بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد :
فهذا موضوع لطيف أجمع فيه ما ورد من الأخبار والأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يختص بصوم يوم عاشوراء مما جاء في الكتب الستة بدأت بما اتفق عليه الشيخان فإن خرجّه أهل السنن ذكرت ذلك ثم بما انفرد به مسلم عن البخاري فإن خرجّه أهل السنن ذكرت ذلك ثم ختمت بما انفرد به أهل السنن وأشير إلى ما جاء في بعضها من ضعف أو شذوذ. وختمت بالبحث بذكر فقه الأحاديث رواية بذكر المسائل والفوائد وأحيل القارئ في كثير منها إلى مظانها الأصلية رجاء الاختصار. والله أسأل أن ينفع بها
أولاً: ما اتفق عليه الشيخان
1- حديث عروة عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا كانت تصوم عاشوراء في الجاهلية ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حتى فرض رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من شاء فليصمه ومن شاء فليفطره "
أخرجه البخاري ومسلم عن عروة من ثلاثة طرق : 1- الزهري 2- هشام بن عروة 3- عراك بن مالك
فأما حديث الزهري فأخرجه البخاري في مواضع من صحيحه [ كتاب الحج – باب قول الله تعالى ( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم ) ح 1592 ، كتاب الصوم – باب صوم يوم عاشوراء ح 2001 ، كتاب التفسير – باب ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ح 4502] ومسلم في صحيحه ( كتاب الصيام ح (2639 وابن ماجه ( كتاب الصيام – باب صيام يوم عاشوراء ح 1733(
وقد رواه عن الزهري جماعة منهم عقيل ( ح 1925) وشعيب (ح 2001) كما عند البخاري ، وسفيان بن عيينة كما عند البخاري ( ح 4502) ومسلم ( ح 2639) وابن أبي ذئب عند ابن ماجه (1733).
وأما حديث هشام بن عروة فقد أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه [كتاب الصوم – باب صوم يوم عاشوراء ح 2002، كتاب مناقب الأنصار – باب أيام الجاهلية ح 3831 ، كتاب التفسير – باب ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) ح 4504] ومسلم في صحيحه (كتاب الصيام ح 2637) والترمذي في جامعه (كتاب الصوم – باب ما جاء في الرخصة في ترك صوم يوم عاشوراء ح 753 وقال : حديث صحيح) وأبو داود في سننه (كتاب الصيام – باب في صوم يوم عاشوراء ح 2442)
وأما حديث عراك بن مالك فقد أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الصوم – باب وجوب صوم رمضان ح 1893) ومسلم في صحيحه( كتاب الصيام ح 2641 )
2- حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في عاشوراء : " من شاء صام ومن لم يشأ لم يصمه "
أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر من طريقين : 1- نافع. 2- سالم.
فأما حديث نافع فقد أخرجه البخاري في [كتاب الصوم – باب وجوب صوم رمضان ح 1892 ، كتاب التفسير – باب (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ح 4501] ومسلم في صحيحه (كتاب الصيام ح 2642-2646 ) وجاء في حديثه : " أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون قبل أن يفترض رمضان .." الحديث وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لا يصومه إلا أن يوافق صيامه. وأبو داود في (كتاب الصيام – باب في صوم يوم عاشوراء ح 2443) وابن ماجه(كتاب الصيام – باب صيام يوم عاشوراء ح 1737 )
وأما حديث سالم فقد أخرجه البخاري في (كتاب الصوم – باب صوم يوم عاشوراء ح 2000) ومسلم في (كتاب الصيام ح 2647)
3- حديث الزهري عن حميد بن عبدالرحمن أنه سمع معاوية رضي الله عنهما عام حجّ على المنبر يقول : ( يا أهل المدينة أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر)
أخرجه البخاري في (كتاب الصوم – باب صوم يوم عاشوراء ح 2003 ( ومسلم في صحيحه (كتاب الصيام ح 2653-2655 ) والنسائي (كتاب الصوم – باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك ح 2373)
4- حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال : " ما هذا ؟ " قالوا : هذا يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى قال : " فأنا أحق بموسى منكم " فصامه وأمر بصيامه.
أخرجه البخاري ومسلم عن سعيد من طريقين : 1- عبدالله بن سعيد بن جبير. 2- أبي بشر.
فأما حديث عبدالله بن سعيد بن جبير فقد أخرجه البخاري في[كتاب الصوم – باب صوم يوم عاشوراء ح 2004 – كتاب أحاديث الأنبياء – باب قول الله تعالى ( وهل أتاك حديث موسى ) و (كلم الله موسى تكليما ) ح 3397] ومسلم ( كتاب الصيام ح 2658-2659)
وأما حديث أبي بشر فقد أخرجه البخاري في [كتاب مناقب الأنصار – باب إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ح 3949 – كتاب التفسير – باب (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) ح 4680 – كتاب التفسير – باب (ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى () فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى ح [4737 ومسلم في (كتاب الصيام ح 2656-2657) وأبو داود في (كتاب الصيام – باب في صيام يوم عاشوراء ح 2444)
وانفرد ابن ماجه فرواه في (كتاب الصيام – باب صيام يوم عاشوراء ح 1734 ) من طريق أيوب عن سعيد بن جبير ، والمحفوظ أنه عن أيوب بواسطة كما في الصحيحين.
5- حديث أبي أسامة عن أبي عُميس عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى رضي الله عنه قال : كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيداً قال النبي صلى الله عليه وسلم : " صوموه أنتم "
أخرجه البخاري في (كتاب الصوم – باب صوم يوم عاشوراء ح 2005 – كتاب مناقب الأنصار – باب إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة ح (3942 ومسلم في (كتاب الصيام ح 2660)
وانفرد مسلم فرواه (كتاب الصيام ح 2661 ) من طريق صدقة بن أبي عمران عن قيس بن مسلم به ، وجاء في حديثه ( كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيداً ويلبسون نساءهم حليهم وشارتهم) الحديث ، والشّارة والشورة هي كل ما يتزين به وهي الهيئة الحسنة.
6- حديث سفيان بن عيينة عن عبيدالله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء وهذا الشهر يعني شهر رمضان "
أخرجه البخاري في (كتاب الصوم – باب صوم يوم عاشوراء ح 2006 ) ومسلم (كتاب الصيام ح 2662) والنسائي ( كتاب الصيام - باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك ح 2372 )
وانفرد مسلم فرواه (كتاب الصيام ح 2663) من طريق ابن جريج عن عبيدالله بن أبي يزيد به.
7- حديث يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : (أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم أن أذن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء )
أخرجه البخاري في [ كتاب الصيام باب إذا نوى بالنهار صوما ح 1924 و باب صوم يوم عاشوراء ح 2007 ] من طريقي أبي عاصم والمكي بن إبراهيم عن يزيد ؛ وهو من ثلاثيات البخاري ، ومسلم في ( كتاب الصيام ح 2668 ) من طريق حاتم بن إسماعيل به والنسائي في (كتاب الصيام – باب إذا لم يجمع من الليل هل يصوم ذلك اليوم من التطوع ؟ ح 2323 ) من طريق يحيى بن سعيد به ، ومن طريقه أخرجه البخاري في ( كتاب كتاب أخبار الآحاد – باب ما كان يبعث النبي صلى الله عليه وسلم من الأمراء والرسل واحداً بعد واحد ح 7265 ) وهو من هذا الطريق من رباعيات البخاري.
8- حديث عبدالله بن مسعود أنه دخل عليه الأشعث بن قيس حين يتغدى فقال : اليومُ عاشوراء فقال عبدالله: كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل تُرك ، ادنُ فكُل.
أخرجه البخاري في [كتاب التفسير – باب ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ح 4503] من طريق علقمة به ومسلم في (كتاب الصيام ح 2648-2651) من طرق عن الأشعث به.
9- حديث بشر بن المفضل عن خالد بن ذكوان عن الرُّبيع بنت معوذ بن عفراء قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة " من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية صومه " فكنا بعد ذلك نصومه ونصّوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على طعام أعطيناها إياه عند الإفطار.
أخرجه البخاري (كتاب الصوم – باب صوم الصبيان ح (1960 و مسلم (كتاب الصيام ح 2669 ( وانفرد مسلم فرواه من طريق أبي معشر العطار عن خالد بن ذكوان به.
ثانياً : ما انفرد به مسلم عن البخاري
1- حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده.
أخرجه مسلم في ( كتاب الصيام ح 2652) من طريق أشعث بن أبي الشعثاء عن جعفر بن أبي ثور عن جابر.
2- حديث الحكم بن الأعرج قال : انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه عند زمزم فقلت له : أخبرني عن صوم عاشوراء ؟ فقال : إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما قلت : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قال : نعم.