منهاج السنة للرد على الشيعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الخميس مايو 02, 2024 12:22 pm
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شبهات حول عائشة وتفنيدها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
منهاج السنة
لا اله الا الله محمد رسول الله
لا اله الا الله محمد رسول الله
منهاج السنة


شبهات حول عائشة وتفنيدها  Vitiligo-ae30eb86b8شبهات حول عائشة وتفنيدها  Iraqiaabc6667cb59
عدد المساهمات : 897
تاريخ التسجيل : 27/10/2012

شبهات حول عائشة وتفنيدها  Empty
مُساهمةموضوع: شبهات حول عائشة وتفنيدها    شبهات حول عائشة وتفنيدها  Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 07, 2012 11:54 am

الشبهة الأولى :
· موقف عائشة من مقتل عثمان وأنها تقول اقتلوا نعثلا فقد كفر:


- أولا : الحق أن عائشة أم المؤمنين كانت تكنّ للخليفة عثمان كل احترام وتقدير
، وهي تدرك عظيم منزلته في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

- وقد روت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فضائل ثابتة عن عثمان – رضي الله
عنه – ومنها قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة :" ألا أستحي من رجل تستحي منه
الملائكة " مسلم 2401.

- وأما ما رواه ابن أبي الحديد الشيعي المعتزلي ، من أنها كانت تنادي بقتله
وتسميه نعثلا ، فهذا لا أساس له من الصحة ، وهو من فريات السبئية لعنهم الله ،
ليوغروا عليه صدور المسلمين ، وليظفروا بمبتغاهم في الطعن على الصحابة ، رضوان
الله عليهم . وقد تقدم قريبا أن هذا الكلام المنسوب إلى عائشة ، رضوان الله
عنها . ذكره ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة [1] .

- كما أن الرواية التي نحن بصددها (( اقتلوا نعثلاً فقد كفر )) ، فقد جاءت من
طريق سيف بن عمر [2] ، قال يحيى بن معين : وابن أبي حاتم : ضعيف الحديث ، وقال
النسائي : كذاب ، وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات ، قال وقالوا :
إنه كان يضع الحديث ، وقال الدارقطني : متروك[3] ، وقال ابن أبي حاتم : مرّة :
متروك الحديث ، يشبه حديثه حديث الواقدي[4]، وقال أبوداود : ليس بشيء وقال ابن
عدّي : عامّة حديثه منكر [5] .

الشبهة الثانية :
· قالوا بأن الفتنة من بيت عائشة :


قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال Sad( ههنا الفتنة ، ههنا الفتنة ،
ههنا الفتنة ، من حيث يطلع قرن الشيطان )) .

- الرد :


- أولاً : وهذا الحديث لا غبار عليه ، وورد في كتاب الوصايا وفرض الخمس من صحيح
البخاري ، وليس في هذا الحديث ما يدين عائشة رضي الله عنها .

- ثانياً :مقصود الحديث أن منشأ الفتن من جهة المشرق وكذا وقع كما قال الحافظ
ابن حجر في فتح الباري [6] ( المعتزلة – القدرية – الخوارج – الرفض والتشيع –
الجهمية –وغيرهم كثير ).

- والذي يتسنى له زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يلاحظ أن حجرة عائشة رضي الله عنها ، حيث
دفن النبي صلى الله عليه وسلم تقع شرقي المنبر ، لا تفصله عنها سوى الروضة الشريفة .

- ثالثاً : ويبدو واضحاً من خلال أطراف الحديث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أهل
المشرق ، ولم يقصد عائشة رضي الله عنها بسوء ومن جمع طرق الحديث تبين له ذلك
جيدا. والحديث رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، وأطرافه في فرض الخمس
رقمه في فتح الباري ( 2873 ) والجمعة ( 979 ) والمناقب ( 3249) والطلاق ( 4885
) والفتن ( 6563 ) و ( 6564 ) و (6565 ) [7] .

- رابعاً : أما قولهم أشار إلى بيت عائشة فهذا كذب وزور وبهتان ، فلم يرد في
طرق الحديث أشار إلى بيت عائشة وإنما نحو بيت عائشة ، وجاء في رواية عن عبد
الله بن عمر رضي الله عنهما قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشـير إلى المشرق فقال :
(( إن الفتنـة هاهنـا ، إن الفتنـة هاهنـا ، من حيث يطلع قرن الشيطان )) أو قال
(( قرن الشمس )) [8] .

- وفي رواية أخرى قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : (( اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك
لنا في يمننا )) قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا ، قال : (( اللهم بارك لنا في
شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا )) قالوا : يا رسول الله ، وفي نجدنا ، فأظنه
قال في الثالثة : (( هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان )) .

- قال الخطابي :" نجد من جهة المشرق ومن كان بالمدينة كان نجده بادية الفرق
ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة ، وأصل النجد ما ارتفع من الأرض ، وهو خلاف
الغور فإنه ما انخفض منها ، وتهامة كلها من الغور ومكة من تهامة " [9] .

- وعن سالم بن عبد الله بن عمر أنه قال :" يا أهل العراق ! ما أسألكم عن
الصغيرة وأركبكم للكبيرة سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول :" سمعت رسول الله –
صلى الله عليه وسلم – إن الفتنة تجيء من ههنا وأومأ بيده نحو المشرق من حيث
يطلع قرنا للشيطان " البخاري 7094.

- خامساً : هذا طعن بالنبي – صلى الله عليه وسلم – فبيت عائشة هو بيت النبي –
صلى الله عليه وسلم - وبه دفن .

- اختيار النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يمرض في بيتها ، وكانت وفاته بين
سحرها ونحرها ، وفي يومها وفي بيتها ، واجتمع ريق رسول الله – صلى الله عليه
وسلم – بريقها في آخر أنفاسه :

- قال أبو الوفا بن عقيل رحمه الله :" انظر كيف اختار لمرضه بيت البنت ، واختار
لموضعه من الصلاة الأب ، فما هذه الغفلة المستحوذة على قلوب الرافضة ، عن هذا
الفضل والمنزلة التي لا تكاد تخفى عن البهيم فضلا عن الناطق " استدراكات عائشة
على الصحابة ص 30 .

- مسلم (418) من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت : " أول ما اشتكى رسول الله
صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة ، وكان يقول : أين أنا غداً ؟ فاستأذن أزواجه
أن يمرض في بيتها وأذنّ له ، فكان في بيتي حتى مات في اليوم الذي يدور عليّ فيه
"

- البخاري :عن عائشة قالت : " إن من نعم الله عليّ أن رسول الله – صلى الله
عليه وسلم – توفي في بيتي ، وفي يومي ، وبين سحري ونحري ، وأن جمع بين ريقي
وريقه عند الموت دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي- صلى الله عليه وسلم -
وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأبده رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - بصره فأخذت السواك فقصمته ونفضته وطيبته ثم دفعته إلى النبي -
صلى الله عليه وسلم - فاستن به فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استن
استنانا قط أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يده
أو إصبعه ثم قال في الرفيق الأعلى ثلاثا ثم قضى وكانت تقول مات بين حاقنتي
وذاقنتي " .

· شبهة : قالوا بأن عائشة تبغض عليا :


- وذكروا حديث البخاري – باب مرض النبي ووفاته - :" لما ثقل رسول الله – صلى
الله عليه وسلم – واشتد به وجعه خرج وهو بين رجلين تخط رجلاه في الأرض – بين
عباس بن عبد المطلب – ورجل آخر – قال الراوي وهو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
بن مسعود – هل تعرف من الرجل الذي لم تسم عائشة هو علي بن أبي طالب "

- الرد :


- إن ما ذكره أهل الفتنة والهوى حول موقف عائشة أم المؤمنين من صهرها عليّ ،
رضي الله عنهما ، لا يصح منه شيء ، ولا يقره عاقل ، ولاسيما أن الصحيح من
الأخبار يدل على عظيم التقدير والاحترام الذي كانت تكنّه لعليّ وأبنائه رضي
الله عنهم أجمعين .

- كما أخرج أخرج ابن أبي شيبة ، أن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، :" سأل
عائشة من يبايع ؟ فقالت له : إلزم عليّاً [10].

فهل يعقل بعد هذا أن تخرج عليه وتحاربه ؟! ثمّ تعمد إلى إنكار فضله وفضائله كما
زعم المغرضون ؟!

- علاقتها بعلي بن أبي طالب ـ كما سنرى ـ مبنية على المودة والاحترام والتقدير
المتبادل ، فعليّ أعرف الناس بمقام السيدة عائشة ، ومنزلتها في قلب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
، وقلوب المسلمين ، كما كانت هي الأخرى تعرف لعليّ سابقته في الإسلام ، وفضله
وجهاده ، وتضحياته ، ومصاهرته للنبيصلى الله عليه وسلم .

- وقد روت عدداً من الأحاديث في فضائل عليّ وأهل البيت رضي الله عنهم ، ذكرها
أئمة الحديث بأسانيدها ، وهي تدل دلالة واضحة على عظيم احترامها وتقديرها لأمير
المؤمنين عليّ وأهل البيت رضي الله عنهم أجمعين .

- وقد روت السيدة عائشة مناقب أهل البيت التي تعتبر شامة في مناقب الإمام عليّ
، رضي الله عنه .

- من ذلك ما أخرجه مسلم ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : "خرج النبي صلى
الله عليه وسلم غداة
وعليه مرطٌ مرحّل [11] من شعر أسود ، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله ، ثم جاء
الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء عليّ فأدخله ، ثم قال : {
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }[12].

- قلت : والذي أدين الله به أنه لا يصح حديث الكساء إلا من طريق عائشة – رضي
الله عنها – فقط ، فكيف يدعي من كان له أدنى ذرة عقل أو دين أن يتهمها بنصب
العداء لعلي رضي الله عنه .


- ولما بويع عليّ ، رضي الله عنه خليفة للمسلمين ، لم يتغير موقفها منه ولا
حملت في قلبها عليه ، وهي التي كانت تدعو إلى بيعته كما رأينا . وكانت تعرف
مكانته العلمية والفقهيـة ، لذلك عندما سألها شريح بن هانىء [13] عن المسح على
الخفّين ، قالت له : عليك بابن أبي طالب فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم .


- ذكر الحافظ ( ابن حجر ) في فتح الباري قول المهلب : إن أحدا لم ينقل إن عائشة
ومن معها نازعوا عليّاً في الخلافة ، ولا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة
[14].

شبهة :

- * قاتلت عليا والله يقول { وقرن في بيوتكن } :


- الرد :


- أولاً : إن الكلام عما شجر بين الصحابة ليس هو الأصل ، بل الأصل الاعتقادي
عند أهل السنة والجماعة هو الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة ، وهذا من قول
النبي – صلى الله عليه وسلم - :" وإذا أصحابي فأمسكوا " .

- ثانيا : إذا دعت الحاجة إلى ذكر ما شجر بينهم ، فلابد من التحقيق والتثبت في
الروايات المذكورة حول الفتن بين الصحابة ، قال عز وجل : { يا أيها الذين امنوا
إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
} . وهذه الآية تأمر المؤمنين بالتثبت في الأخبار المنقولة إليهم عن طريق
الفساق ، لكيلا يحكموا بموجبها على الناس فيندموا .

- فوجوب التثبت والتحقيق فيما نقل عن الصحابة ، وهم سادة المؤمنين أولى وأحرى ،
خصوصا ونحن نعلم أن هذه الروايات دخلها الكذب والتحريف ، أما من جهة اصل
الرواية أو تحريف بالزيادة والنقص يخرج الرواية مخرج الذم واللعن .

- وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب ، يرويها الكذابون
المعروفون بالكذب ، مثل ابي مخنف لوط بن يحيى ، ومثل هشام بن محمد بن السائب
الكلبي ، وأمثالهما . ( منهاج السنة 5 / 72 ، وانظر دراسة نقدية " مرويات ابي
مخنف في تاريخ الطبري / عصر الراشدين ، ليحيى اليحيى ) .

- ثالثاً : قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :" أما أهل السنة فإنهم في
هذا الباب وغيره قائمون بالقسط شهداء لله ، وقولهم عدل لا يتناقض ، وأما
الرافضة وغيرهم من أهل البدع ففي أقوالهم من الباطل والتناقض ما ننبه إن شاء
الله تعالى على بعضه ، وذلك أن أهل السنة عندهم أن أهل بدر كلهم في الجنة ،
وكذلك أمهات المؤمنين : عائشة وغيرها ، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة
والزبير هم سادات أهل الجنة بعد الأنبياء ".

- رابعاً : أهل السنة يقولون : إن أهل الجنة ليس من شرطه سلامتهم عن الخطأ ، بل
ولا عن الذنب ، بل يجوز أن يُذهب الرجل منهم ذنباً صغيراً أو كبيراً ويتوب منه
،وهذا متفق عليه بين المسلمين ، ولو لم يتب منه فالصغائر مغفورة باجتناب
الكبائر عند جماهيرهم ، بل وعند الأكثرين منهم أن الكبائر قد تُمحى بالحسنات
التي أعظم منها وبالمصائب المكفرة .

- فأهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن الصحابي معصوم من كبائر الإثم وصغائره ،
بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة ، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما
يصدر منهم إن صدر ، ثم إذا كان صدر من أحدهم ذنب فيكون إما قد تاب منه ، أو أتى
بحسنات تمحوه ، أو غفر له بسابقته ، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهم
أحق الناس بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه ، فإذا كان هذا في
الذنوب المحققة ، فكيف بالأمور التي هم مجتهدون فيها : إن أصابوا فلهم أجران ،
وإن أخطئوا فلهم أجر واحد ، والخطأ مغفور .

- ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نادر ، مغفور في جنب فضائل القوم
ومحاسنهم من إيمان وجهاد وهجرة ونصرة وعلم نافع وعمل صالح .

- يقول الذهبي رحمه الله : " فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع بينهم ،
وجهاد محّاءٌ ، وعبادة ممحصة ، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم، ولا ندعي فيهم
العصمة " . ( سير أعلام النبلاء 10 / 93 ، في ترجمة الشافعي ).

- خامساً : من أجل ذلك لا يجوز ان يدفع النقل المتواتر في محاسن الصحابة
وفضائلهم بنقول بعضها منقطع وبعضها محرف ، وبعضها يقدح فيما علم ، فإن اليقين
لا يزول بالشك ، ونحن تيقنا ما ثبت في فضائلهم ، فلا يقدح في هذا أمور مشكوك
فيها ، فكيف إذا علم بطلانها . ( منهاج السنة 6 / 305 ) .

- قال ابن دقيق العيد : " وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه ، فمنه ما
هو باطل وكذب ، فلا يلتفت إليه ، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا ، لأن
الثناء عليهم من الله سابق ، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل ،
والمشكوك والموهوم لا يبطل الملحق المعلوم ".

- سادساً : فإن أهل الجمل وصفين لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي ، ولا كان
معاوية يقول إنه الإمام دون علي ، ولا قال ذلك طلحة والزبير ، وإنما كان القتال
فتنة عند كثير من العلماء ، بسبب اجتهادهم في كيفية القصاص من قاتلي عثمان رضي
الله عنه ، وهو من باب قتال أهل البغي والعدل ، وهو قتال بتأويل سائغ لطاعة غير
الإمام ، لا على قاعدة دينية ، أي ليس بسبب خلاف في أصول الدين .

- ويقول عمر بن شبه : " إن أحدا لم ينقل ان عائشة ومن معها نازعوا عليا في
الخلافة ، ولا دعوا أحدا ليولوه الخلافة ، وإنما أنكروا على علي منعه من قتال
قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم " . ( أخبار البصرة لعمر بن شبه نقلا عن فتح
الباري 13 / 56 ) .

- ويؤيد هذا ما ذكره الذهبي : " أن ابا مسلم الخولاني وأناسا معه ، جاءوا إلى
معاوية، وقالوا : أنت تنازع عليا أم أنت مثله ؟ . فقال : لا والله ، إني لأعلم
أنه أفضل مني ، وأحق بالأمر مني ، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما ،
وأنا ابن عمته ، والطالب بدمه ، فائتوه فقولوا له ، فليدفع إلي قتلة عثمان ،
وأسلم له . فأتوا عليا ، فكلموه ، فلم يدفعهم إليه " . ( سير أعلام النبلاء
للذهبي 3 / 140 ، بسند رجاله ثقات كما قال الأرناؤوط ) .

- وأيضا فجمهور الصحابة وجمهور أفاضلهم ما دخلوا في فتنة .

- قال عبد الله بن الإمام أحمد بإسناده إلى : " محمد بن سيرين ، قال : هاجت
الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ، فما حضرها منهم مائة ،
بل لم يبلغوا ثلاثين " .

- قال ابن تيمية : " وهذا الإسناد من اصح إسناد على وجه الأرض ، ومحمد بن سيرين
من أورع الناس في منطقته ، ومراسيله من أصح المراسيل " . ( منهاج السنة 6 / 236
) .

- سابعاً : ما ينبغي أن يعلمه المسلم حول الفتن التي وقعت بين الصحابة - مع
اجتهادهم فيها وتأولهم - حزنهم الشديد وندمهم لما جرى ، بل لم يخطر ببالهم أن
الأمر سيصل إلى ما وصل إليه ، وتأثر بعضهم التأثر البالغ حين يبلغه مقتل أخيه ،
بل إن البعض لم يتصور أن الأمر سيصل إلى القتال ، وإليك بعض من هذه النصوص :

- وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، يقول عنه الشعبي : " لما قتل طلحة ورآه
علي مقتولا ، جعل يمسح التراب عن وجهه ، ويقول : عزيز علي أبا محمد أن أراك
مجدلا تحت نجوم السماء " .. ثم قال :" إلى الله أشكو عجزي وبجري . - أي همومي
وأحزاني -وبكى عليه هو واصحابه ، وقال : ياليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة
".

- وكان يقول ليالي صفين : " لله در مقام عبد الله بن عمر وسعد بن مالك - وهما
ممن اعتزل الفتنة - إن كان برا إن أجره لعظيم ، وإن كان إثما إن خطره ليسير " .
( منهاج السنة 6 / 209 ) فهذا قول أمير المؤمنين ، رغم قول أهل السنة أن عليا
ومن معه أقرب إلى الحق .

- وهذا الزبير بن العوام رضي الله عنه - وهو ممن شارك في القتال بجانب أم
المؤمنين عائشة رضي الله عنها - يقول : " إن هذه لهي الفتنة التي كنا نحدث عنها
، فقال مولاه : أتسميها فتنة وتقاتل فيها ؟! قال : " ويحك ، إنا نبصر ولا نبصر
، ماكان أمر قط إلا علمت موضع قدمي فيه ، غير هذا الأمر ، فإني لا أدري أمقبل
أنا فيه أم مدبر " . ( فتح الباري 12 / 67 ) .

- هذه عائشة أم المؤمنين ، تقول فيما يروي الزهري عنها : " إنما أريد أن يحجر
بين الناس مكاني ، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال ، ولو علمت ذلك لم اقف ذلك
الموقف أبدا " . ( مغازي الزهري ) .

- ثامناً : كيف يلام الصحابة بأمور كانت متشابهة عليهم ، فاجتهدوا ، فأصاب
بعضهم وأخطأ الآخرون ، وجميعهم بين أجر وأجرين ثم بعد ذلك ندموا على ما حصل
وجرى وما حصل بينهم من جنس المصائب التي يكفر الله عز وجل بها ذنوبهم ، ويرفع
بها درجاتهم ومنازلهم .

- قال صلى الله عليه وسلم : " لا يزال البلاء بالعبد ، حتى يسير في الأرض وليس
عليه خطيئة " .

- وعلى أقل الأحوال ، لو كان ما حصل من بعضهم في ذلك ذنبا محققا ، فإن الله عز
وجل يكفره بأسباب كثيرة ، من أعظمها الحسنات الماضية من سوابقهم ومناقبهم
وجهادهم ، والمصائب المكفرة ، والاستغفار ، والتوبة التي يبدل بها الله عز وجل
السيئات حسنات ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . ( للتوسع
راجع منهاج السنة6 / 205 فقد ذكر عشر أسباب مكفرة )

- تاسعاً : فالمرء لا يعاب بزلة يسيرة حصلت منه في من فترات حياته وتاب منها ،
فالعبرة بكمال النهاية ، لا ينقص البداية ، سيما وإن كانت له حسنات ومناقب ولو
لم يزكه أحد ، فكيف إذا زكاه خالقه العليم بذات الصدور { ربنا أغفر لنا
ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك
رؤوف رحيم }

- عاشراً : علي – رضي الله عنه – لم يكفر الذين قاتلوه ، وهذا ثابت في كتب
السنة وكتب الرافضة ، فأما عند السنة فقد قال شيخ الإسلام إن الصحابة قاتلوا
الخوارج بأمر النبي e ، ولدفع شرهم عن المسلمين ، إلا أنهم لم يكفروهم ، بل حرم
علي بن أبي طالب أموالهم وسبيهم ، وبرهن شيخ الإسلام على أن علي بن أبي طالب لم
يكفر الخوارج بالصريح من أقواله ، فذكر طارق بن شهاب قال : " كنت مع علي حين
فرغ من قتال أهل النهروان ، فقيل له : أمشركون هم ؟ قال : من الشرك فروا . قيل
: فمنافقون ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا . قيل فما هم ؟ قال
: قوم بغوا علينا فقاتلناهم ( رواه ابن أبي شيبة في المصنف 37942) .

- وأما في كتب الرافضة فهو ثابت أيضا وهو كما يلي :

- بحار الأنوار المجلسي ج 23 ص 324 عن ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه
عليه السلام :" كان يقول لأهل حربه انا لم نقاتلهم على التكفير لهم و لم
نقاتلهم على التكفير لنا و لكنا رأينا انا على حق و رأوا أنهم على حق " .

- و سائل الشيعة ج 15 ص 83 عن جعفر ابن محمد عن ابيه عن علي عليه السلام انه
قال:" القتل قتلان قتل كفارة و قتل درجة و القتال قتالان قتال الفئة الباغية
حتى يفيؤا و قتال الفئة الكافرة حتى يسلموا " .

- وجاء في " جواهر الكلام الشيخ الجواهري " ج12 ص 338 عن جعفر عن ابيه عليه
السلام:" أن عليا عليه السلام لم يكن ينسب أحدا من أهل البغي إلى الشرك و لا
إلى النفاق و لكن كان يقول إخواننا بغوا علينا " .

- الحادي عشر : حديث النبي وقوله لعائشة :" تقاتلين علياً وأنت ظالمة له " قال
شيخ الإسلام ابن تيمية :" فهذا لا يعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة ، ولا له
إسناد معروف ، وهو بالموضوعات أشبه منه بالأحاديث الصحيحة ، بل هو كذب قطعاً ،
فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال ، وإنما خرجت لقصد الإصلاح ، وظنت أن في
خروجها مصلحة للمسلمين ، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى ، فكانت
إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلَّ خمارها " .

- الثاني عشر : وليس في ذلك مخالفة لقوله تعالى { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن
تبرج الجاهلية الأولى } ، فهي رضي الله عنها لم تتبرج تبرج الجاهلية الأولى .


- والمراد بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها ، كما لو
خرجت للعمرة أو للحج .

- فخروج المرأة إن كان لمصلحة شرعية فهو جائز ، بل حتى يجوز للمرأة المتوفى
عنها زوجها أن تخرج أثناء عدتها لمصلحة شرعية راجحة .

- فقد صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من حديث جابر بن عبد الله قال :"
طُلّقَتْ خَالَتُهُ فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ إلَى نَخْلٍ لَهَا فَلَقِيَتْ
رَجُلاً فَنَهَاهَا فَجَاءَتْ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
"اخْرُجِي فَجُدّي نَخْلَكِ لَعَلّكِ أَنْ تَصَدّقِي وَتَفْعَلِي مَعْرُوفا".(
النسائي 6/210) وقال الألباني صحيح .

شبهة :


· قالوا : إن عائشة أذاعت سر رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، قال تعالى {
وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا
نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن
بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ
نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ {3} }

- الرد :


- أولاً : قد ثبت في الصحيح أن المقصود في هذه الآية هما عائشة وحفصة أمهات
المؤمنين رضي الله عنهن .

- ففي صحيح البخاري :" عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش، ويمكث عندها،
فواطيت أنا وحفصة على: أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير، إني أجد منك ريح
مغافير، قال: (لا، ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد
حلفت، لا تخبري بذلك أحدا). "

- وفي رواية :" (بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش، ول أعود له) فنزلت: {يا أيها
النبي لم تحرم ما أحل الله لك - إلى - إن تتوبا إلى الله} لعائشة وحفصة: إذ أسر
النبي " .

- ثانياً :أهل السنة والجماعة لا يحاولون طمس الحقيقة بل هذه الحادثة مدوّن في
أصح كتاب بعد كتاب الله في صحيح البخاري ، والحديث المُسَر هو تحريم رسول الله
لجاريته مارية القبطية على نفسه ، أو امتناعه عن أكل العسل عند زوجته زينب بنت
جحش رضي الله عنها .

- ثالثا: أما قولهم قوله تعالى { فقد صغت قلوبكما } يدل على كفر عائشة وحفصة –
رضي الله عنهما - ، لأن قراءتهم " فقد زاغت قلوبكما " كما ذكرها النوري الطبرسي
في فصل الخطاب ص 313 والبياضي في الصراط المستقيم 3/168 ، وقالوا الزيغ هو
الكفر .

- وهذه الدعوى باطلة أيضاً لأن الزيغ الميل ، وهذا الميل متعلق بالغيره لا غير
، والزيغ والميل في هذه المسألة والغيرة بين الضرائر ليست زيغاً عن الإسلام إلى
الكفر ، فالغيرة من جبلة النساء ولا مؤاخذة على الأمور الجبلية .

- وعائشة وحفصة رضي الله عنهما قد مال قلبيهما إلى محبة اجتناب رسول الله – صلى
الله عليه وسلم – جاريته ، وتحريمهما على نفسه أو مالت قلوبهما إلى تحريم
الرسول – صلى الله عليه وسلم – لما كان مباحاً له كالعسل مثلاً .

- رابعاً :الغيرة بين أزواج النبي حاصلة في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم –
وكان يرى ذلك ويبتسم ويقرهن على هذا ، لأن هذا من طبائع النساء ،ولم يغضب رسول
الله – صلى الله عليه وسلم – يغضب من غيرتهن ، كما في البخاري من حديث عن أنس
قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات
المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد
الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصفحة ثم
جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: (غارت أمكم) ثم حبس لخادم حتى
أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها،
وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت " .

- وكذلك غيرة سارة زوجة إبراهيم عليه السلام من هاجر عليهم السلام .

- خامساً : الله عز وجل دعاهما إلى التوبة بقوله { إن تتوبا إلى الله } ، فهما
قد تابتا ورجعا إلى الله عز وجل ، وهذا عتاب من الله لهما كما عاتب الله نبيه
وحبيبه وصفيه محمداً – صلى الله عليه وسلم – { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل
الله لك تبتغي مرضاة أزواجك } هل يقول قائل نأخذ بمفهوم المخالفة لمن فطرته
منكوسة وأفهامه معكوسة ويقول بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يبتغي مرضات
الله ، وإنما الله يربي نبيه ويربي أزواجه ويؤدبهم ويصطفيهم حتى يعلي قدرهم بين
العالمين .

- وهذا نظير قوله تعالى (وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ
إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لأَذَقْناكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ
الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَتَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً) ونظير قوله تعالى { يا
أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين } هل يقول عاقل بأن الرسول
ليس من المتقين أو أنه كان يطيع الكافرين والمنافقين .

- وكقوله تعالى لنوح { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } فهل كان نوح من الجاهلين
.

- سادساً : عائشة وحفصة رضي الله عنهما ، لو كان منهما ما يوجب الكفر لطلقهما
النبي – صلى الله عليه وسلم – فلا يجوز للمسلم فضلاً عن النبي – صلى الله عليه
وسلم – أن يمسك الكوافر ،قال تعالى { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } وأن يجعل في
ذمته الكافرات المشركات لقوله تعالى { لا هن لهن حل لهن ولا هم يحلون لهن } .


- وهذا عند السنة والرافضة قال القمي في تفسيره ( سورة الممتحنة ) عند قوله
تعالى { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } :" عن أبي جعفر قال : من كانت عنده امرأة
كافرة ، يعني على غير ملة الإسلام وهو على ملة الإسلام ، فليعرض عليها الإسلام
، فإن قبلت فهي امرأته ، وإلا فهي بريئة منه ، فنهى الله أن يمسك بعصمتها " . (
2/344) .

- فكيف يسمحون لأنفسهم بأن يقولوا أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – خالف قوله
تعالى في هذه الآية ، سبحانك ربي هذا بهتان عظيم .

- سابعاً : عائشة وحفصة مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ، فقد أخرج
الترمذي وحسنه وصححه الألباني (3/242) أن جبريل قال للنبي – صلى الله عليه وسلم
- :" إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة " وكان عمار بن ياسر – رضي الله عنه –
يحلف ويقسم بالله :" أن عائشة – رضي الله عنها – زوجة رسول الله في الدنيا
والآخرة " ( البخاري 7100) .

- أن الله تعالى أخبر عباده أن ثوابهن على الطاعة والعمل الصالح ضعف أجر غيرهن
، قال تعالى { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ
صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً
كَرِيماً } .

- ففي هذه الآية أن التي تطيع الله ورسوله منهن وتعمل صالحاً فإن الله يعطيها
ضعف ثواب غيرها من سائر نساء المسلمين ، وأعد الله لها في الآخرة عيشاً هنيئاً
في الجنان .

- قال الحافظ ابن كثير :" { نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا
لَهَا رِزْقاً كَرِيماً } أي : في الجنة فإنهن في منازل رسول الله – صلى الله
عليه وسلم – في أعلى عليين فوق منازل جميع الخلائق في الوسيلة التي هي أقرب
منازل الجنة إلى العرش " .

- ثامناً : أهل البدع والزندقة يعمدون إلى نصوص القرآن التي فيها ذكر ذنوب
ومعاصي بينة لمن نصت عنه من المتقدمين يتأولون النصوص بأنواع التأويلات ، وأهل
السنة يقولون : بل أصحاب الذنوب تابوا منها ورفع الله درجاتهم بالتوبة .

- بتقدير أن يكون هناك ذنب لعائشة وحفصة ، فيكونان قد تابتا منه ، وهذا ظاهر
لقوله تعالى { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } فدعاهما الله تعالى إلى
التوبة ، فلا يظن بهما أنهما لم تتوبا ، مع ما ثبت من علو درجتهما ، وأنهما
زوجتا نبيه في الدنيا والآخرة .

