الادعاء بأن أبا حنيفة تتلمذ على
يد جعفر الصادق كذب يعرفه كل من قرأ شيئاً عن حياة أبي حنيفة، والمعلوم
المشهور أنه تتلمذ على يد ثلة من كبار العلماء في عصره ومن أبرزهم إسماعيل
بن حماد أبي سليمان الكوفي وهو من أخص شيوخ أبي حنيفة إضافة إلى ابراهيم بن
محمد المنتشر وإبراهيم بن زيد النخعي وأيوب السختياني والحارث الهمذاني
وربيعة المدني وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسعيد بن
مسروق ولد سفيان الثوري وسليمان الهلالي وعاصم بن كليب وغيرهم كثير
2ـ وعلى فرض أن أبا حنيفة درس على
يد جعفر الصادق فلا يعدو ذلك أن يكون أبو حنيفة واحداً ممن أخذ العلم
عنهم، فلا يعني هذا أن أبا حنيفة صار جعفري المذهب وأنا أقول ذلك افتراضاً
وإلا فالثابت أنه كان يفتي في زمان أبي جعفر والد جعفر الصادق! أما قوله
بأن المذاهب الأربعة تتبع المذهب الجعفري فكلام ساقط، فأحمد لم يقرأ على
الشافعي بل جالسه، والشافعي قرأ على مالك الموطأ ولا يوجد فيه لجعفر إلا
تسعة أحاديث فقط! ولم يقل أحد أن مالكاً كان من تلاميذ أبي حنيفة بل عدوه
من أقرانه.
3ـ الرافضة أنفسهم يرون في أوثق كتبهم ما يفيد أن أبا حنيفة
لم يكن يوماً من تلاميذ أبي جعفر فضلاً عن جعفر الصادق بل من أعدائهم! فهذا
كبيرهم الكليني يروي في أوثق كتبهم والذي يضاهي البخاري عندنا وهو ( أصول
الكافي ) (( عن سدير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام وهو وأنا خارج وأخذ
بيدي ثم استقبل البيت فقال: يا سدير إنما أمر الناس أنْ يأتوا هذه الأحجار
فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله { وإني لغفّار
لمن تاب وآمن وعمِلَ صالحاً ثم اهتدى } ثم أومأ بيده إلى صدره: إلى
ولايتنا، ثم قال يا سدير فأريك الصادين عن دين الله، ثم نظر إلى أبي حنيفة
وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حِلَقٌ في المسجد، فقال: هؤلاء الصادون عن
دين الله بلا هدًى من الله ولا كتاب مبين، إنّ هؤلاء الأخباث لو جلسوا في
بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحداً يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله
صلى الله عليه وآله وسلم حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن
رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ))(3).
4ـ أما أن يقول بأنه تتلمذ على يد
جعفر الصادق أكثر من أربعة آلاف محدث وفقيه، فأقول هذا الكلام يبقى
معقولاً جداً، كيف لا وقد روى الرافضة الاثني عشرية أنه (( استأذن على أبي
جعفر عليه السلام قومٌ من أهل النّواحي من الشيعة فأذن لهم، فدخلوا فسألوه
في مجلسٍ واحدٍ عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب عليه السلام وله عشر سنين
))(4)!!!؟ فما قيمة علم الأئمة الأربعة أمام علم هؤلاء؟!