلة
الكبرى تكمن في صعوبة التأكد من صحة (التواقيع) التي كانت يخرجها العمري
وينسبها الى (الامام المهدي) وخاصة التوقيع الذي رواه ال****ي القمي ، حيث
لم يذكر طريقه الى (الامام الغائب ) مما يحتمل قويا ان يكون العمري قد كتبه
بيده ونسبه الى (المهدي) خاصة وانه يكيل المدح والثناء لنفسه فيه ، مما
يلقي بظلال الشبهة عليه لو كان الامام ظاهرا ، فكيف وهو غائب؟ ولا يوجد اي
راوٍ للتوقيع سوى العمري نفسه ، ولم يقل ال****ي كيف سارع الى تصديق
التوقيع مع وجود الجدل في ذلك الزمان بين الشيعة حول صدق العمري في دعوى
النيابة ؟ مع احتمال اختلاق ال****ي القمي نفسه للتوقيع ونسبته الى
(المهدي).
واما رواية محمد بن ابراهيم بن مهزيار الاهوازي ، فهي ضعيفة
لأنه يعترف بأنه كان يشك في وجود المهدي في البداية ، وقد ادعى الوكالة بعد
ذلك في أعقاب لقائه بالعمري في بغداد ، وبالتالي فانه مشكوك في أمره ، ولا
يقول هنا كيف خرج التوقيع اليه مباشرة او عبر العمري ؟ فان كان يدعي انه
وصله مباشرة ، فكيف؟ وهل رأى المهدي بنفسه ؟ وهو لا يدعي ذلك ؟ أم عن طريق
العمري ؟ وهذا ما يثير الشك ايضا .
واما الرواية الثالثة (رواية اسحق
بن يعقوب) التي تصرح بأنها واردة عن طريق العمري ، فانها ضعيفة لوجود الشك
باختلاق العمري لها ، ولمجهولية وضعف اسحاق بن يعقوب ، وعدم تصريحه بكيفية
التعرف على خط المهدي ، علما بأن الطوسي يقول: ان الخطوط التي كانت تخرج
بها التوقيعات هي نفس الخطوط التي كانت تخرج في زمان العسكري . /الغيبة
216/
واخيرا فان حكاية رؤية محمد بن عثمان العمري للمهدي في الحج ، هي
دعوى مجردة عن الدليل ، وهو لم يقل كيف تعرف على المهدي الذي لم يره من قبل
؟ وربما كان قد اشتبه به مع رجل آخر .
ومن هنا فقد توقف احمد بن هلال
العبرتائي (شيخ الشيعة في بغداد) – الذي نقل الفزاري عنه انه شهد مجلس عرض
العسكري للمهدي وتعيين العمري خليفة له – وشكك في صحة دعوى العمري الابن في
النيابة الخاصة عن المهدي ، وانكر ان يكون سمع الامام العسكري ينص عليه
بالوكالة ، ورفض الاعتراف به بوكالته عن (صاحب الزمان) . /الخوئي: معجم
الرجال ج2 ص 521 والطبرسي: الخاتمة ص 556 والمجاشي: الرجال/
وكان
العبرتائي قد لعب دورا كبيرا في دعم دعوى عثمان بن سعيد العمري بالنيابة ،
وكان يأمل ان يوصي اليه من بعده ، فلما اوصى الى ابنه محمد ، رفض ذلك وادعى
هو النيابة لنفسه ، مما يكشف عن التواطؤ والمصلحية في دعاوى (النيابة
الخاصة) .
ونتيجة لغياب النصوص الصحيحة والمؤكدة على نيابة محمد بن
عثمان العمري ، فقد شك الشيعة في دعواه ، وروى المجلسي في بحار الأنوار) :
ان الشيعة كانوا في حيرة ولم يكونوا يثقون بدعاوى النيابة الكثيرة ، وقال
ان ابا العباس احمد السراج الدينوري سأل العمري عن الدليل الذي يؤكد صحة
ادعاءه ، وانه لم يؤمن به الا بعد ان اخبره شخص بالغيب وقدم له (معجزة) .