- تاسعاً : أنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة إيثاراً منهن لذلك على الدنيا
وزينتها فأعد الله لهن على ذلك ثواباً جزيلاً وأجراً عظيما قال تعالى{ يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ
سَرَاحاً جَمِيلاً (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ
أَجْراً عَظِيماً }

- ففي البخاري بإسناده إلى عائشة – رضي الله عنها – قالت :" لما أُمر رسول الله
بتخيير أزواجه بدأ بي فقال :" إني ذاكر لك أمرا، ولا عليك أن لا تعجلي حتى
تستأمري أبويك. قالت: قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك، ثم قال: " إن
الله قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ
وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ
مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } قلت: أفي هذا أستأمر أبوي، فإني أريد الله ورسوله
والدار الآخرة، ثم خير نساءه، فقلن مثل ما قالت عائشة " ( البخاري 2336) .

- فأن الله خيرهن بين الحياة الدنيا وزينتها وبين الله ورسوله والدار الآخرة ،
فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة .

- لذلك مات عنهن النبي وهن أمهات المؤمنين بنص القرآن ، والذنب يغفر ويعفى عنه
بالتوبة وبالحسنات الماحيات وبالمصائب المكفرة .

- عاشراً : أما اداعاؤهم بأن عائشة وحفصة قد سقتا السم لرسول الله – صلى الله
عليه وسلم – فإت الرد على مثل هذه الترهات عبث وإضاعة للأوقات ، ومع ذلك نقول
هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، ونطالبهم بإسناد صحيح إلى رسول الله – صلى الله
عليه وسلم – بأن عائشة وحفصة قتلتا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

- والغريب أن المجلسي يقول بأن سند هذه الرواية معتبرة ( حياة القلوب للمجلسي
2/700) والصراط المستقيم (3/168) والأنوار النعمانية (4/336-337) .

- الحادي عشر : نقول أخيرا أن أهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن الصحابي معصوم
من كبائر الإثم وصغائره ، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة ، ولهم من السوابق
والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر ، ثم إذا كان صدر من أحدهم ذنب
فيكون إما قد تاب منه ، أو أتى بحسنات تمحوه ، أو غفر له بسابقته ، أو بشفاعة
محمد صلى الله عليه وسلم ، وهم أحق الناس بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا
كفر به عنه ، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة ، فكيف بالأمور التي هم مجتهدون
فيها : إن أصابوا فلهم أجران ، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد ، والخطأ مغفور .

- ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نادر ، مغفور في جنب فضائل القوم
ومحاسنهم من إيمان وجهاد وهجرة ونصرة وعلم نافع وعمل صالح .

- يقول الذهبي رحمه الله : " فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع بينهم ،
وجهاد محّاءٌ ، وعبادة ممحصة ، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم، ولا ندعي فيهم
العصمة " . ( سير أعلام النبلاء 10 / 93 ، في ترجمة الشافعي ).

--------------------------------------------------------------------------------
[1] - ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ، 20 / 17 و 22 .
[2] - سيف بن عمر : ذكره الدارقطني في الضعفاء والمتروكين ، ص 104 ، وقال محققه
ما نصه : سيف بن عمر الضبي الأسيدي الكوفي ، مصنف الفتوح والردّة وغير ذلك ،
كان إخبارياً عارفاً ، عمدة في التاريخ وهو كالواقدي ، أمّا في الحديث فهو ضعيف
باتفاق .
[3] - ابن حجر : تهذيب التهذيب ، 4 / 296 ، والذهبي : المغني في الضعفاء ، 1 /
392 ، وميزان الاعتدال ، 2 / 255 .
[4] - ابن أبي حاتم : الجرح والتعديل ، 4 / 278 .

[5] - الذهبي : ميزان الاعتدال ، 2 / 255 .

[6] - ابن حجر : فتح الباري 6 / 420 .
[7] - انظر فتح الباري 6 / 420 وما بعدها و 13 / 58 .

[8] - أخرجه البخاري في بدء الخلق والفتن وأشراط الساعة ، والترمذي في الفتن
والمناقب ، واحمد في المسند . قرن الشمس : قال الداودي : للشمس قرن حقيقة
،ويحتمل أن يريد بالقرن قوة الشيطان وما يستعين به على الإضلال ، وقيل إن
الشيطان يقرن رأسه بالشمس عند طلوعها ليقع سجود عبدتها له . وقيل : ويحتمل أن
يكون للشمس شيطان تطلع الشمس بين قرنيه . ابن حجر : فتح الباري ، 13 / 58 .

[9] -ابن حجر : فتح الباري 13 / 58 .
[13] - شريح بن هانىء : (… – 78 هـ = … – 697 م ) بن يزيد الحارثي : راجز ، شجاع
من مقدمي أصحاب علي ، كان من أمراء جيشه يوم الجمل ، قتل غازيا بسجستان .
الزركلي: الأعلام ، 3 / 162 .
[14] - ابن حجر العسقلاني : فتح الباري ، 13 / 70 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minhaj.ahlamontada.com
منهاج السنة
لا اله الا الله محمد رسول الله
لا اله الا الله محمد رسول الله
منهاج السنة


شبهات حول عائشة وتفنيدها  Vitiligo-ae30eb86b8شبهات حول عائشة وتفنيدها  Iraqiaabc6667cb59
عدد المساهمات : 897
تاريخ التسجيل : 27/10/2012

شبهات حول عائشة وتفنيدها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: شبهات حول عائشة وتفنيدها    شبهات حول عائشة وتفنيدها  Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 07, 2012 12:03 pm


المبحث الخامس :
شبهة عدم طروء الشرك على هذه الأمة
عرض ثم رد


أراد المناوئون بشبهة عدم طروء الشرك على هذه الأمة، أن ينفوا
وقوع الشرك في هذه الأمة المحمدية، وأن ينفوا طروء الشرك على المسلمين، لأنها أمة
معصومة من ذلك، ونورد أقوالهم في ذلك – من كتبهم أو ممن نقل عنهم – ثم نتبعها
بالرد والبيان.
فنجد – أولاً – ابن عفالق يشنع على الشيخ الإمام في ذلك فيقول:
(وتنقيصه للأمة المعصومة من الضلالة المحفوظة من الغواية، فيكتم محاسنهم الجميلة
ويرميهم بالشرك الأعظم، ويجعل عبادتهم كلها لله عنده هباءً منثوراً..) ( ).
ويقول ابن عفالق أيضاً:
(وقد ثبت بالأدلة والبراهين القاطعة عصمة الأمة، ومن نفي العصمة عنهم إلى الكفر
أقرب) ( ).
ويورد سليمان بن عبد الوهاب الأدلة على عصمة هذه الأمة، فيقول:
(ومما يدل على بطلان قولكم في تكفير من كفرتموه ما روى البخاري في صحيحه عن
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من
يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وإنما قاسم والله يعطي، ولا يزال أمر هذه
الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة، أو يأتي أمر الله تعالى..).
وجه الدليل منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن أمر هذه الأمة لا يزال
مستقيماً إلى آخر الدهر، ومعلوم أن هذه الأمور.. التي تكفرون بها، مازالت قديماً
ظاهرة ملأت البلاد فلو كانت هي الأصنام الكبرى، ومن فعل شيئاً من تلك الأفاعيل
عابد للأوثان، لم يكن أمر هذه الأمة مستقيماً، بل منعكساً..) ( ).
(ومما يدل على بطلان مذهبكم ما في (الصحيحين) عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله
عليه وسلم صعد المنبر فقال: (إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخشى عليكم
الدنيا أن تنافسوا فيها.. الحديث)، وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم
أخبر بجميع ما يقع على أمته.. ومما أخبر به في هذا الحديث الصحيح أنه أمن أن أمته
تعبد الأوثان، ولم يخافه، وأخبرهم بذلك..) ( ).
ويتابع سليمان أدلته فيقول:
(ومما يدل على بطلان مذهبكم ما روى مسلم في (صحيحه) عن جابر بن عبد الله عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب
ولكن في التحريش بينهم) وروى الحاكم وصححه أبو يعلى والبيهقي عن ابن مسعود قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام بأرض
العرب، ولكن رضي منهم بما دون ذلك بالمحقرات وهي الموبقات).
أقول وجه الدلالة:
أن الرسول أخبر أن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، وفي حديث ابن
مسعود أيس الشيطان أن تعبد الأصنام بأرض العرب، وهذا بخلاف مذهبكم فإن البصرة وما
حولها والعراق من دون الدجلة الموضع الذي فيه قبر علي وقبر الحسين رضي الله
عنهما، وكذلك اليمن كلها والحجاز كل ذلك من أرض العرب، ومذهبكم أن هذه المواضع
كلها عبد الشيطان فيها، وعبدت الأصنام، وكلهم كفار … وهذه الأحاديث ترد مذهبكم) (
).
يقول القباني:
(نقول أن الأمة قد اجتمعت على تكفير من ضلل هذه الأمة، وممن نقل الإجماع علماء
الحنابلة..) ( ).
ويقول عبد الرؤوف بن محمد بعد أن ذكر حديث افتراق الأمة:
(وليس الافتراق مخرجاً عن ملته – أي الملة المحمدية -.. وما حكي خلف عن سلف أن
أحدا من الصحابة والتابعين منع أحدا من فرق الإسلام من إتيان المسجد الحرام، ولو
كانوا قائلين بكفرهم لمنعوهم من الحج..) ( )
وقد أشار الشيخ عبد الرحمن بن حسن إلى بعض الخصوم الآخرين ممن أورد هذه الشبهة،
واعترض بها على الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن
رحمه الله:
(وممن أورد هذه الشبهة عليه عبد الله المويس راعي حرمة، وابن إسماعيل في الوشم
وسليمان بن عبد الوهاب في العارض وزعموا أن الأمة لا يقع فيها شرك..) ( ).
وأورد هذه الشبهة رجل من الإحساء – زمن الشيخ عبد الرحمن بن حسن – قائلا: (يا
أيها الرجل الجاهل المعجب بنفسه لقد غويت وجهلت باعتقادك في هذه الأمة المحمدية
التي قال الله فيها (كنتم خير أمة أخرجت للناس) ( ) وقال تعالى (وكذلك جعلناكم
أمة وسطاً) ( ) أي عدلاً خيارا ً) ( ).
كما زعم داود بن جرجيس استحالة وقوع الشرك في الأمة المحمدية( ) وردد عثمان بن
منصور تلك الدعوى، فهو يرى أن هذه الأمة ليس فيها من يعمل الكفر، وأنها أمة صالحة
- كلها – من أولها إلى آخرها، ليس فيها شرك( ).
وإذا انتقلنا إلى مقام الرد والبيان، فإننا نلاحظ أن الشيح الإمام قد تصدى لتلك
الشبهة، فأزال اللبس، وأبان وجه الحق في ذلك، وحشد الأدلة والبراهين التي تثبت
وتدل على وقوع الشرك في هذه الأمة، فبوب في كتابه النفيس (كتاب التوحيد)، هذا
الباب: (باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان).
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب – في مقدمة شرح هذا الباب
-:
(أراد المصنف بهذه الترجمة، الرد على عباد القبور، الذين يفعلون الشرك ويقولون:
أنه لا يقع في هذه الأمة المحمدية وهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله،
فبين في هذا الباب من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ما يدل على تنوع
الشرك في هذه الأمة، ورجوع كثير منها إلى عبادة الأوثان، وإن كانت طائفة منها لا
تزال على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى) ( ).
وليس المقام – هاهنا – مقام تفصيل وإسهاب، حتى نذكر ما سطره الشيخ الإمام في هذا
الباب، من الأدلة والحجج في إبطال تلك الشبهة، لذا فإننا نقتصر على دليل واحد مما
ذكره الشيخ الإمام في شرحه لحفيده الشيخ سليمان بن عبد الله رحمهم الله، يقول
الشيخ الإمام:
(قوله صلى الله عليه وسلم - فيما زاده البرقاني في صحيحه – وإنما أخاف على أمتي
الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة
حتى يلحق حي من أمتى بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان..) ( ) الحديث)(
).
يقول الشيخ سليمان – شارحاً له -: (وفي رواية لأبي داود: (وحتى تعبد قبائل من
أمتي الأوثان) ومعناه ظاهر، وهذا هو شاهد الترجمة، ففيه الرد على من قال بخلافه
من عبّاد القبور الذين ينكرون وقوع الشرك، وعبادة الأوثان في هذه الأمة، وفي معنى
هذا ما في (الصحيحين) عن أبي هريرة مرفوعاً: (لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات
نساء دوس على ذي الخلصة...) إلى آخر ما قاله رحمه الله)( ).
ويرد الشيخ عبد الرحمن بن حسن – رحمه الله – على استدلال صاحب الإحساء بالآيتين
السابقتين … فيقول:
(قلت: فترك من الآيتين ما هو دليل عليه، وذلك أن الله وصف خير أمة أخرجت للناس
بثلاث صفات وهي لأهل الإيمان خاصة، وليس لأهل الكفر والشرك، والنفاق والبدع
والفسوق فيها نصيب فقال: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، فليس
المشركون والمنافقون من خير أمة .. بل هم شرار الأمة)..)( ).
ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله:
(وكل أهل الملل من اليهود والنصارى والمجوس والصابئة من أمته الذين أرسل إليهم،
وكلهم من أمة محمد، وهم أمة الدعوة … ومن لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم
يتبعه من هذه الملل الخمسة فهو في النار، كما قال تعالى: (إن الذين كفروا من أهل
الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)( ) فأخبر تعالى
أنهم في النار مع كونهم من هذه الأمة.
وأما استدلاله بقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) .. فالخطاب للنبي صلى الله
عليه وسلم وأصحابه، وهم المعنيون بهذه الآية، ومن كان مثلهم من أهل الإيمان لحق
بهم، وأما الكفار والمشركون والمنافقون فهم أعداء الأمة الوسط في كل زمان ومكان،
ولا يمكن لأحد أن يزعم أنهم من الأمة الوسط إلا مثل هذا الجاهل الذي يقول ليس في
الأمة كافر ولا مشرك …)( ).
ويبين الشيخ عبد الرحمن بن حسن جانباً من البدع والشرك والضلال الذي وقع في هذه
الأمة … مثل المرتدين في عهد الصديق، والخوارج زمن علي بن أبي طالب والقدرية،
والجهمية الجبرية، ودولة القرامطة، الذين وصفهم شيخ الإسلام بأنهم أشد الناس
كفراً والبويهيين، والعبيديين وغيرهم ( ).
وأما استدلال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب بحديث (إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون
في جزيرة العرب) على عدم وقوع الشرك في جزيرة العرب فقد أجاب على ذلك الاستدلال
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين فكان مما قاله رحمه الله:
(قال ابن رجب على الحديث: أنه يئس أن يجتمعوا كلهم على الكفر الأكبر، وأشار ابن
كثير إلى هذا المعنى عند تفسير قوله تعالى: (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) ( )
قال ابن عباس رضي الله عنه: يعني يئسوا أن تراجعوا دينكم.
وأيضاً ففي الحديث نسبة اليأس إلى الشيطان مبيناً للفاعل لم يقل أيس بالبناء
للمفعول، ولو قدر أنه يئس من عبادته في أرض العرب إياساً مستمراً فإنما ذلك ظن
منه وتخمين، لا عن علم؛ لأنه لا يعلم الغيب، وهذا غيب لا يعلمه إلا الله..، كما
أن أكثر العرب ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكثير منهم رجعوا إلى
الكفر وعبادة الأوثان، وكثير صدقوا مسيلمة في دعواه الكاذبة للنبوة، ومن أطاع
الشيطان في نوع من أنواع الكفر فقد عبده، لا تختص عبادة الشيطان بنوع من الشرك،
كما أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذه الأمة تفعل كما فعلت الأمم قبلها:
اليهود والنصارى وفارس والروم..) ( ).
وكان من جواب علامة العراق محمود شكري الآلوسي على الاستدلال بهذا الحديث أنه
قال:
(.. الحديث لا يدل على عدم وقوع الكفر في جزيرة العرب وانتفاء الإلحاد فيها، فإن
الدلالة على ذلك مما لا يحتاج في إبطالها إلى دليل .. فقد ارتد عند وفاة النبي
صلى الله عليه وسلم بعض قبائل العرب الساكنين في صميم الجزيرة العربية، حتى
قاتلهم الصديق رضي الله عنه، بعد أن حكم هو والصحابة بكفرهم. ولا يبعد أن يقال
مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الشيطان..) أن الشيطان لا يطمع أن
يعبده المؤمنون في جزيرة العرب، وهم المصدقون بما جاء به الرسول من عند ربه
المذعنون له، المتمثلون لأوامره، ولا شك أن من كان على هذه الصفة فهو على بصيرة
ونور من ربه، فلا يطمع الشيطان أن يعبده …
فوجود مثل هذا في جزيرة العرب لا ينافي الحديث الصحيح، كما لا يخفى على من له قلب
سليم وعقل رجيح، وإطلاق لفظ المصلين على المؤمنين كثير في كلام العارفين.
ويحتمل أن يراد بالمصلين أناس معلومون بناء على أن تكون (أل) للعهد وأن يراد بهم
الكاملون فيها … وهم خير المقرون، يؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم - في
آخر الحديث -: (ولكن في الترحيش بينهم).. يقول الطيـبي: لعل المصطفى صلى الله
عليه وسلم أخبر بما يكون بعده من التحريش الواقع بين صحبه رضوان الله عليهم
أجمعين. أي أيس أن يعبد فيها، ولكن يطمع في التحريش.
- إلى أن قال الآلوسي – وأنت تعلم أن الدليل متى طرقه الاحتمال بطل به الاستدلال)
( ).
وكما أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد أخبر بوقوع الشرك وحدوثه في هذه الأمة،
ووقع وحصل هذا الإخبار بما هو مشاهد عياناً، فإنه – أيضاً – أخبر بأن الله تكفل
لهذه الأمة بحفظها دينها، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على
الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله) ( ).
وأما دعوى ابن منصور في منع وقوع الشرك في هذه الأمة، فقد أبان الشيخ عبد اللطيف
بن عبد الرحمن بن حسن تلبيس ابن منصور في ذلك، فكان مما قاله:
(وبالجملة فهذا المعترض مموه بلفظ الأمة ملبس. قال تعالى في ذم هذا الصنف من
الناس (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) ( ) وهذا من أعظم
اللبس والخلط والتمويه، والأمة تطلق ويراد بها عموم أهل الدعوة ويدخل فيها من لم
يستجب لله ورسوله. وتطلق أيضاً ويراد بها أهل الاستجابة المنقادين لما جاءت به
الرسل، ومن لم يفصل ويضع النصوص مواضعها فهو من الجاهلين الملبسين) ( ).
ويكشف الشيخ عبد اللطيف عن أصل هذه الشبهة عند ابن منصور، وسبب حدوثها فيقول:
(واعلم أن هذا المعترض لم يتصور حقيقة الإسلام والتوحيد، بل ظن أنه مجرد قول بلا
معرفة ولا اعتقاد، وإلا فالتصريح بالشهادتين والإتيان بهما ظاهر هو نفس التصريح
بالعداوة، ولأجل عدم تصوره أنكر هذا، ورد إلحاق المشركين في هذه الأزمان
بالمشركين الأولين، ومنع إعطاء النظير حكم نظيره، وإجراء الحكم مع علته، واعتقد
أن من عبد الصالحين، ودعاهم، وتوكل عليهم وقرب لهم القرابين مسلم من هذه الأمة،
لأنه يشهد أن لا إله إلا الله) ( ) ويظهر جهل ابن منصور حين لم يفرق بين أمة
الإجابة، وأمة الدعوة، وقد رد الشيخ عبد اللطيف ذلك الاشتباه، فقال:
(ليس كل من وصف بأنه من الأمة يكون من أهل الإجابة والقبلة، وفي الحديث (ما من
أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار)
رواه ابن ماجة( ). وقال تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على
هؤلاء شهيداً. يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوي بهم الأرض ولا يكتمون
الله حديثا) ( ) فدلت هذه الآية على أن هؤلاء الكافرين من الأمة التي يشهد عليهم
صلى الله عليه وسلم … والأمة في مقام المدح والوعد يراد بها أهل القبلة وأهل
الإجابة، وتطلق في مقام التفرق والذم بها غيرهم. فلكل مقامٍ مقال) ( ).
وأما المنع من تكفير هذه الفرق.. فليس لأنهم من الأمة، ولكن – كما يقول الشيخ عبد
اللطيف رحمه الله -: (بل لأن التفرق قد يبقى معه أصل الإيمان والتوحيد المانع من
الكفر المخرج من الملة. ولذلك وقع النزاع في كثير من هذه الطوائف، فمن كفّر بعضهم
فهو يحتج بالنصوص المكفرة لهم من الكتاب والسنة، ومن لم يكفر فحجته أن أصل
الإسلام الثابت لا يحكم بزواله إلا لحصول مناف لحقيقته..) ( ).
ونختم هذا المبحث بما ذكره العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي توضيحاً لمقصد الشيخ
الإمام من إيراد باب (ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان) ضمن (كتاب التوحيد).

يقول السعدي رحمه الله:
(مقصود هذه الترجمة الحذر من الشرك والخوف منه، وأنه أمر واقع في هذه الأمة لا
محالة، و الرد على من زعم أن من قال: لا إله إلا الله وتسمى بالإسلام أنه يبقى
على إسلامه ولو فعل ما ينافيه من الاستغاثة بالقبور ودعائهم.
فإن الوثن اسم جامع لكل ما عبد من دون الله، لا فرق بين الأشجار والأحجار
والأبنية، ولا بين الأنبياء والصالحين والطالحين في هذا الموضع، وهو العبادة
فإنها حق الله وحده فمن دعا غير الله، أو عبده، فقد اتخذه وثناً وخرج بذلك عن
الدين، ولم ينفعه انتسابه إلى الإسلام، فكم انتسب إلى الإسلام من مشرك وملحد،
وكافر، ومنافق.
والعبرة بروح الدين وحقيقته لا بمجرد الأسامي والألفاظ التي لا حقيقة لها) ( ).



المبحث السادس
شبهة تنزيل آيات في المشركين على مسلمين
عرض ثم رد


يفتعل الخصوم شبهة أخرى، هي في حقيقتها لا تختلف عن أختها
السابقة، فيدعون أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه من بعده، قد عمدوا إلى آيات
من القرآن نزلت في المشركين، وخوطب بها الكفار – آنذاك – فحملها – أي الشيخ
وأتباعه كما يدعون – على المسلمين، فجعلوا المسلمين مثل الكفار..
هذه هي شبهتهم، مع ملاحظة أنهم يقصدون بالمسلمين – هاهنا – من يستغيث بالأموات،
ويذبح للجن، وينذر للأولياء … فهم مسلمون – على حد ظنهم – ماداموا يعترفون بأن
الله هو المؤثر، والفاعل وبيده النفع والضر..، وهم مسلمون – أيضاً – لأنهم ينطقون
بالشهادتين، ولو وقعوا في تلك الشركيات.
وسنورد شبهتهم في ذلك.. ثم نتبعها بالرد والبيان.
يشير سليمان بن عبد الوهاب إلى تلك الشبهة، فيقول – مخاطباً أنصار الدعوة السلفية
-:
(ولكن ليس هذا بأعجب من استدلالكم بآيات نزلت في الذين (إذا قيل لهم لا إله إلا
الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون) ( ) والذين يقال لهم
(أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى) ( ) والذين يقولون (أجعل الآلهة إلهاً
واحداً) ( )، ومع هذا يستدلون بهذه الآيات، وتنزلونها على الذين يشهدون أن لا إله
إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقولون ما لله من شريك، ويقولون ما أحد يستحق
أن يعبد مع الله …) ( ).
ويورد علوي الحداد تلك الشبهة فيقول:
(وأما ما استدل به من الآيات الكريمة على تكفير المسلمين كقوله تعالى (قل لمن
الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون) ( ).
وما بعدها من الآيات فهي إنما نزلت في حق الكفار المنكرين للقرآن والرسول فأي
مناسبة بين المسلم والكافر)( ).
ويدعي اللكنهوري تلك الدعوى فيقول:
(كما أن الخوارج طبقوا ما ورد في الكفّار والمشركين من الآيات على المسلمين
المؤمنين، فكذلك هؤلاء الوهابيون يطبقون سائر تلك الآيات الواردة في المشركين على
مسلمي العالم..) ( ).
ويزيد دحلان عن غيره – كعادته – الأكاذيب والشبهات، فيقول مستكثراً من تلك
الشبهة:
(وعمدوا إلى آيات كثيرة من آيات القرآن التي نزلت في المشركين فحملوها على
المؤمنين..) ( ).
ويقول في موضع آخر:
(وحملوا الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على خواص المؤمنين وعوامهم. كقوله
تعالى: (فلا تدعوا مع الله أحدا) ( ) وقوله تعالى: (ومن أضل ممن يدعو من دون الله
من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون، وإذا حشر الناس كانوا لهم
أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) ( ).. حيث حملوها على المؤمنين، وأدخلوهم في عموم
هذه الآيات) ( ).
ويقول دحلان في موضع ثالث، أثناء ذكره معتقد الشيخ الإمام:
(وتمسك في تكفير المسلمين بآيات نزلت في المشركين، فحملها على الموحدين) ( ).
وتلقف الزهاوي تلك الشبهة فرددها - كغيره - قائلاً:
(وحمل الآيات التي نزلت في الكفّار من قريش على أتقياء الأمة) ( ) ثم قالها مرة
أخرى: (فعمد إلى الآيات القرآنية النازلة في المشركين فجعلها شاملة لجميع
المسلمين) ( ).
ويرددها ثالثة فيقول: (حملت الوهابية جميع الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين
على الموحدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم..) ( ).
ويسوق محمد نجيب سوقية هذا الشبهة بأسلوبه المعتاد من بذاءة اللسان وكثافة الجهل
وانعدام الورع.. فيقول عن الوهابية:
(أما كفاها فجوراً فيما تدعيه، وتموه به على العامة من هذه الأمة بقولها أن جميع
ما جاء في آي القرآن مما كان أنزل بحق المشركين والكافرين يحملونه على كافة
المسلمين الموحدين، ليتني أدري عنهــم هل وجدوا أحداً ينسب التأثير لشــيء ما في
الوجود إلا لله وحده لا شريك له … أو يعتقد أن يكــون فاعلاً غير الله تعالى في
هذا العالم …)( ).
ويظهر في هذه الشبهة تلبيس الخصوم، وتمويههم على سواد الناس، حيث جعلوا عبّاد
القبور مسلمين موحدين، لأنهم يعترفون بأن الله هو الفاعل دون غيره، ولذا فهم
مسلمون – كما صرح بذلك (نجيبهم) سوقية !.
وقد أشار الشيخ عبد الله أبو بطين إلى خطر مقالة الخصوم، فقال رحمه الله:
(وأما قول من يقول أن الآيات التي نزلت بحكم المشركين الأولين، فلا تتناول من فعل
فعلهم، فهذا كفر عظيم، مع أن هذا قول ما يقوله إلا ثور مرتكس في الجهل، فهل يقول
أن الحدود المذكورة في القرآن والسنة لأناس كانوا وانقرضوا؟ فلا يحد الزاني
اليوم، ولا تقطع يد السارق، ونحو ذلك، مع أن هذا قول يستحي من ذكره، أفيقول هذا
أن المخاطبين بالصلاة والزكاة وسائر شرائع الإسلام انقرضوا وبطل حكم القرآن ؟) (
).
وقد تحدث الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن عن آثار هذه الشبهة فكان مما
قاله رحمه الله:
(أن من منع تنزيل القرآن، وما دل عليه من الأحكام على الأشخاص والحوادث التي تدخل
العموم اللفظي، فهو من أضل الخلق وأجهلهم بما عليه أهل الإسلام وعلماؤهم قرناً
بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، ومن أعظم الناس تعطيلاً للقرآن، وهجراً له وعزلاً عن
الاستدلال به في موارد النزاع، فنصوص القرآن وأحكامه عامة لا خاصة بخصوص السبب.

وما المانع من تكفير من فعل ما فعلت اليهود من الصد عن سبيل الله والكفر به. مع
معرفته ؟) ( ).
ويذكر الشيخ عبد اللطيف أن تلك الشبهة قد وقع فيها داود بن جرجيس فقال الشيخ عبد
اللطيف:
(ومن شبهاته قوله في بعض الآيات هذه نزلت فيمن يعبد الأصنام، هذه نزلت في أبي
جهل، هذه نزلت في فلان وفلان يريد – قاتله الله – تعطيل القرآن عن أن يتناول
أمثالهم وأشباههم ممن يعبد غير الله، ويعدله بربه)( ).
ويبين الشيخ عبد اللطيف أن هذه الشبهة من الأسباب المانعة عن فهم القرآن:
(ومن الأسباب المانعة عن فهم كتاب الله أنهم ظنوا أن ما حكى الله عن المشركين،
وما حكم عليهم ووصفهم به خاص بقوم مضوا، وأناس سلفوا، وانقرضوا، لم يعقبوا
وارثاً.
وربما سمع بعضهم قول من يقول من المفسرين هذه نزلت في عبّاد الأصنام، هذه في
النصارى …، فيظن الغر أن ذلك مختص بهم، وأن الحكم لا يتعداهم، وهذا من أكبر
الأسباب التي تحول بين العبد وبين فهم القرآن والسنة) ( ).
ويظهر الشيخ صالح بن محمد الشثري خطورة هذه الشبهة ومدى انحرافها فيقول – رداً
على دحلان -:
(فيا سبحان الله كيف بلغ اتباع الهوى بصاحبه إلى هذا الجهل العظيم، والتناقض
البين، وتحريف آيات الله المحكمات الدالة على السؤال والطلب، ويحتج بها على أنها
وردت في المشركين وأن حكمها لا يتعداهم … مع أن أحكام القرآن متناولة لجميع أمة
محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة. قال تعالى (لأنذركم به ومن بلغ) ( )
وعلى قول هذا المبطل أن حكم القرآن لا يتعدى من نزل فيه، فيقال: قد خاطب الله
الصحابة بشرائع الدين كالصلاة والزكاة والصيام والحج، وبآيات المواريث، وبآيات
الحدود، فيلزم على قول هذا المبطل أن حكمها لا يتعدى الصحابة. وهذا كفر وضلال،
فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب..) ( ).
ويوضح السهسواني – رحمه الله – صحة معتقد الشيخ الإمام في تلك المسألة، فقال:
(نعم قد استدل الشيخ رحمه الله على كفر عباد القبور بعموم آيات نزلت في الكفّار،
وهذا مما لا محذور فيه، إذ عبّاد القبور ليسوا بمؤمنين عند أحد من المسلمين …،
وإنما تمسك الشيخ في تكفير الذين يسمّون أنفسهم مسلمين، وهم يرتكبون أموراً مكفرة
بعموم آيات نزلت في المشركين، وقد ثبت في علم الأصول أن العبرة لعموم اللفظ، لا
لخصوص السبب، وهذا مما لا مجال فيه لأحد) ( ).
ومما كتبه الشيخ عبد الكريم بن فخر الدين - رداً على دحلان وغيره ممن وقع في تلك
الشبهة - قوله:
(إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فحمل آية نزلت في مشرك على مؤمن بتشبيه
به شائع ذائع، ولأجل ذلك أجرى الفقهاء حكم الكفر بالتشبه بالكفر، وقد ورد عنه صلى
الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)( ))( ).
ويقول ابن سحمان:
(فمن فعل كما فعل المشركون من الشرك بالله، بصرف خالص حقّه لغير الله من الأنبياء
والأولياء والصالحين، ودعاهم مع الله، واستغاث بهم كما يستغيث بالله، وطلب منهم
ما لا يطلب إلا من الله، فما المانع من تنزيل الآيات على من فعل كما فعل
المشركون، وتكفيره، وقد ذكر أهل العلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب،
ولكن إذا عميت قلوبهم عن معرفة الحق، وتنزيل ما أنزله الله في حق المشركين على من
صنع صنيعهم واحتذا حذوهم فلا حيلة فيه) ( ).
ويكشف محمد رشيد رضا عن كثافة جهل أصحاب هذه الشبهة فيقول:
(ومن عجائب جهل دحلان وأمثاله أنهم يظنون أن ما بيّنه القرآن من بطلان شرك
المشركين خاص بهم لذواتهم، وليس بحجة على من يفعل مثل فعلهم كأن من ولد مسلماً
يباح له الشرك لجنسيته الإسلامية، وإن أشرك بالله في كل ما عده كتاب الله شركاً،
وعلى هذا لا يتصور وقوع الردة في الإسلام، لأن من سمي مسلماً يجب أن يسمى كفره
وشركه إسلاماً، أو يعد مباحاً له أو حراماً على الأقل، وقد يعدونه مشروعاً
بالتأويل) ( ).
ويرد الشيخ فوزان السابق تلك الدعوى، فيقول:
(وأما القول بأن الآيات التي نزلت بحق المشركين من العرب لا يجوز تطبيقها على من
عمل عملهم ممن يتسمى بالإسلام لأنه يقول: لا إله إلا الله، فهو قول من أغواه
الشيطان. فآمن ببعض الكتاب وكفر ببعض لأن مجرد التلفظ بالشهادة مع مخالفة العمل
بما دلت عليه لا تنفع قائلها. وما لم يقم بحق لا إله إلا الله نفياً وإثباتاً،
وإلا كان قوله لغواً لا فائدة فيه.
فالمعترض يريد تعطيل أحكام الكتاب والسنة، وقصرهم على من نزلت فيهم، وهذا القول
يقتضي رفع التكليف عن آخر هذه الأمة) ( ).
ونختم هذه الأجوبة، بما سطره القصيمي ردا على هذه الشبهة، يقول:
(وما زال المسلمـون والعلماء والأئمة الأعلام، يستدلون بالآيات العامة النازلة في
الكفار على ما يفتون به المسلمين … وما زالوا يأخذون من تلك العموميات الحجج
والدلالات على معتقداتهم وإيمانهم، ولا خلاف عندهم أن القرآن إذا ما نهى اليهود،
والنصارى، أو المجوس عن أمر من الأمور، أو أخبر أن ذلك كفر فيهم، أنهم هم أيضاً
منهيون عن ذلك الأمر، وأنه كفر فيهم.
وقد عقد الإمام الشاطبي في أول كتابه (الاعتصام) فصلاً مبسوطاً رد به على البدع
والمبتدعين، محتجاً بعموم الآيات النازلة في أهل الكتاب، وذكر فيه أقاويل كثيرة
عن السلف من صحابة وتابعين ومن بعدهم قد احتجوا فيها بالآيات المطلقة النازلة
أصلاً في طوائف الشرك، وأهل الكتاب على إثم البدعة، وخطأ المبتدعين من المسلمين)
( ).



المبحث السابع
شبهة خروج الشيخ على دولة الخلافة


ادعى بعض خصوم الدعوة السلفية أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب
قد خرج على دولة الخلافة العثمانية، ففارق بذلك الجماعة، وشق عصا السمع والطاعة.

فيصف ابن عفالق التوحيد الذي عليه أتباع الدعوة السلفية، فيقول: (وأما توحيدكم
الذي مضمونه الخروج على المسلمين … فهذا إلحاد لا توحيد)( ) وينعتهم عمر المحجوب
مخاطباً لهم: (ووقعتم في شق العصا)( ) ونلاحظ أن ابن عابدين في حاشيته - كما سبق
ذكره - قد وصف أتباع هذه الدعوة بأنهم خوارج، وذلك ضمن باب البغاة، وهم الخارجون
عن طاعة الإمام بلا حق( ).
ويدعي دحلان أن أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب (فارقوا الجماعة والسواد الأعظم)
( )، كما يدعي الزهاوي أنهم عرفوا (بالمروق عن طاعة أمير المؤمنين)( )، وإن
كثيراً من الخصوم قد وصفوا الشيخ الإمام وأتباعه بأنهم خوارج؛ لأن من صفات
الخوارج الخروج على إمام المسلمين، وشق عصا الطاعة بمجرد وقوعه في المعاصي التي
دون الكفر الأكبر …
ونوضح ذلك بما ادعاه العاملي حيث يقول:
(الخوارج استحلوا قتال ملوك المسلمين والخروج عليهم.. وكذلك الوهابيون) ( ).
ويذكر صاحب كتاب (خلاصة تاريخ العرب)، مبحثاً لعنوان:
(المبحث السادس: في خروج الوهابية عن الطاعة) ( ).
ويدعي عبد القيوم زلوم أن الوهابيين بظهور دعوتهم قد كانوا سبباً في سقوط دولة
الخلافة.
يقول:
(وكان قد وجد الوهابيون كيان داخل الدولة الإسلامية بزعامة محمد بن سعود ثم ابنه
عبد العزيز، فأمدتهم انجلترا بالسلاح والمال، واندفعوا على أساس مذهبي للاستيلاء
على البلاد الإسلامية الخاضعة لسلطان الخلافة أي رفعوا السيف في وجه الخليفة،
وقاتلوا الجيش الإسلامي جيش أمير المؤمنين بتحريض من الإنجليز وإمداد منهم) ( ).

وقبل أن نورد الجواب على شبهة خروج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة،
فإنه من المناسب أن نذكر ما كان عليه الشيخ الإمام من اعتقاد وجوب السمع والطاعة
لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله، لأن الطاعة إنما تكون
في المعروف.
يقول الشيخ الإمام في رسالته لأهل القصيم:
(وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية
الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة
وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه) ( ).
ويقول أيضاً:
(الأصل الثالث: أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا، ولو كان
عبداً حبشياً فبين له هذا بياناً شائعاً كافياً بوجوه من أنواع البيان شرعاً
وقدراً. ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند كثير من يدعي العلم، فكيف العمل به)( ).

وصرح الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله باعتقادهم في هذه
المسألة فقال:
(ونرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية) (
).
وبعد هذا التقرير الموجز الذي أبان ما كان عليه الشيخ من وجوب السمع والطاعة
لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله.
فإننا نشير إلى مسألة مهمة جواباً عن تلك الشبهة، فهناك سؤال مهم هو: هل كانت نجد
موطن هذه الدعوة ومحل نشأتها تحت سيطرة دولة الخلافة العثمانية ؟ يجيب الدكتور
صالح العبود على هذا السؤال فيقول:
(لم تشهد نجد على العموم نفوذاً للدولة العثمانية، فما امتد إليها سلطانها، ولا
أتى إليها ولاة عثمانيون، ولا جابت خلال ديارها حامية تركية في الزمان، الذي سبق
ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ومما يدل على هذه الحقيقة
التاريخية استقراء تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية، فمن خلال رسالة تركية
عنوانها (قوانين آل عثمان مضامين دفتر الديوان) يعني قوانين آل عثمان في ما
يتضمنه دفتر (الديوان) ألفها – يمين علي أفندي – الذي كان أميناً للدفاتر
الخاقاني سنة 1018هـ الموافقة 1609م من خلال هذه الرسالة يتبين أنه منذ أوائل
القرن الحادي عشر الهجري، كانت دولة آل عثمان تنقسم إلى اثنتين وثلاثون إيالة،
منها أربع عشرة إيالة عربية، وبلاد نجد ليست معها ما عدا الإحساء إن اعتبرناه من
نجد..) ( ).
ويقول الدكتور عبد الله العثيمين:
(ومهما يكن فإن نجداً لم تشهد نفوذاً مباشراً للعثمانيين عليها قبل ظهور دعوة
الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كما أنها لم تشهد نفوذاً قوياً بفرض وجوده على سير
الحوادث داخلها لأية جهة كانت، فلا نفوذ بني جبر، أو بني خالد في بعض جهاتها، ولا
نفوذ الأشراف في بعض جهاتها الأخرى أحدث نوعاً من الاستقرار السياسي، فالحروب بين
البلدان النجدية ظلت قائمة، والصراع بين قبائلها المختلفة استمر حاداً عنيفاً)(
).
يقول الدكتور عجيل النشمي:
(إن نجداً وما جاورها لم تعرها دولة الخلافة أهمية تذكر، وربما كانت سياستها هذه
تجاه بلاد نجد لسعة أراضيها، وترامي أطرافها، هذا من جانب، ولتمكن التوزيع القبلي
والعشائري من جانب آخر..) ( )
ويقول أمين سعيد في هذا الشأن:
(ولقد حاولنا كثيراً في خلال دراستنا لتاريخ الدولتين الأموية والعباسية، وتاريخ
الأيوبيين، والمماليك في مصر، ثم تاريخ العثمانيين الذين جاءوا بعدهم وورثوهم، أن
نعثر على اسم وال، أو حاكم أرسله هؤلاء، أو أولئك أو أحدهم إلى نجد أو إحدى
مقاطعتها الوسطى، أو الشمالية أو الغربية أو الجنوبية، فلم نقع على شيء، مما يدل
على مزيد من الإهمال تحمل تبعته هذه الدول..
على أن الذي استنتجناه في النهاية هو أنهم تركوا أمر مقاطعات نجد الوسطى والغربية
إلى الأشراف الهاشميين حكام الحجاز الذين جروا على أن يشرفوا على قبائلها إشرافاً
جزئياً) ( ).
ويقول أيضا:
(وكان كل شيخ أو أمير في نجد مستقل استقلالاً تاماً في إدارة بلاده وما كان يعرف
الترك، ولا الترك يعرفونه)( ).
ويبين حسين خزعل حال نجد زمن العصر العثماني فيقول:
(ولما حلت سنة 923هـ، وظهرت الدولة العثمانية على المسرح السياسي في جزيرة العرب،
- وإن كانت الجزيرة العربية لن تشتمل بالحكم العثماني المركزي المباشر، بل اكتفت
الدولة العثمانية بالسلطة الأسمية عليها -، كان كل قطر من أقطار الجزيرة العربية
مستقلا بذاته، ولا سيما نجد، فقد كانت العصبيات فيها قائمة على قدم وساق، لكل
عشيرة دولة، ولكل حاكم من أولئك الحكام حوزته الخاصة يحكمها حكماً مطلقاً ( ).

ويقول جاكلين بيرين في ذلك:
(ولكن شبه الجزيرة العربية ظلت ممتنعة على الفتح التركي بفضل صحرائها التي هلكت
فيها عطشاً الجيوش التي وجهها السلطان سليمان سنة 1550 م) ( ).
فإذا كانت نجد - محل ظهور وانطلاق هذه الدعوة - ليست تحت سيطرة العثمانيين، فكيف
ترد هذه الشبهة ويظن أن الشيخ قد خرج على دولة الخلافة ؟.
واستكمالاً لهذا المبحث نذكر بعض جواب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
على ذلك الاعتراض، يقول الشيخ عبد العزيز:
(لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية - فيما أعلم
وأعتقد -، فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى
متناثرة، وعلى كل بلدة أو قرية - مهما صغرت - أمير مستقل … وهي إمارات بينها قتال
وحروب ومشاجرات، والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة، وإنما خرج
على أوضاع فاسدة في بلده، فجاهد في الله حق جهاده وصابر وثابر حتى امتد نور هذه
الدعوة إلى البلاد الأخرى …) ( ).
ويجيب الشيخ محمد نسيب الرفاعي على من ادعى أن هذه الدعوة حركة انقلابية المراد
منها خلع الخليفة العثماني، وإعادة الخلافة إلى العرب، فكان مما قاله:
(لم يكن ليخطر على بال الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن ينقلب على خليفة المسلمين ولا
مرّ بخاطره ذلك.. ولكن الملتفين حول الخليفة إذ ذاك من الطرقيين المتصوفة قلبوا
له الأخبار، وشوهوها، ليوغروا صدر الخليفة عليهم، وحرضوه عليهم بحجة أنهم أهل
حركة انقلابية على الخليفة نفسه، تقصد إرجاع الخلافة إلى العرب.. مع أن من صميم
عقيدة الشيخ رحمه الله التي هي العقيدة الإسلامية الحقة أنه لا تنقض الأيدي من
طاعة الخليفة القائم إلا أن يروا فيه كفراً بواحاً صراحاً، ولم ير الشيخ شيئاً من
هذا حتى يدعو الناس إلى خلع الخليفة، حتى ولو كان الخليفة فاسقاً في ذاته، إن لم
يصل فسقه إلى درجة الكفر البواح الصراح، فلا يجوز الانقلاب عليه، ولا الانتقاض
على حكمه، وأن الشرع يخالف القيام على السلطان إلا في حالات الكفر البواح الصراح،
حتى وإن الحركة – من أولها إلى آخرها – لم يكن للخليفة والخلافة أي علاقة في
الدعوة ألبتة، حتى ولما استتب لهم الأمر في نجد والحجاز، أنهم انتقضوا على
الخليفة، ولم يكن للخليفة ذكر قط في مراحل الدعوة..) ( ).
يتبين – من خلال النصّيْن السابقين – جانب من موقف الشيخ من دولة الخلافة فليس
هناك عداء أو خصومة لدولة الخلافة.
ولذا يقول الدكتور عجيل النشمي:
(نستطيع القول باطمئنان أن كتابات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس فيها تصريح بموقف
عدائي ضد دولة الخلافة.
- يقول أيضا: ولم نعثر على أي فتوى له تكفر الدولة العثمانية بل حصر افتاءاته في
البوادي القريبة منه التي كان على علم بأنها على شرك..) ( ).
بل – كما يقول النشمي – أن موقفه من دولة الخلافة هو موقف الناصح الآمر بالمعروف،
المنكر لما يخالف الشرع دون أن يتعداه إلى الصدام المسلح، بل كان يتجنبه
ويتحاشاه، كما هو واضح في موقفه من الأشراف الذين يحكمون الحجاز باسم دولة
الخلافة. ويذكر النشمي بعض الأحداث التاريخية – في زمن الشيخ – التي تثبت ما كان
عليه الشيخ الإمام من نبل الموقف، وتقدير العثمانية وإجلالها( ).
ونورد خلاصة ما كتبه النشمي في هذا الموضوع، حيث يقول:
(فكانت سياسة الشيخ وموقفه تجاه الحجاز أنه لم يؤثر عنه طوال حياته تحريض أو
استعداء أو دعوة لحربها، أو الاستيلاء عليها لشعوره أن ذلك الفعل قد يسفر على أنه
خروج على دولة الخلافة.
لم تحرك دولة الخلافة ساكناً، ولم تبدر منها أية مبادرة امتعاض، أو خلاف يذكر رغم
توالي أربعة من سلاطين آل عثمان في حياة الشيخ..) ( ).
إذا كان - ما سبق - يعكس تصور الشيخ لدولة الخلافة، فكيف كانت صورة دعوة الشيخ
محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة ؟
يقول د. عجيل النشمي مجيباً على هذا السؤال:
(لقد كانت صورة حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة صورة قد بلغت من
التشويه والتشويش مداه، فلم تطلع دولة الخلافة إلا على الوجه المعادي لحركة الشيخ
محمد بن عبد الوهاب، سواء عن طريق التقارير التي يرسلها ولاتها في الحجاز، أو
بغداد، أو غيرهما .. أو عن طريق بعض الأفراد الذين يصلون إلى الآستانة يحملون
الأخبار)( ).
وساق النشمي بعضاً من الأمثلة التي تظهر مدى التشويه وقلب الحقائق الذي ضمته تلك
التقارير، أو نقله بعض الأفراد.
ولا زالت آثار هذا التشويش، وتبديل الحقائق وتزويرها ظاهراً جلياً فيما كتب عن
تاريخ العثمانيين، ونورد مثالاً على ذلك:
يقول المؤرخ التركي سليمان بن خليل العزي:
(إن المراسلات التي وصلت إلى القسطنطينية من الشريف مسعود بن سعيد شريف مكة تبين
أن ملحداً لا دينياً باسم محمد بن عبد الوهاب، قد ظهر من الشرق، قام بضرب وإجبار
سكان تلك المنطقة لإخضاعهم لنفسه عن طريق اجتهاد زائف..) ( ) .
وأما دعوى (زلوم) أن دعوة الشيخ أحد أسباب سقوط الخلافة، وأن الانكليز ساعدوا
الوهابيين على إسقاطها.
فيقول محمود مهدي الاستانبولي جواباً على هذه الدعوى العريضة:
(قد كان من واجب هذا الكاتب أن يدعم رأيه بأدلة وإثباتات، وقديماً قال الشاعر:

وإذا الدعاوى لم تقم بدليلها بالنص، فهي على السفاه دليل
مع العلم أن التاريخ يذكر أن هؤلاء الانكليز وقفوا ضد هذه الدعوة، منذ قيامها
خشية يقظة العالم الإسلامي) ( ).
ويقول الاستانبولي:
(والغريب المضحك والمبكي معاً أن يتهم هذا الأستاذ حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
بأنها من عوامل هدم الخلافة العثمانية، مع العلم أن هذه الحركة قامت حوالي عام
1811م، والخلافة هدمت حوالي 1922م) ( ).
ومما يدل على أن الانكليز ضد الحركة الوهابية، أنهم أرسلوا الكابتن فورستر سادلير
ليهنيء إبراهيم باشا على النجاح الذي حققه ضد الوهابيين – إبان حرب إبراهيم باشا
للدرعية -، وليؤكد له أيضاً مدى ميله إلى التعاون مع الحركة البريطانية لتخفيض –
ما أسموه بأعمال القرصنة الوهابية في الخليج العربي( ).
بل صرحت هذه الرسالة بالرغبة في إقامة الاتفاق بين الحكومة البريطانية، وبين
إبراهيم باشا، بهدف سحق نفوذ الوهابيين بشكل كامل( ).
يقول الشيخ محمد بن منظور النعماني:
(لقد استغل الانجليز الوضع المعاكس في الهند للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ورموا كل
من عارضهم ووقف في طريقهم، ورأوه خطراً على كيانهم بالوهابية، ودعوهم وهابيين …،
وكذلك دعا الإنجليز علماء ديوبند – في الهند – بالوهابيين من أجل معارضتهم
السافرة للانجليز، وتضييقهم الخناق عليهم..) ( ).
وبهذه النقول المتنوعة ينكشف زيف هذه الشبهة، وتهافتها أمام البراهين العلمية
الواضحة من رسائل الشيخ الإمام ومؤلفاته، كما يظهر زيف الشبهة أمام الحقائق
التاريخية التي كتبها المنصفون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://minhaj.ahlamontada.com
 
شبهات حول عائشة وتفنيدها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شبهات حول عائشة رضي الله عنها وتفنيدها
» شبهات حول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
» شبهات رافضية حول القران
» شبهات الرافضي كمال الحيدري
» شبهات تتكرر والرد عليها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منهاج السنة للرد على الشيعة :: ۞ بَيْتُ الشُّبْهَاتِ وَالرُّدُودِ ۞-
انتقل الى: