/صفحة 196/
ب ـ عمره (ع) حين إسلامه:
نفى السيد "الحسني" وجود روايات تتحدث عن أن عمر أمير المؤمنين (ع) حين إسلامه سبع سنين (1)
ج ـ زواجه (ع) من فاطمة (ع) :
يقول السيد هاشم معروف:
(وما أن دخلت السنة الثانية من هجرة النبي (ص) ..حتى بدأ الخطاب يتسابقون إلى النبي يطلبونها منه وهو يردهم رداً جميلاً ويقول لكل من جاءه: إني أنتظر فيها أمر الله، وبلا شك لقد كان الإمام علي (ع) أحد الطامعين في الزواج منها..) (2)
وقد كان الأجدر بالسيد (الحسني) إستعمال ألفاظ أدق وأكثر لياقةً من كلمة (الطامعين) بحق أمير المؤمنين (ع) لا سيما وأنه وضعه في عداد هؤلاء الذين كان طلبهم الزواج من الزهراء (ع) معروف الأهداف والغايات. وقد كان بإمكانه أن يعبر بطريقة أخرى كأن يقول أنه (ع) كان راغباً بالزواج منها (ع) مع أن الروايات تقول: إنه (ع) لم يكن ملتفتاً إلى هذا الأمر.
د ـ عمره (ع) حين كفله رسول الله (ص) :
وفي هذا المقام نجد للسيد (الحسني) قولين مختلفين فهو يقول:
(لم يكن غريباً هذا الزواج فأكثر المسلمين كانوا لا يرون لفاطمة كفؤاً غير علي الذي إحتضنه والدها وهو صبي لم يتجاوز السادسة من عمره تدرج ونشأ في بيت النبي) (3)
(1) سيرة المصطفى، ص 113.
(2) سيرة الأئمة، ج1، ص87.
(3) سيرة الأئمة، ص 85.
/صفحة 197/
ثم يقول في مكان آخر: (فلقد كان والده مع علو شأنه.. فقيراً لا يملك ما يسد به حاجة عياله مما دفع محمداً (ص) أن يقترح على أعمامه أن يأخذ كل واحد منهم ولداً من أولاده ليخففوا عنه ثقل ما كان يعانيه.. وإختار لنفسه من بينهم علياً وهو صبي لم يتجاوز الثامنة من عمره..) (1)
3 ـ الزهراء (ع) :
أ ـ ولادتها (ع) :
وقد تقدم الحديث عنها وأن الحسني وصف روايات ولادتها من ثمر الجنة أنها من صنع الغلاة، لكنه في معرض حديثه، عن حادثة شق الصدر فقد إعتبر أنها رغم إختلافها وضعف أسانيدها فإن ذلك وحده لا يكفي لإنكارها لأنها قد تكون على سبيل الإعجاز، لكنه لا يقبل أن تكون هذه على سبيل الكرامة لها (ع) مع وجود روايات معتبرة فيها.
ب ـ زواجها (ع) من علي (ع) :
يقول السيد (الحسني): (لقد كانت الزهراء (ع) يوم زواجها من علي (ع) في حدود الخامسة عشر من عمرها كما في أكثر الروايات وفي حدود الثامنة عشر عند فريق آخر من المحدثين وقيل غير ذلك) (2)
ثم يذكر قول المستشرق (لامنس) إنه (لا يوجد سبب لتأخير زواجها إلى أن بلغت سن الثامنة عشر إلا أنها كانت محرومة الجمال لم يرغب بها أحد من الناس..) (3)
ثم يعلق السيد (الحسني) بقوله: (هذا مع العلم أن الروايات الكثيرة التي نصت على أن زواجها كان وهي في سن مبكر أكثر عدداً وأقرب إلى الصحة
(1) سيرة الأئمة، ص 91.
(2) سيرة الأئمة، ص 81 ـ 82.
(3) نفس المصدر، ص 82.
/صفحة 198/
من تلك التي إعتمدها (لامنس)) (1)
والفرق بين سنّ الخامسة عشر الذي رجحه السيد (الحسني) وبين الثامنة عشرة ليس كبيراً ليكون ثمة فرق في بعض الإعتبارات؟! وهل الزواج في ذلك الزمن في سن الخامسة عشر يسمى سناً مبكراً؟!
ولماذا تجاهل الروايات التي ذكرت أن زواجها كان بعمر التسع سنوات؟! وكذلك تجاهل الروايات التي قال فيها رسول الله (ص) لبعض من تقدم لخطبتها أنها لا تزال صغيرة، وهل يصح لمن بعمر الخامسة عشر أن يقال إنها صغيرة؟!
هذا من جهة عمرها (ع) حين زواجها. أما من ناحية الوضع الإقتصادي فهو يقول:
(وهكذا إستقبلت سيدة النساء فاطمة الزهراء حياتها الجديدة في ذلك البيت المتواضع.. تلك الحياة التي وصفها المؤرخون والمحدثون بالخشونة والفقر، ولم نر واحداً منهم حاول أن ينفي عنها ما كانت تقاسيه من شظف العيش والفقر ويصف جهازها بغير هذا النوع من الأثاث المتواضع ذلك لأن أباها لم يكن يملك شيئاً ولا يدخر لنفسه شيئاً مما كانت تدره الغنائم) (2)
مع أنه كان قبل ذلك قد وصف حال الرسول (ص) بغير هذا الوصف وإليك عبارته:
(إلى غير ذلك من المرويات الكثيرة التي تصف النبي (ص) وأهل بيته بالفقر والبؤس، وما كانوا يعانونه من الفاقة والجوع في كثير من الأوقات وبالتالي تنزل عليهم الموائد من السماء كما حدث للزهراء (ع) وحسبما أظن أن هذا اللون من المرويات أكثره من الموضوعات، أولاً لأن أكثره مـن المراسيل.. وثانياً أن النبي (ص) بعد معركة بـدر كان لديه مما
(1) سيرة الأئمة، ص 83.
(2) سيرة الأئمة، ج1، ص 91.
/صفحة 199/
أفاء الله عليه من الغزوات لسد حاجته، هذا بالإضافة إلى ما كان يملكه من أموال خديجة.. ولا أستبعد أن تكون من صنع القصاصين والمرتزقة وقد وضعوها ليستدرجوا من كان يجتمع إليهم على تقديم الهبات لهم.. وأما من صنع بعض المحبين الذين لا يفهمون أهل البيت إلا من زاوية الغيبيات وهذا النوع من الكرامات والأساطير..) (1)
ج ـ الإعتداء عليها وإستشهادها (ع) :
فالسيد (الحسني) يقول واصفاً الروايات التي تتحدث عما جرى عليها بعد وفاة أبيها من ضرب القوم لها وإحراق بيتها وكسر ضلعها وإسقاط جنينها يقول:
(إلى كثير من المرويات التي لا تثبت أسانيدها في مقابل النقد العلمي) (2)
مع أنه سلم بحادثة شق الصدر رغم عدم ثبوتها أمام النقد العلمي، وكذلك فعل بأخبار ورقه بن نوفل. وقد تقدم الحديث عنهما فراجع.
ومع ذلك فهو يقول: (لقد أطبقت على الزهراء الهموم وحطمتها الأحزان وأحاطت بها سحب قاتمة، فمن موت أبيها إلى إغتصاب الخلافة من إبن عمها إلى إنتزاع فدك من يدها وحرمانها من إرثها إلى غير ذلك من الكوارث والمصائب التي أحاطت بها خلال أيام معدودات) (3)
ولا ندري ما هي تلك المصائب التي أحاطت بها غير ما ذكره السيد (الحسني)؟! كل ذلك مضافاً إلى أن ثمة روايات متواترة وصحيحة السند ذكرت حادثة الإعتداء عليها وإسقاط جنينها كنا قد تعرضنا لها في حينه فراجع.
(1) سيرة الأئمة، ص 74 ـ 75.
(2) سيرة الأئمة، ج1، ص 131.
(3) سيرة المصطفى، ص 147.
/صفحة 200/
4 ـ الإمام محمد الجواد (ع) :
ولعل كلامه حول الإمام الجواد (ع) حين تسلم مقاليد الإمامة من أخطر مقولاته، وهي تدل على طريقته في معالجة القضايا التاريخية التي أقل ما يقال فيها أنها طريقة إستحسانية غير خاضعة لضوابط علمية.
فقد قال بعد أن أشار إلى أن أكثر المصادر تؤكد أنه (ع) كان في السادسة من عمره، وأنه لا يستبعد أن يكون فوق هذا السن يقول: (وتشير بعض المرويات إلى أنه أحس بالخطر على أبيه من خلال طوافه حول الكعبة ووداعه لها في السنة التي خرج فيها إلى خراسان، فلقد جاء في أعيان الشيعة من الدلائل أن أمية بن علي قال: كنت مع أبي الحسن (ع) بمكة في السنة التي حج فيها مودعاً عندما أراد السفر إلى خراسان ومعه ولده أبو جعفر الجواد فودع أبو الحسن الرضا البيت وعدل إلى المقام فصلى عنده، وكان أبو جعفر على عنق أحد غلمانه يطوف به فنزل عن عنقه وجلس في حجر إبراهيم وأطال، فقال له موفق قم جعلت فداك، فإمتنع عنه وقال: لا أبرح من مكاني هذا إلا أن يشاء الله، واستبان في وجهه الغم، فجاء موفق الخادم إلى الإمام الرضا وأخبره بما كان مـن أمـر أبى جعفر، فقـام إليه بنفسه
وقال له: قم يا بني، فامتنع عليه وقال: لا أبرح من مكاني هذا وكيف أقوم وقد ودعت البيت وداعاً لا رجوع بعده، وأخيراً قام مع أبيه ومضى معه حيث أراد.
ويبدو من هذه الرواية أنه قد أدرك من خلال زيارة أبيه للبيت ووداعه له ما يجول في نفسه من المخاطر التي تنتظره، وإدراك هذا الأمر لا يكون ممن هو في مثل هذا السن، وإذا أضفنا إلى ذلك ما جاء في بعض المرويات من أن المأمون قد زوجه من إبنته أم الفضل بعد وفاة أبيه بمدة يسيرة بعد حوار جرى بين المأمون وبين العباس من جهة وبين الإمام
/صفحة 201/
الجواد وقاضي القضاة يحي بن أكتم من جهة ثانية، إذا أخذنا ذلك كله بعين الإعتبار يصبح من الممكن أن يكون عند وفاة أبيه فوق العاشرة وربما في حدود الرابعة عشرة من عمره، في حين أنه ليس لدينا من الروايات ما يؤيد هذا). (1)
إن المرء، أمام هذا الكلام، يحار ماذا يقول عن هذا النوع من الإستحسانات التي لا تدل إلا على التخبط الذي قد يعيشه الإنسان إذا ما أراد أن يتجاهل بعض الحالات الغيبية والكرامات الإلهية الت ي يعطيها الله لبعض عباده، ويحاول أن يدرس التاريخ بطريقة مادية حسية بعيداً عن بعض الإعتبارات المتعلقة باللطف ومن العبر والحوادث التي يقدمها لنا الله سبحانه وتعالى ليظهر لنا أن هؤلاء الأشخاص لهم شأن آخر ليس كشأن باقي البشر.
وإلا فكيف نستطيع أن نفهم هذا التشكيك عند السيد "الحسني" في كل هذه الروايات التي إعترف أنها تؤكد أن عمره (ع) كان ست سنوات. معتمداً على بعض الإستظهارات التي ليس لها مستند، كيف وقد ذكرت الرواية المتقدمة أنه (ع) كان يطوف على عنق أحد غلمانه، وهل من كان في عمر الرابعة عشرة يطوف بهذه الطريقة؟ وهل تصرف الإمام الجواد (ع) ، على فرض صحة الرواية، من إمتناعه عن القيام من مـكانه، بل وإمتناعه عن ذلك عندما طلب منه ذلك أبوه الرضا (ع) ، تصرف من يبلغ من العمر الرابعة عشرة؟
أضف إلى ذلك كيف يرجح هذا القول رغم عدم وجود روايات تؤيده، بإعترافه، والتشكيك بالقول الآخر المدعم بالروايات الكثيرة بإعترافه أيضاً؟
ولا نظن أن وراء ذلك كله إلا عدم تقبل عقله وذهنه لشخص يبلغ من العمر ست سنوات كيف يمكن أن يتصدى لشؤون الإمامة. وقد غاب عن ذهنه أن من يتحدث عنهم هم أناس يزقون العلم زقاً فيرضعونه منذ طفولتهم.
(1) سيرة الأئمة، ج2، ص 443 ـ 444.
/صفحة 202/
وكما ذكرنا سابقاً، فإن هذا النموذج كفيل بإعطاء صورة واضحة عن طريقة السيد "الحسني" في معالجته للروايات وللقضايا التاريخية فتأمل.
علماً أن عيسى (ع) قد خاطب القوم وهو في المهد أن الله جل وعلا قد آتاه الكتاب وجعله نبياً. بل أن القارىء لا شك أنه سمع وقرأ، عن ذلك الطفل الذي لم يبلغ الثامنة من عمره كيف يعالج مسائل رياضية معقدة. أو ذلك الذي يحفظ القرآن.
5 ـ لعن الظالمين:
ويقول في مجال إستنكار لعن بعض ظلم واعتدى:
(كما وأن الأئمة.. كانوا أرفع من أن يستعملوا لغة السب والشتم للأشخاص والتشفي بلعنهم والتشهير بهم..) (1)
مع أنه ذكر أن الله سبحانه وتعالى قد لعن الظالمين في أكثر السور والآيات، وأن الأئمة (ع) لا يتعدون أسلوب القرآن الكريم في التنديد بالظالمين. (2)
في الوقت الذي يقول فيه ما تقدم ذكره، فإنه وفي مورد الطعن على بعض من يروي فضائل أهل البيت (ع) ممن إتهم بالغلو فإنه لا يتوانى عن ذكر بعض الروايات التي تحتوي على مفردات إستنكرها بحق غاصبي حق أهل البيت فيقول للطعن على أبي الجارود:
(وعن أبي بصير أن الإمام الصادق ذكر كثيراً... وأبا الجارود وقال: كذابون مكذبون كفار عليهم لعنة الله..) (3)
فاللعن بحق الغاصبين لا يصدر عنهم عليهم السلام أما بحق البعض الآخر فإن الروايات جاهزة دون أن يعلق عليها وعلى سندها ودلالتها؟!
والسيد (الحسني) لم يكتف بذلك بل نراه يروي عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: (..أبلغ أهل الكوفة أني بريء ممن تبرأ من أبي بكر وعمر، ومن لم يعرف فضلهما فقد جهل السنة..) بل وروى عنه (ع) أنه قـال: بلغني أن قومـاً
(1) الموضوعات في الآثار والأخبار، ص 178.
(2) نفس المصدر، ص 182.
(3) الموضوعات، ص 255.
/صفحة 203/
بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وأني أمرتهم بذلك فأبلغهم أني بريء منهم، والذي نفسي بيده لو وليت لتقربت إلى الله بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد (ص) إن لم أكن أستغفر لهما وأترحم عليهما) (1)
وغيرها من الروايات التي علق عليها السيد هاشم معروف أنها وإن لم تكن (مستوفية للشروط المطلوبة من حيث متنها وسندها كما يبدو ذلك من رواية جابر المتقدمة التي يقول الإمام فيها: لو وليت لتقربت إلى الله بدمائهم، إلا أن هذه المرويات على تقدير صدورها ولو لأي جهة من الجهات تلمح إلى أن لغة السباب والشتائم ليست مألوفة للأئمة ولا هي من منطقهم) (2)
كل ذلك علماً أننا لا نأخذ على السيد (الحسني) إعتراضه على السب والشتم لأن ذلك مما لا خلاف عليه، وإنما اعتراضنا على اللعن.
6 ـ الشيخان الجليلان:
ويقول السيد الحسني:
(وعن إسحاق بن عمار الصيرفي وجماعة آخرين أحاديث حول الشيخين الجليلين ومصيرهما في الآخرة بأسانيد ضعيفة واهية لا يجوز الإعتماد عليها.) (3)
ويقول: في مكان آخر من كتابه الموضوعات في والآثار والأخبار:
(1) الموضوعات، ص 179.
(2) الموضوعات، ص 189.
(3) المصدر نفسه، ص 191.
/صفحة 204/
(ويمضي المفضل في حديثه ليصف موقف الإمام المنتظر من الشيخين الجليلين أبي بكر وعمر..) (1)
والمفارقة في كلامه إضافة إلى الوصف هي: أن منطق اللعن مرفوض بحق الشيخين، أما بحق من يروي عن الشيخين شيئاً، كالمفضل الذي ذكر في الرواية السابقة، فلا يتوانى السيد (الحسني) عن وصف روايته بالبعيدة عن منطق الإسلام، ثم يذكر أن الإمام قد (لعن المفضل وحذر أصحابه من مكره ودسائسه في أكثر من مناسبة ووصفه بالشرك والكفر..) (2)
يقول هذا رغم إعترافه بوجود (بعض المرويات عن الإمام الصادق (ع) في الثناء عليه، وأنه أقل ما يوجب ذلك التوقف في أمره والحذر من مروياته) (3)
7 ـ القوم وفدك:
أما موقف القوم من فدك فإنه لم يكن مخططاً له، عند السيد (الحسني) بل جاء متأخراً. فلنقرأ عزيزي القارىء كلامه حول هذا الموضوع:
(ولا أظن أن إنتزاع فدك وسهم ذوي القربى من يدها كان داخلاً في حساب القوم لولا موقفها الحازم من الخلافة، ولكنهم بعد تعاطف عدد كبير من المسلمين وإقتناعهم بحجتها أدركوا أن بقاء فدك في يدها يمدها بالقوة ويوفر لعلي قسطاً من المال يعينه على المضي في موقفه المتصلب، بعد أن أدركوا ذلك إنتزعوها من يدها وأضافوها إلى ميزانية الدولة..)
ولنقارن بين قوله عن تعاطف عدد كبير من المسلمين وإقتناعهم بحجتها (ع) وبين قوله:
(1) الموضوعات في الآثار والأخبار، ص184.
(2) المصدر نفسه، ص 186.
(3) المصدر نفسه، ص 186.
/صفحة 205/
(وقد تأثر بموقفها جماعة من علماء المسلمين وأدهشهم أن تجري الأمور في غير مجراها الطبيعي وساءهم غضبها. ولكن الذين أحسوا بذلك ومسهم الخوف كانوا بالقياس إلى الجمهور الأعظم وذوي الأطماع والأحقاد قلة لا تغن شيئاً)
أما حول المأمون وفدك فهو يروي رواية مفادها أن المأمون عندما تسلم الخلافة، كان أول عمل قام به أنه جلس يراقب المظالم التي إرتكبها أسلافه فكانت أول رقعة وقعت في يده فدك فنظر فيها وبكى (1)
كل ذلك علماً أن موقف القوم من فدك وإغتصابهم لها كان في الأيام الأوائل من سيطرتهم على الخلافة وأن تحركها (ع) كان في وقت لاحق من غصبهم لفدك.
8 ـ منهج جديد في رد الروايات:
والملاحظ عند السيد (الحسني) أيضاً إعتماده على فهم جديد في رد الروايات، ويكفي لردها عنده وجودها في بعض الكتب وإليك بعض عباراته:
أ ـ (ويكفي هذه الرواية عيباً أنها من مروايات سليم بن قيس..) (2) وقد مر معنا كلامه هذا.
ب ـ قوله: (ويكفي هذه الرواية عيباً أنها من مرويات نزهة الأبصار) (3)
ج ـ وقوله أيضاً: (ويكفي هذه الروايات عيباً أنها من مرويات الواقدي الذي كان من أقدم المؤلفين في التاريخ والمغازي.) (4)
د ـ وقوله أيضاً: (هذه الرواية من مرويات إبن شهراشـوب وحـاله
(1) راجع حول كلامه عن فدك سيرة الأئمة، ص 142.
(2) الموضوعات في الآثار والأخبار، ص 184.
(3) المصدر نفسه، ص221.
(4) المصدر نفسه، ص 225.
(5) المصدر نفسه، ص 221.
/صفحة 206/
معروف في الإعتماد على الروايات الضعيفة) (5) ولا ندري لو إستمرينا في متابعة قراءة ما أتحفنا به السيد (الحسني) عن كُتبٍ وكتَّاب يكفي لرد الرواية أنها مذكورة في كتبهم وتآليفهم. فهل سيبقى لنا روايات، وهل سيبقى لنا تاريخ خاصة إذا إعتمدنا على الروايات الصحيحة بالمعنى السندي. ولا أعتقد أنه سيبقى لنا في نهاية كلام السيد (الحسني) من كتب يمكن الإعتماد عليها إلا سيرة (المصطفى) وسيرة الأئمة الأثني عشر.
أما الكافي وغيره، فإن دورهم في الطعن بهم قادم كيف ولا وقد ورد فيه رواية أن الأئمة ثلاثة عشر وهذه الرواية مع واحدة أخرى كفيلة بأن تجعل من روايات الكافي مردودة لمجرد أنها من مروياته. كيف لا وقد إعتبر أن "سليم بن قيس" من المشبوهين والمتهمين بالكذب لأن كتابه إشتمل على رواية ذكرت أن الأئمة ثلاثة عشر، رغم إشتمال الكتاب على عشرات المواضع التي ذكر فيها أنهم إثنا عشر إماماً. ورغم إحتمال وجود تصحيف في الرواية فإن ذلك لم يمنع السيد (الحسني) من إطلاق إتهامه هذا.
وأخيراً فإننا نعتقد بعدم حاجتنا للإتيان بالمزيد من النماذج، لأن ما قدمناه، كفيل بإلقاء الضوء على منهج السيد (هاشم معروف الحسني) في دراساته، وبالتالي فهل يصح للشاخوري وغيره أن يحتجوا بكلامه وبآرائه. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
/صفحة 207/
الفصل الخامس
علامات استفهام أم شبهات؟
/صفحة 208/
/صفحة 209/
سوف نتعرض في هذا الفصل لبعض الشبهات التي طرحها الكاتب بعنوان (علامات إستفهام حول بعض ألسنة الروايات) ولا نظن إلا أنها شبهات، يراد منها التعمية على القراء، لا سيما وأن هذه الشبهات قد أوضحها جميعاً السيد المحقق جعفر مرتضى في كتابه مأساة الزهراء فراجع.
والجدير ذكره أن هذا الكاتب لم يأت بشيء جديد فما ذكره تحت عنوان (علامات إستفهام) هو عين ما ذكره السيد فضل الله. فلننظر في هذه الشبهات ولنر ما فيها:
1 ـ لماذا تأخر أمير المؤمنين (ع) عن إنقاذ الزهراء (ع) :
يطرح الكاتب هذا السؤال للتشكيك بما جرى على الزهراء (ع) متذرعاً بحجة واهية مفادها أنه (لا يعقل أن ينتظر أمير المؤمنين أن يكيل هذا الشخص الضربات للزهراء وهو ينظر إليها ثم بعد ذلك يتدخل..) (1)
وجواب الشبهه واضح بيِّن: إن القوم قد جاءوا إلى بيت الزهراء (ع) بعد أن قاموا بعدة خطوات تمهيدية:
الخطوة الأولى: إشاعة أن أمير المؤمنين (ع) لا يريد الخلافة وأنه تراجع وتنازل عنها.
الخطوة الثانية: عقد البيعة لأبي بكر ودفع الناس لتقديم البيعة له.
الخطوة الثالثة: حملة إعلامية تدين إمتناع علي (ع) مع بعض أصحابه عن البيعة وأن ذلك قد يؤدي إلى فتنة تعم الإسلام وأن أخذ البيعة منه (ع) لا بد منها لأن فيها حفظ للإسلام والدين.
(1) مرجعية المرحلة، ص 193.
/صفحة 210/
وأمام هذه الخطوات الثلاث، أصبح الجو مؤاتٍ للذهاب إلى بيت علي (ع) لأخذ البيعة ولو عنوة.
وأمام هذا الواقع المشحون من جهة، ووصية رسول الله (ص) لعلي (ع) بعدم التصدي مع قلة الناصر من جهة ثانية كان لا بد من التعامل مع مجيء القوم لأخذ البيعة بطريقة حكيمة تكشف عن أهدافهم وغاياتهم الحقيقية.
ولو أردنا أن نفكر بالخيارات المتاحة أمام أمير المؤمنين (ع) في ذلك الزمن لوجدنا أنه مع ضرورة أن يكون موقفه (ع) يؤدي للكشف عن نواياهم وحقيقة أطماعهم، أمام إحتمالين:
أ ـ التصدي لهم فور هجومهم على المنزل، وهو إحتمال مليء بالمخاطر، وأن هذه الخطوة لا تخلو من:
أولاً: إما أن يقتل (ع) وبالتالي يتم ضياع القضية وإدعاء القوم أنه إمتنع عن البيعة وقام بالسيف وهم أشاعوا قبلاً أنه (ع) رفضها وتنازل عنها.
ثانياً: إما أن يقاتلهم وهذا فضلاً عن أنه مخالف لوصية الرسول بعدم القتال مع عدم وجود الناصر، لسوف يضع الأمة أمام خيارات صعبة، وقد أشار إليها أمير المؤمنين في الرواية التي ذكر الكاتب بعضاً منها، وأعني بها رواية محمد بن الحنفية، حيث ذكر أن قيامه (ع) بالسيف سيضع كل إنسان أمام إحتمالات عدة: إما البيعة له فيقاتل إلى جانبه، وإما مخالفته فيقتل بسيفه، وإما خاذل لا يقاتل فيكفر لإمتناعه عن بيعته ونصرته.
ب ـ عدم التصدي لهم وجعلهم يدخلون الدار، ويفعلون ما يفعلون، ثم التصدي بعد ذلك وبعد إنتشار فعلهم لدفعهم عن أهله وبيته ولا علاقة لذلك بموضوع الخلافة، فإن موقفه منها واضح وبيِّن بعدم البيعة.
وقد كان الخيار الأخير هو الموقف الذي إتخذه أمير المؤمنين (ع) بحكمته البالغة فتحقق ما لا يستطيع تحقيقه بتصديه للقوم بداية.
وعليه، فإن تأخره (ع) عن نصرة الزهراء إنما كان يهدف من خلاله لتفويت الفرصة عليهم فلا يمكنهم من تحريف ما قد يحدث، أما بعد أن فعلوا ما فعلوه وشاع أمرهم فإن التهديد بشهر السيف لا مانع منه. وهذه الخطوة لم تحقق لأمير المؤمنين أهدافه فحسب،
بل دفعت بالقوم للذهاب إلى منزلها (ع) في محاولة مكشوفة منهم لإعادة الإعتبار لأنفسهم
/صفحة 211/
عبر محاولة إسترضائها (ع) .
وقد كان موقفه (ع) من التهديد بشهر سيفه إن حاول أحد نبش بعض القبور لمعرفة قبرها (ع) بحجة الصلاة عليها، دليلاً على صحة ما نقول، لأنه (ع) كان يعرف تماماً أن تهديده بشهر السيف في هذا المورد سيؤدي غرضه، لأنه لن يستطيع أحد إتهامه بوجود أطماع شخصية تقف وراء ذلك، فإن نبش القبر، وهو قبر الزهراء (ع) ، غير مبرر شرعاً ولا عقلاً ولا أخلاقاً.
2 ـ فذكر قول رسول الله (ص) :
ومن شبهات هذا الكاتب قوله إنه وحسب (رأي المتأخرين أن المعصوم لا ينسى فكيف تقول هذه الرواية "فذكر قول رسول الله") (1) وقد كان تعليقه هذا على ما جاء ببعض الروايات أنه (ع) وثب على عمر وأخذ بتلابيبه (ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله فذكر قول رسول الله وما أوصى به من الصبر والطاعة، فقال والذي كرم محمداً بالنبوة يا إبن رضي الله عن عمر لولا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتي..) (2)
وقول الكاتب هذا يدل على مبلغه في العلم فإن قول الراوي (فذكر قول رسول الله) إنما يعني أنه ردد وصية رسول الله له أمام عمر فالمقصود من (ذكر) أنه قال وأخبر، بمعنى الذكر اللفظي، وهو كقوله تعالى وذكر إسم ربه فصلى (3)
ولم يقل (فتذكر) ليكون المعنى ما يقابل النسيان.والرواية على فرض صحتها، تشير إلى أن أمير المؤمنين (ع) أراد أن يعلمهم سبب عدم قتله للرجل. وما يؤكد هذا المعنى هو العبارة التي تلي هذه حيث يقول
فذكر قول رسول الله.. فقال والذي كرم محمداً..) ولا يخفى على كل متبصر، وإن خفي على كاتبنا، أنه عطف بالفاء في كلمـة
(1) مرجعية المرحلة، ص 193.
(2) مرجعية المرحلة، ص 193. كتاب سليم، ص 250.
(3) سورة الأعلى.
/صفحة 212/
(فقال) ولم يحصل العطف (بالواو).
ورغم كل ذلك، فإن هذه العبارة حتى لو حملت على معنى التذكر فإنما هي عبارة الراوي لما رأى أن أمير المؤمنين (ع) أحجم عن قتل الرجل مبرراً ذلك بوصية رسول الله (ص) ، فوصف ذلك بهذه العبارة، ولا يعني ذلك أن أمير المؤمنين كان ناسياً بالفعل، وإنما أراد (ع) أن يكشف للحاضرين عن سبب تركه له. (1)
3 ـ قولها (ع) لأنشرن شعري ولأشقن جيبي ولآتين قبر أبي:
وقد علق الكاتب على هذه الرواية قائلاً: (كيف يعقل أن الزهراء تكشف شعرها وتهدد بإرتكاب هذا الشيء المحرم حيث أن فرض الكلام أن الدار وخارجها ممتلئة بالمهاجمين) (2)
ولرد هذه الشبهة لا بد من ملاحظات عدة:
أ ـ من المعلوم أنه ليس بالضرورة الأخذ بكامل الرواية، فقد يؤخذ منها جزء ويترك آخر.
ب ـ ورغم ذلك فإن هذه الرواية لا تحتوي على أمر منكر كما يحاول الكاتب إظهاره، وذلك لأن ثمة رواية أخرى تنقل هذه الحادثة وتذكر أنها (ع) قالت (لأنشرن شعري ولأضعن قميص رسول الله على رأسي). وقد ذكر هذه الرواية الكاتب نفسه عندما نقل كلام السيد (هاشم معروف الحسني) (3) الأمر الذي يعني أنها (ع) قد هددت بنشر شعرها دون أن يعني ذلك خروجها مكشفة الرأس لأنها قالت (ولأضعن قميص رسول الله على رأسي) وإنما أرادت (ع) أن خروجها مع وضع قميص رسول الله على رأسها مع نشر شعرها هو خروج من حاله حال السبي، وذلك كفيل بإنزال غضب الله على الأمه.
(1) راجع كتاب الفضيحة، ص 90.
(2) مرجعية المرحلة، ص 194.
(3) مرجعية المرحلة، ص122.
/صفحة 213/
ج ـ بل حتى لو فرضنا أنها (ع) نشرت شعرها وخرجت مكشفة الرأس، فلا يعني ذلك وقوع نظر أحد عليها لأن بمجرد خروجها (ع) ، بهذه الحالة، يستدعي غضب الله ونزول العذاب لما لها من مرتبة عظيمة، وأن الله سيحول بينهم وبين النظر إليها.
ويكفي لإظهار هذا المعنى أنها (ع) قالت بعد ذلك (فما ناقة صالح بأكرم على الله مني ولا فصيلها بأكرم عليه من ولدي) فإن العذاب قد نزل بعد عقرهم لناقة صالح (ع) . أضف إلى ذلك أن ثمة قرينة أخرى تدلل على أن مرادها (ع) من ذلك إستحقاقهم لنزول غضب الله عليهم هو قول سلمان لها (ع) في آخر الرواية:
(.. يا بنت رسول الله: لقد بعث أبوك رحمة فلا تكوني أنت السبب في هلاك هذه الأمة.)
فسلمان يعرف تماماً أن خروجها (ع) ، على فرض صحته، بهذه الحالة إنما يعني هلاك الأمة وأنها (ع) أكرم عند الله من أن يسمح لأحد بالنظر إليها. وإن قيل: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا حصل ما حصل من الإعتداء عليها وكسر ضلعها وإسقاط جنينها. فنقول: إن الله أراد أن يكشف للأمة عن هؤلاء، والأمور تسير في هذا المجال وفق القوانين الطبيعية وهذا أمر ليس له علاقة بدعاءها عليهم بالفناء لو أرادت ذلك، كما أن الحسين (ع) لو أراد فناء القوم لدعا عليهم فلم يبق منهم أحد.
د ـ ورغم كل ما تقدم فإنه لا يوجد في الرواية أنها (ع) ستخرج أمام الناس. فإنها (ع) قد تفعل ذلك في داخل بيتها حيث يوجد قبر أبيها فيه، ولا يوجد هناك أحد من الناس.
4 ـ هل للزهراء قرط أم لا؟
يقول الكاتب معلقاً على الرواية التي تتحدث أن الرجل عندما ضربها على وجهها قد تناثر قرطها.
إن الزهراء ليس لديها قرط، مستدلاً بما روي عن رسول الله في حديث (القرط) قوله (ص) (ما لآل محمد والدنيا") ومستدلاً أيضاً بما قاله أمير المؤمنين (ع) عن وصف
/صفحة 214/
حال آل محمد (ونحن أهل بيت محمد (ص) لا سقوف لبيوتنا ولا أبواب ولا ستور إلا الجرائد وما أشبهها)!! (1)
ويمكن لنا هنا إبداء بعض الملاحظات:
أ ـ إن ما أشكله الكاتب هنا هو عين إشكال السيد فضل الله الذي تمسك بحديث القرط لرد هذه الرواية، ولا نعلم لماذا يستدل بحديث القرط لردها، ولا يفعل العكس، أعني يستدل برواية تناثر قرطها من جراء ضربها لرد حديث القرط.
وإن قيل حديث القرط مشهور، قيل أيضاً أن حديث ضربها وتناثر قرطها أكثر من مشهور.
هذا علماً أن ما جاء في كتاب (مأساة الزهراء) (ع) فحسب، ثلاث روايات قد ذكرت هذه الحادثة:
الأولى: عن الزهراء (ع) فإنها قالت: (.. إنتثر قرطي من أذني..) (2)
الثانية: عن الصادق (ع) أنه قال: (وصفعة عمر على خدها حتى بدا (أبرى) قرطاها تحت خمارها) (3)
الثالثة: عن الصادق (ع) قال: (ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرطها في أذنها حين نقفت) (4)
علماً أن هذه الروايات الثلاث غير الرواية التي ذكرها الكاتب لتصبح الروايات أربعاً فكيف يرد السيد فضل الله أربع روايات برواية واحدة علماً أن سند بعضها معتبر.
ب ـ وأما ما إستدل به من قول الرسول (ص) (ما لآل محمد والدنيا) فلا يصح أن يكون شاهداً لأن إمتلاك قرط لا يعني التمسك بالدنيا، فإن الرسول (ص) قد ترك لها (فدكاً) ومن المعلوم أن إنتاجها كان كبيراً حيث كانت (ع) توزع جزءاً كبيراً منه على الفقراء والمساكين.
(1) مرجعية المرحلة، ص194.
(2) مأساة الزهراء، ج2، ص 48.
(3) المصدر نفسه، ص 58 ـ 60.
(4) المصدر نفسه، ص 64.
/صفحة 215/
ج ـ وأما كون حال أهل البيت (ع) حال أضعف الناس وأن سقوف بيوتهم وأبوابه كانت من الجرائد وأشباهها فلا يطعن بذلك، لأن إمتلاك قرط ليس دليل غنى أو تكبر، لأن أضعف الناس في ذلك الوقت كان يملك مثله ومن قال: إن قرطها كان من ذهب أو من فضة، ومن قال: إنه كان له قيمة تنافي الزهد.
د ـ مضافاً إليه أن السيد فضل الله، الذي يستشهد كثيراً بهذه الرواية، قد علق قائلاً: (أنها (ع) كانت تتفهم ما يريده النبي قبل أن يقوله أو من دون أن يقوله) (1) وذلك تعليقاً على مضمون الرواية أنها (ع) علمت سبب عدم دخوله (ص) عليها من سفره. فإن الزهراء (ع) ما دامت تعرف ما يريده الرسول (ص) قبل أن يقوله أو دون أن يقوله، فإنها من الأولى أن تعرف أن إمتلاك قرط ـ على فرض كونه دليلاً على التمسك بالدنيا أو أنه أمر منكر لا يصح صدوره منهم ـ مما لا يقبله الرسول (ص) قبل أن يقوله. وهل يعقل أن يكون هذا الأمر منكراً وتفعله الزهراء (ع) وبموافقة علي (ع) كل ذلك برسم السيد فضل الله.
5 ـ إشتمال بعض الروايات على قضايا غريبة.
ومن القضايا التي يطعن بها الكاتب إشتمال بعض الروايات على أمور غريبة، حسب إدعائه، كخروج يد من قبر الرسول (ص) وصوت يتحدث إلى عمر، وإرتفاع حيطان مسجد رسول الله، وقول عمر أنه كاد أن يلين لولا تذكره كيد محمد وولوغ علي في دماء صناديد العرب.
ولا ندري لماذا ينكر هؤلاء كرامات أهل البيت عليهم السلام؟! ولو سلمنا فقد تقدم، أن إشتمال بعض الروايات على قضايا غريبة لا يطعن بها، إذ يصح الأخذ ببعض من الرواية، وترك بعضها الآخر. ولأجل ذلك نجد السيد فضل الله يعتبر أن ذيل زيارة عاشوراء أي الجزء المتعلق باللعن، غير صحيح، بغض النظر عن صحة رأيه هذا وعدمه.
(1) كتاب الندوة، ج1، ص610.
/صفحة 216/
6 ـ هل يوجد تناقض في عدد أنصار علي (ع) :
يدعي الكاتب وجود تناقض في الروايات التي تتحدث عن العدد الذي ذكره أمير المؤمنين (ع) أنه لو توافر لديه لقام بالأمر.
قد نقل الكاتب عدة روايات منها:
* قول النبي (ص) لعلي (ع) إن تموا عشرين فجاهدهم.
* ويعلق الكاتب على هذه الرواية أن بني هاشم وحدهم وصل عددهم إلى العشرين.
* ومنها أن علياً (قال: (لو كان لي عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل بدر وهم أعدادكم لضربتكم بالسيف).
* ومنها قوله (ع)
لو أن رجالاً ينصحون لله عز وجل ولرسوله بعدد هذه الشياه [كان عددها ثلاثين شاة] لأزلت إبن آكلة الذبان).
*ومنها قوله (ع) في رواية محمد بن الحنفية (ولو لم أتق هذه الحال يا أخا اليهود ثم طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى من أصحاب محمد (ص) ومن بحضرتك منهم، إني كنت أكثر عدداً وأعز عشيرة..) (1)
ولا شك أن القارىء قد لاحظ عدم وجود تناقض بين هذه الروايات وذلك للأسباب التالية:
أ ـ إن الرواية الأولى تتحدث عن وصية رسول الله. أما البواقي فهي من كلمات أمير المؤمنين (ع) فلا تناقض بينهما.
ب ـ بل حتى لو كانت الروايات جميعها من قول رسول الله (ص) فلا يحصل التناقض، لأن التناقض أو التعارض إنما يحصل بين الأخبار، أما ما بين أيدينا فإنه على سبيل الإنشاء. ولمزيد من التوضيح نقول إن التناقض إنما يحصل إذا ما كانت الروايات تتحدث عن قضية حصلت ووقعت لا عن قضية لم تحصل أو عن فرض يفترضه. فإذا قال قائل قـد
(1) مرجعية المرحلة، ص 195 ـ 196.
/صفحة 217/
إجتمع لدي خمسة أشخاص، وفي رواية أخرى إجتمع لدي عشرة أشخاص فالتناقض حاصل
لأن القضية من المفروض أنها وقعت بالفعل، والحال أن الواقع واحد، إما خمس وإما عشر، أما في القضية الإنشائية فهذا النوع من الإختلاف لا يوجب تعارضاً لأنك قد تقول لو إجتمع لدي مائة لفعلت كذا، ثم تقول تحدياً وتنزلاً لو إجتمع لدي خمسون لفعلت كذا، ثم تتنزل أكثر ليصل العدد إلى عشرين. فهل في هذا تناقض. وهذا الأمر كثير الإستعمال. فالرجل الشجاع قد يقول لو إجتمع علي خمسة أشخاص لصرعتهم، ثم يبرز شجاعته أكثر ويزيد من تحديه فيقول لو إجتمع علي عشرون شخصاً لصرعتهم وهكذا. ونكرر أن هذا النوع لا يوجب تعارضاً ولا تناقضاً.
ج ـ أما قوله (ع) : (إني كنت أكثر عدداً..) فقد ذكر أمير المؤمنين (ع) هذا أنه سيكون كذلك فيما لو طلب حقه، والفرق واضح أيضاً لأن قوله هذا يختص في حال شهره للسيف
وطلبه حقه، فإنه لا شك أن عدد الذين سوف يؤيدونه، طمعاً وخوفاً وصدقاً سيكون أكثر من غيره. فكثرة العدد لاحقة على طلبه لحقه.
أما الروايات الأخرى فهي تلحظ العدد الذي ينبغي أن يبايعه ليقوم بالأمر، أي المبايعة قبل قيامه بالسيف، بل المبايعة التي تكون مثابة حجَّه على القيام بالأمر، وذلك على غرار ما حصل بعد مقتل عثمان عندما بايعه الناس فلم يجد بداً من القبول بالخلافة وهو معنى قوله (ع) : (لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر) فإن وجود الناصر كفيل بقيام الحجة للقبول بالخلافة.
د ـ وأما حول تساؤله عن أن بني هاشم كان عددهم أكثر من عشرين: فإننا وإن كنا نطلب من الكاتب أن يعدد لنا بني هاشم لنرى عددهم، فإن عدد بني هاشم لا يفيد حتى لو وصل إلى المائة لأن المطلوب هو العدد من غيرهم وإلا فإن القوم سيبرزون القضية على أنها عشائرية وأنه لم يبايعه سوى عائلته وعشيرته. وفي هذا مخاطر كبيرة لا تفيد القضية فلا بد من أن يبايعه مسلمون آخرون غير قومه وعائلته لتقوم الحجة لوجود الناصر.
/صفحة 218/
7 ـ علي (ع) لم يذكر ما جرى عليها (ع) في رواية محمد بن الحنفية:
ومن شبهات كاتبنا أيضاً أنه إلتفت، وأي إلتفاتة! إلى أن الإمام (ع) في رواية إبن الحنفية، رغم طولها لم يتعرض لما جرى عليها (ع) رغم أنه تعرض فيها لجميع المحن التي أصابته في حياته منذ صغره. (1) إلا إن كاتبنا (المتبصر) الذي إلتفت إلى هذا الأمر، والذي أقر أن اهتمام الإمام ينصب في هذه الرواية على إغتصاب الخلافة، أقول رغم إعترافه بذلك، فإنه لم يلتفت إلى عدم ذكره (ع) في هذه الخطبة لإغتصاب فدك أيضاً فهل هذا يعني التشكيك بغصب فدك لعدم ذكره (ع) لها في هذه الخطبة؟!!
وهل يشترط لإثبات قضية ما أو حادثة تاريخية ذكرها في جميع خطب الأئمة وكلماتهم ومناظراتهم وحواراتهم؟!!
هذه هي مجمل شبهات الكاتب التي ظهر مدى وهنها وضعفها والتي ينبغي أن لا تخفى على القارىء الفطن وإن كنا لم نستغرب كيف خفيت على كاتبنا (الفذ) الذي غلبه التعصب وبات لا ينظر إلى الأشياء (إلا من خلال نظارة سوداء) (ويقرأ الكلمات بالمقلوب) كما يحلو له التعبير.
(1) مرجعية المرحلة، ص196.
/صفحة 219/
الفصل السادس
السلبية الممنهجة
/صفحة 220/
/صفحة 221/
سنتوقف في هذا الفصل لننظر في الملحق رقم (3) والذي جعله الكاتب كدراسة في منهجية العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى، لا سيما ما أطلق عليه إسم (النقاط السلبية) في المنهج لنرى مدى إنصاف هذا الكاتب، وأن هذه النقاط التي وصفها بالسلبية، ليست سوى سلبية كاتبنا (السلبي) تجاه كل ما يمس أهل البيت (ع) والإيجابي (جداً) فيما يتعلق بأعدائهم.
أولاً: الموضوعية المفرطة!!
إن أول ما يصادفنا في ملحق هذا الكاتب هو قوله:
(قد آثرت أن ألقي إطلالة على منهجية مؤلف (المأساة) من خلال جولة سريعة في بعض مؤلفاته المختلفة، لأن من الخطأ أن ندرس الإنسان من خلال بحث واحد..) (1)
لقد قرر الكاتب أن يدرس منهجية مؤلف (المأساة).
والطريف تصريحه أن دراسته ستكون من خلال مؤلفاته المختلفة، إلا أن المطلع على دراسته سيجد أنه لم يعتمد سوى على كتاب (الصحيح من سيرة النبي الأعظم)، فأين الجولة في بعض (المؤلفات المختلفة)؟!.
ثانياً: البحوث الهامشية من جديد:
إن أول ملاحظة يبديها الكاتب (الفذ) حول النقاط السلبية، بزعمه، في المنهج ما أسماه (إثارة بعض البحوث الهامشية). وقد عرض بعض النماذج منها وهي:
(1) مرجعية المرحلة، ص 217.
/صفحة 222/
* هل كانت عائشة جميلة أم لا.
* عدم نفي أهمية مكان الجنة.
* هل جرح علي (ع) في قتاله مع عمر بن عبد ود العامري في معركة الخندق.
* هل أن أبا بكر جميل أم قبيح. (1)
ولا ندري أين السلبية في أبحاث كهذه. خاصة عندما يكون الباحث يبحث في التاريخ ويناقش صحة القضايا فيه. فإنه يصطدم بروايات تتحدث في هذا الموضوع فهل المطلوب تركها أم مناقشتها وإظهار مدى صدقها أو كذبها خصوصاً إذا كان يراد لتلك الأمور أن تسهم في إظهار إمتيازات حظي بها من قبل النبي (ص) تلك الإمتيازات التي يراد لها أن يكون لها دور في المزيد من التقدير والتقديس، والدخول إلى وجدان الناس. وعقولهم وفكرهم. أو يراد بها تبرأتهم من أمور قد تخل بمقامهم.
إلا أن الملفت هنا إختيار الكاتب لنماذج النقاط السلبية في أمور تتعلق بالخلفاء الثلاثة والفريق المقابل لأهل البيت (عليهم السلام) على وجه الخصوص ـ كما سنرى ـ فلا ندري هل هدف الكاتب بالفعل دراسة المنهج أم الدفاع عن هؤلاء. وليتأمل القارىء في النماذج المتقدمة، كما فليتأمل في النماذج الآتية ليرى أن كل تلك النماذج، بإستثناء أربعة منها تتعلق بالفريق الآخر، وهم ما عدا أهل البيت (ع) .
ثالثاً: سلبيات الآخر تزعج الكاتب:
ملاحظة الكاتب الثانية هي ما أسماه (التركيز على سلبيات الآخر) دون ذكر بعض الإيجابيات. وأن هذا الأسلوب لن يخترق العالم السني على عكس مؤلفات وكتب بعض العلماء أمثال السيد هاشم معروف الحسني فلننظر إلى تلك النماذج التي عرضها في هذا المجال، ولنرى من هم هؤلاء الذين قال عنهم أنهم يملكون بعض الإيجابيات التي يتجاهلها السيد جعفر مرتضى:
(1) مرجعية المرحلة، ص 219 ـ 220.
/صفحة 223/
* إعتقاد اليهود أن الله سيغفر لهم كل ما يرتكبونه من جرائم.
* هل أعتق أبو بكر بعض المسلمين.
* هل عذب المشركون أبا بكر.
* هل كان أبو بكر رئيساً متبعاً في قومه.
* هل كان عمر قارئاً.
* هل شرب عمر الخمر بعد حرب بدر (1)
إن من يتحدث عنهم الكاتب الموقر ويدعي أن لهم إيجابيات لا بد من ذكرها هما الشيخان. يقولها الكاتب وفي قلمه غصة من عدم ذكر محاسنهم وإيجابياتهم. فانظر كيف يعلق الكاتب على مناقشة العلامة المحقق للموضوع المتقدم حول أبي بكر. يقول:
(وبالنتيجة خرج أبو بكر لا رئيساً ولا معذباً) (2)
ولا شك أن القارىء قد لاحظ تلك الغصة والأسف واللوعة في طريقة تعبير الكاتب.
ولا ندري لماذا ينزعج الكاتب من مناقشة هذه الأمور لإظهار وبطلانها، خاصة وأن القوم حاولوا التمسك بها لإظهار إستحقاقه للخلافة. ومع ذلك فللنظر ماذا قال السيد هاشم معروف الحسني في هذا المجال خاصة وأنه ـ برأي الكاتب ـ من المحققين الكبار. (3)
(1) مرجعية المرحلة، ص 224 ـ 229.
(2) المصدر نفسه، ص225.
(3) سيرة المصطفى، ص 123.
/صفحة 224/
وكذلك راجع كلامه حول إسلام أبي بكر وقدرته على إقناع الآخرين بالدخول إلى الإسلام. (1)
إلا أن الأطرف في هذه النقطة هو محاولته إظهار التناقض في كلام السيد جعفر مرتضى حيث يقول إن أسلوب السيد المحقق قد أوقعه في إرتكاب المفارقات، وأعطى مثالاً على ذلك مسألة مبارزة أبي بكر لولده: يقول الكاتب: (حاول بكل جهده أن يبطل أدلة هذه المسألة ونقل الأقوال التي تفندها مثل ما قاله: إبن ظفر في الينبوع: (لم يثبت أن أبا بكر دعا إبنه للمبارزة وإنما هو شيء ذكر في كتب التفسير).. ولكنه في مسألة تحقيق تاريخ إسلام أبي بكر، وبيان تأخره وبطلان الأقوال التي تدعي تقدمه قال: (..وأولاد أبي بكر حالهم معلوم، حتى أن أحدهم قد طلب مبارزة أبيه ـ أبي بكر ـ يوم أحد أو بدر، كما سيأتي..) والآن نريد أن نعرف الحقيقة، وهل الصحيح ما هو موجود في الصحيح من السيرة الجزء2 أم في الصحيح من السيرة الجزء6؟) (2)
ونحن نقول:
إن الحقيقة في كلا القولين إلا أنه لن يراها من ختم الله على قلبه وعلى سمعه وعلى بصره غشاوة. والمفارقة هي مفارقة الكاتب (البصير).
ومهما يكن من أمر فإن ما نفاه السيد المحقق في القول الأول أن يكون أبو بكر هو الذي دعا ولده للمبارزة، وأما القول الثاني فهو يقول أن ولد أبي بكر هو الذي دعا والده للمبارزة. فلا تناقض في ذلك. ولا ندري إن كان الكاتب يفهم مثل هذا الكلام ويفرق بينه.
والذي يثير الإستغراب هو أسفه عن التحدث عن سلبيات اليهود وإعتقادهم أن الله سيغفر لهم جرائمهم. ولعل الكاتب يعتبر أيضاً أن الحديث عن إغتصاب الخلافة لا يصح لأنه تركيز على سلبيات الآخر.
(1) سيرة المصطفى، ص122 ـ 124.
(2) مرجعية المرحلة، ص226.
/صفحة 225/
رابعاً: تضخيم الأمور الصغيرة:
وتأمل عزيزي القارىء في نموذج الملاحظة الثالثة التي أبداها الكاتب والتي تتعلق بقيام عمر بن الخطاب بغرس نخلة ولكنها لم تعش، وعندما أخذها رسول الله (ص) وغرسها من جديد عاشت (1) ولا أعتقد أننا بحاجة للتعليق على هذه الملاحظة.
خامساً: المنهج القديم والمنهج الحديث:
والملاحظة الرابعة التي يبديها الكاتب هي ما أسماه (صراع المنهجين الحديث والقديم) عند السيد المحقق، أي المنهج التشكيكي الحديث والمنهج القطعي القديم. وقد نسي الكاتب نفسه هنا وظن أن "فرويد" قد تجسد أو تقمص به، ولعله يؤمن بالتقمص، حيث إستدل على هذا (الصراع) بكلمة قال أن السيد المحقق يرددها وهي: (ونحن نشك في صحة ذلك بل نجزم بعدم صحته) (2)
ثم إستخلص الكاتب (الفرويدي) أن هذه العبارة تدل على وجود صراع عند السيد المحقق بين المنهجين. وإذا أردنا أن نجاريه في إستنتاجاته فإننا نرى عكس ما ذهب إليه فإن الإنتقال من الشك إلى اليقين هي الطريقة العلمية الصحيحة وهو المراد من منهج الشك الحديث، لا الشك المستمر، لأن الشك ليس هو المطلوب لذاته بل هو مطلوب ليكون الوسيلة للوصول إلى اليقين.
إلا أن مشكلة الكاتب هبي إعتياده على الإستماع إلى أشرطة الكاسيت التي طالما تتحدث عن إثارة الشكوك وعلامات الإستفهام خصوصاً بما يلامس أموراً دينية وثوابت إيمانية بحجة محاولة الوصول بهذا الشك إلى اليقين وتثبيت الحقائق، وأحياناً. لمجرد الشـك والشبهة، الذي لا يفيد العلم ولا يقرره إن كان مقصوداً لذاته أما كاتبنا (الشكاك) فيبدو
(1) مرجعية المرحلة، ص 226.
(2) مرجعية المرحلة، ص 229.
/صفحة 226/
أنه ليس (فرويدي) النزعة فحسب بل هو (بيروني) (1) النزعة أيضـاً فهو يظـن أن
المنهج الحديث يقتضي الشك المطلق في كل شيء حتى في كونه شاكاً أيضاً، فهو يشك في أنه يشك حسب تعبير الفلاسفة.
وبعد كل ذلك فللنظر إلى النماذج التي إختارها الكاتب وليلاحظ القارىء أولئك الذين يدافع عنهم كما أشرنا في بداية الفصل:
* الزعم: أن الرسول لم يتزوج بكراً غير عائشة.
* المزاعم عن زواج عثمان من إبنتي رسول الله (ص)
* باب هجرة أبي بكر.
* هل كان بئر رومه من صدقات عثمان. (2)
فلاحظ كيف أن نماذجه هذه تتعلق بعثمان، وعائشة وأبي بكر فلا داعي للتعليق، حتى لا نتهم بأننا ضد المحاولات التي تبذل للتخلي عن عقائدنا لصالح عقيدة اخواننا من أهل السنة!!
سادساً: عدم الإلتزام بأسس التحقيق:
والملاحظة الخامسة التي يذكرها الكاتب هي دعواه أن السيد المحقق لا يلتزم بأسس التحقيق التي رسمها بنفسه ومنها رفضه لبعض الروايات لوجود تناقض بينها. (3) ثم عرض نماذج من تلك الروايات التي إدعى أن السيد المحقق رفضها لوجود تناقض فيها. وإليك هذه النماذج وتأمل بها:
* رفض رواية أن عثمان إشترى بئر رومه وجعلها صدقة وذلك لإختلاف الروايات وتناقضها، فبعضها يقول أن ثمنها 40 ألفاً وبعضها 35 ألفاً وبعضها أنه حفرها ولم يشترها. [الصحيح، ج4، ص163].
(1) نسبة إلى (بيرون) وهو فيلسوف من أصحاب مذهب الشك المطلق، وهو من المذاهب السفسطائية التي رفضت إمكانية المعرفة.
(2) مرجعية المرحلة، ص230.
(3) مرجعية المرحلة، ص231.