/المصدر ج 51/
وقد اشتهر عند الشيعة تلك الايام حديث عن أهل البيت (ع)
يقول خدامنا وقوامنا شرار خلق الله) مما دفعهم للتشكيك بصحة دعاوى النيابة
الخاصة ، وقد أكد الشيخ الطوسي صحة ذلك الحديث ولكنه قال:· انه ليس على
عمومه ، وانما قالوا لأن فيهم من غيّر وبدّل وخان ./الغيبة 244/
وقد
ندم بعض الشيعة على اعطاء الاموال الى العمري كما شكوا بوجود المهدي
والتواقيع التي كان يخرجها العمري وينسبها اليه ، وكان منهم قسم من أهل
البيت (ع) وهذا ما دفع العمري الى ان يصدر كتابا على لسان المهدي يندد
بالشاكين والمنكرين لوجود المهدي .
كما شك قسم آخر بصحة وكالة النوبختي
وتساءل عن مصرف الاموال التي كان يقبضها باسم الامام المهدي ، وقال : ان
هذه الاموال تخرج في غير حقوقها ، ويقول الصدوق والطوسي : ان النوبختي
استطاع ان يقنعهم عن طريق المعاجز والاخبار بالغيب كتحديد وفاة بعض الاشخاص
مسبقا ، والتقاطه لدراهم من صرة شخص على مسافة بعيدة. /الطوسي: الغيبة 192
والصدوق: اكمال الدين ص 516-519/
وفي الحقيقة ان المؤرخين الشيعة
يذكرون قصصا كثيرة عن شك الناس بالمدعين للنيابة وتكذيب بعضهم للبعض الآخر ،
و لكن عامة الاثني عشرية يميزون اولئك (النواب الاربعة) عن بقية المدعين
المذمومين بقدرة اولئك على اجتراح المعاجز وعلمهم بالغيب . وقد ذكر الكليني
والمفيد والطوسي عشرات القصص التي تتحدث عن قيام النواب الاربعة بفعل
المعاجز الخارقة للعادة ، واخبارهم بالمغيبات . ونقل الطوسي عن (هبة الله )
حفيد العمري: ·ان معجزات الامام ظهرت على يديه وانه كان يخبر عن الغيب .
/الغيبة 236/
وذكر الطوسي: خبرا عن علي بن احمد الدلال : ان العمري
اخبره بساعة وفاته من يوم كذا وشهر كذا وسنة كذا ، فمات في اليوم الذي ذكره
من الشهر الذي ذكره من السنة التي ذكرها ، وكان ذلك في آخر جمادى الأولى
من سنة 305 /الغيبة 221/
ولكن هذا القول كان يخالف مباديء التشيع
واحاديث أهل البيت (ع) الذين كانوا ينفون علمهم بالغيب او استخدام الطريقة
الاعجازية الغيبية لاثبات امامتهم. يقول الشيخ الصدوق في إكمال الدين):·
الامام لا يعلم الغيب وانما هو عبد صالح يعلم الكتاب والسنة ، ومن ينحل
للأئمة علم الغيب فهذا كفر بالله وخروج عن الاسلام عندنا ، وان الغيب لا
يعلمه الا الله وما ادعاه لبشر الا مشرك كافر . /المصدر ص 106 و109و116/
وقد قال الامام الصادق (ع) :· يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب!..
والله لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني فما علمت في اي بيوت الدار هي .
/الحر العاملي : اثبات الهداة ج3 ص 748/
وجاء ابو بصير ذات مرة الى
الامام الصادق وقال له :· انهم يقولون... انك تعلم قطر المطر وعدد النجوم
وورق الشجر ووزن ما في البحر وعدد التراب ، فقال : سبحان الله!.. سبحان
الله ! لا والله ما يعلم هذا الا الله . /المصدر ص 772/
وسأل يحيى بن
عبدالله الامام موسى الكاظم (ع) فقال:· جعلت فداك انهم يزعمون انك تعلم
الغيب؟ فقال: سبحان الله! ضع يدك على رأسي ، فوالله ما بقيت شعرة فيه وفي
جسدي الا قامت . لا والله ما هي الا وراثة من رسول الله . /المصدر ص 767
والمفيد : الأمالي ص 23/
وفي رواية اخرى ينقلها الحر العاملي ، يقول
فيها الامام :· قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم ومن دينه جناح البعوضة ارجح
منه... اني بريء الى الله والى رسوله ممن يقول انا نعلم الغيب . /المصدر ص
764/
إذن فلا يمكننا ان نصدق بدعوى اولئك النواب بالنيابة عن الامام
المهدي ، ونعتبر قولهم دليلا على وجود الامام ، استنادا الى دعاوى المعاجز
او العلم بالغيب ، ولا يمكننا ان نميز دعواهم عن دعوى أدعياء النيابة
الكاذبين الذين كانوا يتجاوزون الاربعة والعشرين .
وإذا كنا نتهم
أدعياء النيابة الكاذبين بجر النار الى قرصهم وكلهم من اصحاب الامام
العسكري ، وبالحرص على الاموال والارتباط بالسلطة العباسية القائمة يومذاك ،
فان التهمة تتوجه ايضا الى اولئك (النواب الاربعة) الذين لم يكونوا بعيدين
عنها .
يقول محمد بن علي الشلمغاني الذي كان وكيلا عن الحسين بن روح
النوبختي في بني بسطام ، ثم انشق عنه وادعى النيابة لنفسه :· ما دخلنا مع
أبى القاسم الحسين بن روح في هذا الأمر الا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه ، لقد
كنا نتهارش على هذا الأمر كما تتهارش ال**** على الجيف . /الغيبة ص 241/
وإذا لم نستطع إثبات دعاوى (النواب الاربعة) وشككنا في صحة اقوالهم ، فكيف
نستطيع إثبات · وجود (الامام محمد بن الحسن العسكري) ، بناء على شهادتهم
باللقاء به و الوكالة عنه ؟
واضافة الى هذا الشك ، هناك دليل آخر على
كذب أدعياء النيابة ، وهو عدم قيامهم بأي دور ثقافي او فكري او سياسي لخدمة
الشيعة والمسلمين ما عدا جباية الاموال والادعاء بتسليمها الى (الامام
المهدي) .
وكان المفترض بالنواب الذين يدعون وجود صلة خاصة بينهم وبين
(الامام المهدي) ان يحلوا مشاكل الطائفة وينقلوا توجيهات الامام الى الامة ،
ولكنا نرى (النائب الثالث) : الحسين بن روح النوبختي ، مثلا ، يلجأ الى
علماء قم ليحلوا له مشكلة الشلمغاني الذي انشق عنه ، ويرسل كتابه (التأديب)
الى قم ، ليبين علماؤها له الصحيح والسقيم ، كما يقول الشيخ الطوسي في
(الغيبة). /المصدر 240/
ان في ذلك دلالة على عدم وجود اي اتصال بينه وبين (المهدي) وإلا لكان عرض الكتاب عليه وسأله عن صحته .
ومما يعزز الشك في عدم وجود (المهدي محمد بن الحسن العسكري) هو عدم قيام
أدعياء النيابة بملأ الفراغ الفقهي وتوضيح كثير من الأمور الغامضة التي كان
يجب عليهم تبيانها في تلك المرحلة ، ومن المعروف ان الكليني قد ألف كتاب
(الكافي) في أيام النوبختي ، وقد ملأه بالاحاديث الضعيفة والموضوعة التي
تتحدث عن تحريف القرآن وأمور اخرى باطلة ، ولكن النوبختي او السمري لم
يعلقا على الموضوع ولم يصححا اي شيء من الكتاب ، مما تسبب في اذية الشيعة
عبر التاريخ و اوقعهم في مشكلة التعرف على الأحاديث الصحيحة من الكاذبة .
ولقد أبدع السيد المرتضى نظرية (اللطف ) التي يقول فيها : ان الامام
المهدي يجب ان يتدخل ليصحح اجتهادات الفقهاء في عصر الغيبة ويخرب اجماعهم
على الباطل ، وبناء على ذلك كان الاجدر والاولى والأيسر ان يصحح (الامام
المهدي) لو كان موجودا ، كتاب الكليني ، او يترك وراءه في (عصر الغيبة
الكبرى ) كتابا جامعا يرجع اليه الشيعة . وهذا ما لم يحصل ، ولم يقدم
أدعياء النيابة اي شيء يذكر في هذا المجال ، وهذا ما يدفعنا للشك في صدقهم ،
وفي دعواهم بوجود (أمام غائب) من ورائهم.
وقد تعجب الشيخ حسن الفريد
(زميل الامام الخميني ) في كتابه رسالة في الخمس) واستغرب بحيرة وتساءل عن
السر وراء عدم سؤال الكليني من (صاحب الزمان) عبر وكيله النوبختي عن حكم
مسألة الخمس في (عصر الغيبة) . /المصدر 87/

ومن
هنا فانا لا نفتري على اصحاب الامام العسكري الثقاة وانما نشك في روايتهم
السرية المخالفة للظاهر ونشك بصدق الرواة من الفرقة الاثني عشرية الذين
خالفوا كافة الشيعة والامامية وأهل البيت ولا يمكن ان نرفع اليد عن الظاهر
الا بدليل قوي ولا يوجد هذا الدليل .

ولا
نعتقد بوجود تواتر على بعض الأخبار التي ينقلونها عن الامام العسكري انهم
سمعوا منه او شاهدوا ابنه سرا لأنا نحتمل تواطؤهم على الكذب في قضية حدث
فيها خلاف كبير بين الشيعة انفسهم
واذا كان السيد الجليل الاستاذ ابو
التلاميذ يود مناقشة كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية
الفقيه) الذي انفي فيه ولادة ووجود الامام الثاني عشر واقول انه فرضية
فلسفية قبل ان يكون حقيقة تاريخية ، فأرجو منه ان يقرأ الكتاب بتأن ويعرف
اني قد ذكرت معظم القصص التي ذكرها وناقشتها بتفصيل ولا يتعب نفسه بتكرار
ذكر تلك الروايات والقصص ويوافيني ولو بعد حين برد مفصل كامل شامل وينشر
رده على الملأ
وشكرا جزيلا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحمد الكاتب

26/11/1999
لماذا يرفض علماء الشيعة الحوار حول شخصية مهدي الشيعة محمد العسكري - بقلم احمد الكاتب

يتساءل
كثير من الناس باستغراب شديد عن أسباب الحملة الشعواء التي شنها بعض رجال
الدين وأساتذة الحوزة في قم ضدي ، ورفضهم للبحث في موضوع وجودالامام الثاني
عشر (محمد بن الحسن العسكري) برغم أهمية البحث على صعيدالفكر السياسي
الداخلي والعلاقات الشيعية السنية ، وإغلاقهم لباب الاجتهادفي أمر أساسي
يشكل القاعدة لكثير من الأحكام الفقهية ويؤثر سلبا او إيجابافي الحياة
العامة ، في حين يفترض بالعلماء والمجتهدين ومراجع الدينالمبادرة الى بحث
هكذا مواضيع او الاستماع لرأي مجتهد جديد او مناقشته علىالأقل و رد أدلته ،
والمحافظة على عقائد الناس ، أما ان يفضلوا الصمتالمطلق والتهرب من
المناقشة فهو لا يليق بخلق العلماء والمجتهدين ، الااذا كان في الأمر سر لا
يريدون البوح به ، وهنا علينا ان نعرف ماهو ذلكالسر؟لقد كتبت الى أحد
أساتذة الحوزة العلمية في قم ، من الذين يعدون أنفسهمللمرجعية العليا في
المستقبل ، أتوسل اليه ان يلقي نظرة على كتابي (تطورالفكر السياسي الشيعي)
قبل الطبع بسنوات ،وقلت له بصراحة: اني سوف اعتبرسكوته وعدم رده دليلا على
موافقته على ما جاء في الكتاب من آراء ، ثمالتقيت به في المسجد الحرام عند
بيت الله المعظم وسألته اذا كان يملك أيدليل مضاد لما توصلت اليه او أي شيء
يثبت ولادة ووجود (الامام المهدي) فلميقل شيئا. وبعد ذلك سمعته يهاجمني
شخصيا في خطاب له ويتهرب من مناقشةالموضوع ويكتفي بالتأكيد على ان المهدي
المنتظر يجمع على ظهوره السنةوالشيعة ،ويأتي بأحاديث من كتب أهل السنة تثبت
ظهوره في المستقبل ، ولايرد على النقطة الأساسية التي اطرحها وهي ولادة
(محمد بن الحسن العسكري)في القرن الثالث الهجري واستمرار حياته الى اليوم
والى المستقبل ، وهذهقضية اخرى غير قضية ظهور المهدي العامة التي توجد حتى
لدى الأديان الأخرىمن غير المسلمين.


ونظرا
لحواراتي الطويلة مع هذا الأستاذ الحوزوي المرشح للمرجعية الدينيةفي
المستقبل ، أكاد اجزم بأنه لا يؤمن شخصيا بوجود وولادة (الامام محمد
بنالحسن العسكري) لقصور الأدلة الشرعية العقلية والنقلية والتاريخية ،
وهويعرف ذلك جيدا ، ومع ذلك فانه يخالف نفسه في الظاهر ويجاري الناس
والأجواءالمحيطة به الى حد الهجوم الشخصي عليَ والتشكيك في إيماني وديني ،
وحسابهعلى الله.


وقفت
كثيرا أتأمل أفكر في اللغز الذي يكمن في شخصية"رجل الدين" هذا ، الذييحلم
بالتجديد والإصلاح ، لماذا يحارب التجديد والإصلاح؟ او على الأقل :لماذا
يرفض سلوك طريق التجديد والإصلاح؟ لماذا يتخلى هكذا عن روح العلموالاجتهاد؟
هل هو الخوف؟ أم الطمع؟ أم ماذا؟يوجد في الحوزات العلمية أساتذة وفقهاء
كثيرون ، ولكن ليس كل واحد منهميصبح مرجعا دينيا ، ويموت الكثير منهم دون
ان يسمع بهم أحد.. وذلك لأنالمرجعية تشبه الزعامة السياسية لا يصل اليها من
لا يسلك طريقها ويمتلكأدواتها – عادة – وفيها نوع من التنافس والصراع الذي
يحتدم أحيانا ويخفأحيانا اخرى ، وكل أستاذ او فقيه يفكر بأن يصبح مرجعا او
مرجعا أعلى لا بدان يؤسس مدارس ويجمع طلبة خاصين ويؤلف حاشية من المريدين
ويوزع رواتبشهرية ، وهذا يقتضي منه ان يحصل أموال من الناس ، والناس لا
يعطون المالالا بصعوبة ولمن ينسجم معهم ومع أفكارهم ، وهذا يتطلب من المرجع
الديني اوالعامل من اجل المرجعية ان ينسجم مع الناس ويتخلى عن أفكاره
الإصلاحيةويتجنب توجيه النقد الحاد لأفكارهم وممارساتهم و "عقائدهم"
وعاداتهموالخرافات الشائعة بينهم ، الا بالقدر الذي يجلب له المصلحة
والشعبيةوالمال.وكلما تقدم الأستاذ في طريق المرجعية أصبحت له حاشية ووكلاء
وطلبة ، وخدموحشم ومنافسون ألداء ، كلما تخلى الأستاذ - المرجع عن أفكاره
الإصلاحيةوآرائه الخاصة وتجنب لغة الحق والباطل والصواب والخطأ ، ليتحدث
بلغةالمصلحة العامة والممكن و " مالا يدرك كله لا يترك جله" الى ان يصبح
تابعاومقلدا لعوام الناس في أساطيرهم وحكاياتهم الشعبية وخرافاتهم المغلفة
باسمالدين ، ولا يجرؤ على محاربة بدعة او نقد أي انحراف في الامة ، مع
انهالمسؤول الأول عن هداية الناس وتعليمهم أحكام الله.. فترى مثلا
أحدالمراجع يدافع بشدة عن عادة نقل الموتى من أقاصي بلاد فارس الى
مقبرةالسلام بالنجف او يشجع على ضرب الرؤوس بالسيوف في عاشوراء وما شابه
منالأمور التي يحرمها العلماء المحققون ، وذلك مراعاة لعواطف الجماهير
وكسبالودهم.وقد عانى السيد هبة الدين الشهرستاني أحد أبرز علماء العراق
المصلحين فيبداية هذا القرن ، من انقلاب دور رجال الدين وتقاعسهم عن أداء
أدوارهمالإرشادية والتوعوية وقيامهم بمحاربة الحركة الإصلاحية ، وتحدث في
مجلة(العلم) عن تخلي بعض العلماء عن علمهم وتقليدهم للعوام والجهال
طمعابمالهم.ومن المعروف ان المؤسسة الدينية السنية – عادة ما - تكون تابعة
ماليالأجهزة الحكومات ، وهو ما يفقدها في الغالب استقلاليتها أمام الحكام ،
معوجود علماء أحرار يجاهرون بكلمة الحق من دون هيبة او طمع ، كما ان
منالمعروف ان المؤسسات الدينية الشيعية نمت بعيدا عن الحكم وفي أوساط
الشعبوقدمت علماء أحرارا كثيرين يخلصون لدينهم ولا يراعون اية مصلحة خاصة
،ولكن الارتباط العام بالجماهير والاعتماد عليهم في الرزق أدى الى نشوء
نوعمن التبعية والتقليد لهم.وعندما كان العلماء او "رجال الدين" يتحلون
بالزهد في الدنيا ويرضونبالكفاف ويعيشون على الخبز والملح ولا يفكرون
بالزعامة او كانوا يعملونبأيديهم ويكسبون قوتهم بعرق جبينهم كانوا أكثر
حرية في قول الحق ومحاربةالباطل ، ولكنهم عندما انهمكوا او ينهمكون في
ملذات الدنيا وشراء الدوروالقصور والسيارات الفخمة ويحلمون ويعملون من اجل
الزعامة السياسيةوالدينية فانهم يضطرون الى استخراج أموال طائلة من الشعب
لكي تدير عجلةمرجعيتهم ، ويضطرون مرة اخرى الى مداهنة الناس ومجاراتهم
وتجنب ما يزعجهم، وقد يلعب الشيطان في عبهم –كما يقولون – فيصور لهم
تنازلاتهم ومداهناتهمتلك في خدمة الاسلام والمسلمين ، لأنهم يريدون ان
يرتقوا ويمتلكوا القوةويصبحوا مراجع أعلين حتى يقوموا بالإصلاح المطلوب بعد
ذلك ، او يبرر لهمالشيطان إحجامهم عن قول الحق بأنه يضر بالمصلحة العامة
وقد يقطع بعضالأموال الشعبية عنهم ، وهذا ما يؤدي الى جوع بعض العوائل
الفقيرة التيينفقون عليها ، او تعطيل بعض المؤسسات الاسلامية العاملة ، او
صعودمنافسيهم "الأشرار" او "غير الأكفاء" على سدة المرجعية والهيمنة
علىالمجتمع.. وما الى ذلك من التبريرات التي يحلو لهم قبولها او
اختراعهاوإقناع الشيطان بها.أعود الى ذلك الأستاذ الفقيه الحالم بالمرجعية
العليا فأجده يأخذ الخمس منجماعات من الناس استطاع ان يقنعها عبر تلامذته
الذين بثهم في البلاد وجعلمنهم وكلاء يدعون الى تقليده واعطاء الخمس
والزكاة له على اعتبار انه نائباو وكيل عن (الامام المهدي) وهو يأخذ قسما
من المال (الخمس) ويعطي قسمامنه لتلامذته (الوكلاء) ويقوم بتوزيع المال على
مؤسساته الخيرية ومشاريعهالإعلامية وطبع كتبه وصوره المباركة.ان الصحفيين
واصحاب الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون – عادة - يسعون الىكسب القراء
والمشاهدين من أجل الحصول على أكبر قدر من الإعلانات لتغطيةنفقاتهم وربما
يقومون بالدعاية لمصلحة زعيم او حزب سياسي او دولة أجنبيةولا يلتزمون بالحق
والباطل بقدر ما يلتزمون بتحقيق رضا المشاهدين والقراءوعدم إزعاجهم ، ولكن
الصحفيين والإعلاميين لا يقولون انهم يمارسون عملادينيا بل يعلنون انهم
يقومون بعمل تجاري إعلامي ، ومع انهم مسؤولون أمامالله لو قاموا بخيانة
مبادئهم او ساهموا في تضليل الناس ، الا انهم ليسواكرجال الدين الذين يدعون
حراسة الدين والمحافظة عليه والدعوة الى الله ثميخونون الناس والله في
عملهم فيبيعونهم خرافات وأساطير باسم الدين ، وهذامن أشد انواع الغش
والتدليس.تحدثت مرة مع أحد "رجال الدين" بإسهاب عن موضوع وجود المهدي وشرحت
لهبالتفصيل كل الأدلة المتوافرة وناقشتها بدقة.. فسكت طويلا وبدأ يتأملني
،فتوقعت منه ان يعلن موقفه المؤيد او يرد علي بشيء ، ولكنه قال بشيء
منالعتاب والحسرة:نحن نجلس على سفرة صاحب الزمان (الامام المهدي) ونأكل من
(خمسه) فهل تريدان تطوي هذه السفرة؟عندها عرفت ما هو السر الذي يكمن وراء
محاربة بعض رجال الدين ورفضهم لبحثموضوع الامام المهدي بالمرة ، او طرحه
للنقاش في وسائل الإعلام العامة .فهل عرفتم السر؟


نشرت في جريد (الزمان) الصادرة في لندن بتاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minhaj.ahlamontada.com
 
رسالة من أحمد الكاتب إلى الشيخ حسن الصفار حول المهدي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رسالة من سنية إلى شيعة
» توثيق المشبه هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب
» من هو المهدي ؟
» الذهبي يقر بولادة المهدي
» علامات المهدي و ماذا يجب علينا أن نفعل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منهاج السنة للرد على الشيعة :: ۞ الْقِـــسَمُ الْعَـــــامُّ ۞-
انتقل الى: