(( حديث ( من كنت مولاه فهذا
عليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله
وأدر الحق معه حيث دار ) ـ ثم يعلق عليه بقوله ـ وهذا الحديث وحده كاف لردّ
مزاعم تقديم أبي بكر وعمر وعثمان على من نصّبه رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولياً للمؤمنين من بعده، ولا عبرة بمن أوّل الحديث إلى منعى المحب
والنصير لصرفه عن معناه الأصلي الذي قصده الرسول وذلك حفاظاً على كرامة
الصحابة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قام خطيباً في ذلك الحر
الشديد ( قال ألستم تشهدون بأني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) قالوا بلى
يارسول الله فقال عندئذ ( فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه... ) وهذا نص صريح
في استخلافه على أمته، ولا يمكن للعاقل المنصف العادل إلاّ قبول هذا المعنى
ورفض تأويل البعض المتكلف والحفاظ على كرامة الرسول قبل الحفاظ على كرامة
الصحابة لأن في تأويلهم هذا استخفاف واستهزاء بحكمة الرسول الذي يجمع حشود
الناس فيالحر الهجير الذي لا يطاق ليقول لهم بأنّ علي هو محب المؤمنين
وناصرهم. وبماذا يفسر هؤلاء الذين يؤولون النصوص حفاظاً على كرامة كبرائهم
وساداتهم موكب التهنئة الذي عقده له رسول الله (ص). وبدأ بزوجات أمهات
المؤمنين وجاء أبو بكر وعمر يقولان ( بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت
وامسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة ) والواقع والتاريخ يشهد أن المتأولين لكاذبون
فويل لهم ممّا كتبت أيديهم وويل لهم ممّا يكتبون قال تعالى { وان فريقاً
منهم ليكتمون الحقّ وهم يعلمون } ))(20)، فأقول:
أ ـ هذا الحديث صحيح إن
شاء الله، ولكنه لا يفيد استخلاف عليّ على الأمة بعد النبي صلى الله عليه
وآله وسلم وقد بينت ذلك باستفاضة في مبحث أبي بكر فليرجع إليه للأهمية(21).
ب ـ بالنسبة للزيادة في قوله ( وانصر من نصره واخذل من خذله ) فهي
زيادة
ضعيفة خلا الحديث لأن هذه الزيادة مدارها على شريك القاضي وهو سيء
الحفظ(22) ، أما ( وأدر معه الحق حيث دار ) فلم أجدها في جميع طرق الحديث!
ت
ـ أما أقوله ( ولا عبرة بمن أوّل الحديث إلى معنى المحب والنصير لصرفه عن
معناه الأصلي الذي قصده الرسول وذلك حفاظاً على كرامة الصحابة )! وأنا أسأل
التيجاني المنصف كيف عرفت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قصد هذا
المعنى الأصلي؟! هل اتصلت بشيخ الطائفة ( أحمد التيجاني ) للاستفسار عن
المعنى الأصلي، الذي بادر من فوره للالتقاء بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله
وسلم وسأله عن قصده ـ كما علمه صلاة الفاتح من قبل ـ فأخبره بالمعنى
الأصلي، ثم أعلمك إياه؟؟! سبحان الله، جاهل ويتنطّع.
ث ـ أما احتجاجه بأن النبي قام خطيباً في الحر الشديد الذي لا يطاق ذاكراً النص على علي. فأقول:
وقوفه
في الحر الذي لا يطاق ليس دليلاً على أن علياً خليفة، فهذا لا يحتج به إلا
مفلس ولعل هذه الحجة تقبل عقلاً في حال جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم
الناس وامرهم بالذهاب لغدير خُم ثم ذكر لهم الحديث، ولكنه عندما قال ما
قال كان عائداً من حجة الوداع وفي الطريق عند الغدير ذكر موالاة عليّ فلو
كان يقصد بالموالاة الإمامة لذكرها في حجة الوداع التي خطبهم فيها بأهم ما
يجب أن يعرفوه، وكان يقول ألا هل بلّغت، اللهم فاشهد، ولكن لما لم يكن هذا
بلاغاً للناس فلم يذكره، ولتأكيد مقصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
بموالاة عليّ على أنها الحب والنصرة هو مارواه احمد في الفضائل عن ابن
بريدة عن أبيه قال (( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستعمل
علينا علياً، فلما رجعنا سأَلنا: كيف رأيتم صحبة صاحبكم؟ فإما شكوته أنا
إما شكاه غيري فرفعت رأسي وكنت رجلاً من مكة، وإذا وجه رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قد احمرّ فقال: من كنت وليه فعليّ وليه ))(23)، وما رواه
ابن عباس عن بريدة قال خرجت مع عليّ رضي الله عنه إلى اليمن، فرأيت منه
جفوة، فقدمت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فذكرت علياً فتنقصته،
فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتغير وجهه، يا بريدة ألست أولى
بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه
))(24)، ومن هنا نعلم أن معنى مقصد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
بالموالاة هي الحب والنصرة.
جـ ـ أما قوله ( وبماذا يفسر هؤلاء الذين
يؤولون النصوص حفاظاً على كرامة كبرائهم وساداتهم موكب التهنئة الذي عقده
له رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدأ بزوجات أمهات المؤمنين وجاء أبو بكر
وعمر يقولان ( بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة
)، قلت: تباً لهذا التيجاني الأنوك الذي
يعبث في النصوص الحديثية كيف يشاء، فعندما ذكر هذا الحديث في مبحث ( أسباب
الاستبصار ) لم يذكر أن زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم كن من جماعة
المهنّئين لعليّ، وهنا أضافهن زيادة في التحريف وامعاناً في الكذب، إضافة
إلى أن أبا بكر لم يذكر في هذه الاضافة من الحديث إطلاقاً(25)، عدا أن هذه
الزيادة ـ التهنئة ـ قد تفرد بها عليّ بن زيد وهو ضعيف(26)، ثم لا يستحي
بعد ذلك أن يقول ( والواقع والتاريخ يشهد أن المتأولين لكاذبون، فويل لهم
مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكتبون )!؟ اللهم استجب!